ملف

“مملكة التناقضات”: لماذا يعيش الكثير من المغاربة مشردين في شوارع أوروبا؟ (ح 87)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 87: لماذا يعيش الكثير من المغاربة مشردين في شوارع أوروبا؟

في نهاية عهد الحسن الثاني في التسعينيات، وصفت الإحصاءات الرهيبة وجود مئات الآلاف من الفتيات والفتيان المشردين في المغرب. والواقع أن الفتيات لا يعشن في دور الأيتام ولا في الشوارع، للأسباب المذكورة سابقاً، على عكس الفتيان الذين يمارسون أعمالاً غير رسمية ويهيمون على وجوههم في الأحياء التي يعيشون فيها.

وهؤلاء الشباب، الذين يتعاطون للمخدرات غالباً عن طريق الغراء، هم أطفال متخلّى عنهم، أو ينخرطون في السرقة أو الاتجار بالمخدرات، أو عرض الخدمات الجنسية، بمن فيهم للسياح، يتجمعون في عصابات عنيفة. ويقدر عددهم بما بين 15000 و30000 منهم في الدار البيضاء وحدها 000 7 على الأقل، تليها طنجة ومراكش.

منذ عام 2014، وأزمة الهجرة الأوروبية الكبرى المرتبطة بالحرب في سوريا وتفكك ليبيا، كانت الفوضى في جنوب أوروبا مناسبة للعديد منهم لدخول أوروبا، وهو ما لم يفعلوا أبدا من قبل. ووفقًا للجمعيات العاملة في أوروبا، في عام 2018 أصبح ما يقرب من 20,000 مشردين في إسبانيا وفرنسا والسويد، حيث وصل ما يقرب من 1,800 منهم في السنوات الأخيرة.

وهؤلاء “القاصرين غير المصحوبين” الذين يتجاوزون في كثير من الأحيان 18 عاماً أو أكثر، يكذبون بشأن أعمارهم حتى لا يخضعوا للترحيل وعلى أية حال، على الرغم من أنهم لا يمثلون سوى جزء صغير من الهجرة غير الشرعيين في أوروبا – بما في ذلك بضعة آلاف في إسبانيا من أصل 250,000 مغربي غير رسمي– فإن قطيعة كبيرة قد حدثت.

لماذا سمحت السلطات المغربية أو المهربون، الذين تتم مراقبتهم، أو الذين يتم اختيارهم للسماح لهم بالعمل، بهذه الهجرة خارج نطاق السيطرة؟ ويدرك ضباط الشرطة والمسؤولون المنتخبون المحليون من الأندلس ومدريد وبرشلونة وباريس ورين ونانت أو ستوكهولم حقيقة هذا الوضع.

إن هؤلاء الصبية الصغار ينتقلون من مدينة أوروبية إلى أخرى، ويتواصلون مع بعضهم البعض ويسافرون سراً، ويشكلون صداعا حقيقيا لسكان الأحياء التي يتجمعون فيها، كما هو الحال في باربيس Barbès، وهو حي من أحياء شمال باريس.

هل كانت السلطات تريد تخفيف الضغط في المغرب في سياق متوتر وقت حراك الريف؟ هل استجابت للمطالب المستفزة لبعض البرجوازية المغربية التي غمرها انعدام الأمن الناجم عن وجود هؤلاء الصبية؟ هل تريد بعض عصابات المافيا استخدام هؤلاء الشباب لمصلحتها الخاصة؟ هل توجد إرادة لاستخدامهم في علاقة شد الحبل مع السويد وهولندا المتنازعتين مع المغرب؟

هذه هي الأسئلة التي طرحت منذ بروز هذه الظاهرة. ومع ذلك، منذ أن تفاوضت أوروبا في عام 2018 على صفقة 148 مليون دفعتها للمغرب من أجل السيطرة على الهجرة في العام التالي، انخفض عدد الوافدين إلى أوروبا بشكل كبير في بداية عام 2019.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *