سياسة، مجتمع

مطرح بتمصلوحت.. عفونة تزعج السكان و”تطرد” الاستثمار ورئيس الجماعة: كذب وبهتان (فيديو)

يشتكي مواطنون بجماعة تامصلوحت، بإقليم الحوز، تواجد مطرح نفايات بجانب السكان، وبقلب الحي الصناعي، الذي “غادره” مستثمرون بسبب مخلفات المطرح والروائح المنبعثة منه، خاصة بعد حرق النفايات، وفق تصاريح الساكنة.

هذه الأسباب التي دفعها رئيس جماعة تمصلوحت، عبد الجليل قربال، بالقول “كذب وبهتان”، مطالبا من يدعي ذلك بتقديم “ما يفيد في موضوع اشتغال مصنع ثانية واحدة سواء قبل إنشاء المطرح أو بعد”.

موضوع النفايات أماط اللثام عن مشروع الحي الصناعي، والذي كان المجلس الجماعي السابق هو المسؤول عليه، إذ أوضح أحد الفاعلين المدنيين بالمنطقة أنه وزّع بطرق “ملتوية وغير قانونية”، وأنه أصبح حي سكنيا بامتياز. موردا أن السبب وراء عدم تواجد ورشات ومصانع ومعامل راجع إلى “مشكل تصفية العقار، وليس مطرح النفايات المجاور له”.

البيضة والدجاجة..

الحبيب، رجل في الأربعينيات من عمره، ابن جماعة تامصلوحت، وحارس بأحد المصانع المتوقفة بالحي الصناعي، أوضح أنه منذ سنوات كان المطرح عبارة عن خطارات تلقى فيها الأزبال بالعربات المجرورة، وكان حجم الأزبال قليل مقارنة على ماهو عليه اليوم.

وأضاف الحبيب في لقاء مصور مع جريدة “العمق”، أنه بسبب كثرة الأزبال في المطرح، حتى أصبحت تلقى خارج السور، أصبحت الساكنة تعاني من أمراض ضيق التنفس وكثرة الحشرات الضارة، علاوة على الروائح الكريهة”.

الخياري مولاي عبد اللطيف، 45 سنة، ابن المنطقة، نفى بشكل قاطع في لقائنا معه بالصوة والصورة، ما سبق ذكره، وصرح “أن الحي الصناعي سابق عن مطرح النفايات، وكل قول غير هذا باطل”.

في هذا الصدد كشف رئيس جماعة تمصلوحت، عبد الجليل، قربال، أن مكان المطرح كان مزبلة قديمة قبل إنشاء الحي الصناعي، وكان مشاعا بدون سور، وكانت الرياح  تنقل الأزبال الخفيفة حتى مناطق بعيدة”.

في ذلك الوقت (2017)، يضيف قربال، أن “أعضاء المجلس الجماعي قرروا بإجماع الحاضرين (27 من أصل 29) بناء مكان خاص لتجميع النفايات، ومن ثم البحث عن سبل لنقلها لمكان آخر حسب الإمكانيات المادية”.

نقمة على البيئة والاقتصاد..

الحبيب، وهو يشكي بمرارة وحرقة، قال: “قهرتنا روائح المزبلة، ويزداد الضرر بعد حرق النفايات، وأثناء انتشار الأكياس البلاستيكية والأوراق على جنبات المزبلة ووصولها منازل الساكنة، ناهيك عن الأمراض التنفسية التي تسبب فيها المطرح”. 

ويضيف بالقول “حتى المستثمرين فروا لحال سبيلهم، بعد رؤيتهم حال الحي الصناعي، والتلوث الذي يجاوره، بل أكثر من ذلك، أحد المستثمرين الأجانب يكرر على مسامعنا كل مرة بأنه سيعرض مصنعه للبيع لأنه لا يريد الاستمرار في الاشتغال في هذا الوضع”.

ومن جهته قال مولاي عبد اللطيف، إن المطرح “فيه مضرة للساكنة لأنه يتواجد قربهم وفي منطقة عالية تنقل الرياح الروائح الكريهة إلى مركز الجماعة، إضافة إلى أنه تم إفشال الاستثمار بالحي الصناعي”.

وزاد مولاي عبد اللطيف أنه “في الوقت الذي ينتظر شباب تمصلوحت من الجماعة أن تقدم لهم خدمات وتوفر لهم فرص العمل، ها هي المحكمة الابتدائية بمراكش تغرم الجماعة لصالح أحد المستثمرين، بـ 126 مليون بسبب تواجد مطرح الأزبال بجانب مصنعه”.

حل غير كافي..

ازداد حجم النفايات حتى أصبحت متراكمة وراء سور المطرح البلدي كمرا رصدتها كاميرا الجريدة، مزبلة بكل المواصفات، كلاب ضالة تعيق مرور الساكنة، وأكياس بلاستيكية “تزين” الأراضي وروائح تزكم الأنوف وتدمع العيون.

الحبيب خلال حديثه “للعمق” قال “إن المجلس الجماعي قام مرات قليلة بنقل الأزبال إلى مطرح حربيل بمراكش، وبعدها توقفت هذه العملية”، موردا أن كمية الأزبال التي حُمّلت “أقل بكثير من التي يتم وضعها بشكل يومي، وأن العملية توقفت في الآونة الآخيرة”.

وخلال جوابه عن تحرك الجماعة لإيجاد حل لمعاناة الساكنة مع المطرح، قال رئيس جماعة تمصلوحت، لقد “بدأنا في نقل النفايات إلى المطرح الجماعي لمراكش المتواجد بحربيل رغم تكلفة التنقل، إلا أن المجلس لن يدخر جهدا في وجه ساكنة تمصلوحت والمنطقة بشكل عام”.

المعارضة على الخط..

المطرح الذي صودق على إنشائه بأغلبية الحاضرين (27 من أصل 29) من أعضاء المجلس الجماعي لتمصلوحت، اليوم، وبعد 3 سنوات، خرج بعض الأعضاء من المعارضة من باب آخر ليعبروا عن رفضهم للمطرح البلدي. 

وليد سيدي حيدة، فاعل جمعوي بتمصلوحت، أوضح لجريدة “العمق” أن مجلس الجماعة الحالي “قرر إنجاز المطرح للعمل بشكل مؤقت لتجميع الأزبال ومن ثم نقلها إلى مطرح بأغوطيم”.

وزاد سيدي حيدة، أن جماعة تمصلوحت، “قامت بالبحث عن وعاء عقاري من أجل إنشاء مطرح كبير وبعيد على الساكنة، لكن بعض الأعضاء من المعارضة، عارضوا الفكرة، وقاموا بشحن صاحب الأرض وجيرانه، فاعترضو على ذلك، ولهذا بقي المشكل مستمرا إلى أن تم الاتفاق مؤخرا مع جماعة مراكش من أجل نقل النفايات إلى مطرح حربيل”.

وفي هذا الصدد وصف الخياري مولاي عبد اللطيف، ابن المنطقة، مجلس جماعة تمصلوحت بـ”الغير المنسجم”، قائلا: “نرى أن المجلس الذي يستوجب عليه رفع الضرر غير منسجم”، مشبها ذلك بـ”أبناء طائر الحجل”.

وأضاف الخياري، أن “الأعضاء الذين صوتت عليهم الساكنة لتمثيلهم “غير متواجدين والرئيس يشغل بشكل أحادي”، محملا المسؤولية للساكنة بالقول “المشكل في غياب المنتخبين مرده إلى المواطنين الذي يصوتون على أشخاص غير منسجمين ولا يملكون وعيا لخدمة المصلحة العامة وليس مصالحهم الخاصة”.

حي صناعي/ سكني

هدوء تام وسكينة بالمنطقة وقلة حركة، كلها مؤشرات على أن الحي الصناعي المفروض أن يكون صاخبا ومزعجا، يعج باختلالات محتملة أو سوء في التدبير أو التخطيط، نظرا لانعدام أي نشاط صناعي بالمنطقة، عدا بعض محلات النجارة والحدادة البسيطة.

في هذا الصدد قال الفاعل الجمعوي بالمنطقة، وليد سيدي حيدة، أن “مشكلة اشتغال الحي الصناعي كانت منذ بداياته الأولى، مع المجلس الجماعي الذي أنجز المشروع، وأن السبب الرئيسي في عدم نشاطه راجع إلى انعدام التسوية العقارية بين المجلس والممنوح لهم الأرض، وليس المطرح كما يدعي البعض”.

وأضاف وليد، أن “هناك أشخاص قاموا بتفويت محلاتهم بطريقة غير قانونية، خرقوا فيها دفتر التحملات بين المجلس وأرباب الأراضي، وبالتالي فإن المستثمر يحتاج إلى شهادة التحفيظ من أجل الحصول على قروض من الأبناك لإنطلاقة مشروعه”.

وأوضح المتكلم أن “هناك بعض البنايات في الحي الصناعي التي تحولت إلى سكن، وبنايات أخرى مغلقة، وأغلب أصحابها قاموا بتفويت العقار إلى مضاربين عقاريين جعلوا من البنايات محلات لحفظ وتخزين السلع”.

كما طالب المتحدث من السلطات ضرورة فتح تحقيق في الموضوع ومراقبة الحالة القانونية للعقارات المتواجدة في الحي الصناعي. مشيرا إلى أن “10 بالمائة فقط من المشتغلين بالحي الصناعي اليوم هم أصحاب حرفة ومن أجلهم تم إنشاء الحي الصناعي”.

إرث ثقيل..

عبد الجليل قربال، رئيس جماعة تمصلوحت، أقر من جهته أن “هناك بعض الأشخاص يشتغلون في الحي الصناعي، وعددهم لا يتجاوز 4 إلى 5 حرفيين، وآخرين لم يسبق لهم أن اشتغلوا ولو مرة واحدة، سواء قبل إنشاء المطرح أو بعده”، متحديا إياهم بالقول “إذا كان عندهم ما يفيد اشتغالهم؛ سواء يد عاملة أو وثائق إدارية ومعاملات توضح ذلك فليتقدموا بها”. 

ودعا رئيس المجلس الجماعي، إلى ضرورة “مراجعة مشاكل الحي الصناعي منذ بدايته، والنظر في كل المحلات، سواء المشتغلة أو المتوقفة، حتى نعرف مذا هناك  ونقف على حقيقة عدم نشاط وحيوية الحي الذي نراهن عليه من أجل تشغيل أبناء المنطقة”. 

واسترسل قربال قائلا: “إن غالبية البنايات في الحي الصناعي خالية وأصحابها غير موجودين”، موردا أنه كان “يجب أن توزع الأراضي بمعايير حقيقية ومعقولة”، محملا المسؤولية “للمجالس السالفة التي أنشأت الحي الصناعي”.

قرارات لم تطبق.. 

من جهته طالب الخياري مولاي عبد اللطيف، ابن المنطقة، بتفعيل قرارات اللجنة الإقليمية التي أرسلتها عمالة الحوز في وقت سابق،  والتي لم نرى منها سوى أمر شراء “bon de commande” بقيمة 20 مليون من أجل نقل النفايات إلى مطرح مراكش، معتبرا هذا حلا ترقيعيا”.

وأوصت اللجنة الإقليمية، في محضر معاينة بتاريخ 26 شتنبر 2018، بـ “إزالة المطرح من وسط التجمعات السكنية ومنطقة الأنشطة الصناعية بصفة استعجالية، وتحويل النفايات المنزلية إلى المطرح الجماعي بمراكش وفق الإجراءات القانونية الجاري بها العمل”.

كما أوصت ذات اللجنة التي تتكون من ممثلين عن السلطات المحلية وبعض المنتخبين المحليين وموظفين وممثل عن المكتب الصحي للحوز ومندوبية الصحة، بـ “تخصيص عقار آخر بديل لهذا المطرح بعيدا عن الساكنة سواء عن طريق الكراء أو الشراء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *