اقتصاد

بنكيران: لا يجب أن تتحول البنوك الإسلامية إلى مجرد اسم

حذر رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، من أن تصبح البنوك الإسلامية “مجرد أشياء نسمع أنها إسلامية ولكنها ليست شيئا جديدا وليس فيه عدل أكثر”، داعيا العاملين في البنوك التشاركية إلى الالتزام بقيم “الصدق والعدل والتوازن بين المديع والمؤسسات المشرفة”.

واعتبر المتحدث أن عمق المعاملات التجارية في البنوك التشاركية بالمغرب، هو “هل ستكون مبنية على الصدق والعدل والتوازن بين المديع والمؤسسات المشرفة، أو ستكون عندنا مجرد أشياء نسمع أنها إسلامية ولكنها ليست شيئا جديدة وليس فيه عدل أكثر”.

واعتبر بنكيران خلال افتتاح المعرض الدولي للتمويل الأخلاقي والتشاركي بالدار البيضاء، مساء اليوم الأربعاء، أن “الدين قوته ليست في الأشكال ولا حتى في الشرائع، بل في القيم التي بني عليها وآمن بها وانتشر بها إلى اليوم”.

وقال إن “السوق المالي بالمغرب كان محروما من مساهمة ومشاركة شريحة من الناس، قناعاتهم الدينية جعلتهم يتخذون موقفا متحفظا من المالية العصرية ولا يتعاملون معها”، مشيرا إلى أنه لا يجب تجاهل هذه الفئة من المجتمع وتركها على هامش الدورة الاقتصادية.

وأشار إلى أنه يجب احترام القناعات الخاصة لهذه الشريحة التي ترفض الربا، لافتا إلى أن فكرة البنوك التشاركية “فكرة قديمة منذ عهد الحسن الثاني كانت طروحة ومقبولة لكنها اصطدمت بعراقيل”.

وأضاف بالقول: “ناقشت الموضوع مع إدريس جطو حين كان وزيرا أولا، وكان له تجاوب إيجابي مع هذا الكلام، لأنه في السياسة لابد من الإصغاء لجميع أطراف المجتمع والاستجابة لمطالب المجموعات حين تكون مشروعة ومعقولة”.

وتابع قوله: “هذه الفكرة تطلبت وقتا وصبرا وتفاهما بين أطراف المجتمع للوصول إلى الصواب الذي يجد كل واحد فيه مكانه، وفي نفس الوقت نحافظ على مجتمع متماسك وغير منشطر”.

رئيس الحكومة قال إن إطلاق البنوك التشاركية كان بحرص من الملك مدعوما بالمؤسسات المعنية بالموضوع في المغرب وخارجه، على رأسها ليس المجلس العلمي الأعلى، قائلا: “بعدما كتب الله أن يكون هذا الشيء، أنا سعيد أن يكون هذا الإنجاز في هذه الولاية”.

وقال في نفس الصدد: “أشكر الملك على إشرافه الحكيم بطريقة غير مباشرة على المشروع، والذي جعلنا نصل إلى هذا اليوم الذي يجد فيه الجميع، مؤسسات بنكية عادية وأبناكا أخرى تراعي مبادئ الشريعة الإسلامية وتُنفِس كربا موجودا عند شريحة من المواطنين، وستكون لها نتائج اقصادية إيجابية على الاقتصاد بصفة عامة”.

وأشار المتحدث إلى أن نتائج البنوك التشاركية سيكون لها انعكاس إيجابي ليس على المغرب فقط، بل على باقي الدول، “لأن نموذجنا السياسي غير إقصائي نعيش فيه منذ مدة طويلة، واليوم مع هذه الحكومة أصبح النموذج مركز إشعاع للمغرب”.

بنكيران اعتبر أن “هذه المسائل الإيجابية تتم بطريقة سلمية وهادئة بين مختلف الأطراف برعاية الملك الذي هو أمير المؤمنين، وسيكون المشروع (البنوك التشاركية) نافعا ليس فقط للمغرب، بل للدول العربية والإسلامية، وأنا متأكد أنه سيكون نافعا للدول الأخرى، فهذا لا نتخيله الآن، لكن الأشياء الإيجابية عندنا في المغرب اليوم، العالم كله سيأخذها منا لأنه يحتاجها”.

من جهته، أبرز الشيخ صالح كامل، رئيس مجموعة بنوك البركة ورئيس المجلس العام للمؤسسات المالية الإسلامية، السياقات الاقتصادية والاجتماعية التي أفضت إلى تأسيس هذه التجربة بالمشرق، ونقلها إلى بعض البلدان الغربية والعربية، مشددا على أن الاقتصاد الإسلامي يمتلك من المقومات ما يخول له الإسهام بقوة في تحريك عجلة الإنتاج وتحقيق التنمية المستدامة عبر العالم.

وعبر عن تفاؤله بخصوص مستقبل الأبناك التشاركية بالمغرب، وتثمينه للمسار والاختيارات التي تبنتها المملكة من أجل إطلاق هذه الأبناك، مؤكدا أن أي نظام اقتصادي لابد له من مقومات أخلاقية تسهم في ترسيخ مبادئ العدل والتشاركية والتنمية المتوازنة.

فيما حرص ممثل البنك الإسلامي للتنمية، عمر الحافظ، على تبيان المبادئ التي وضعتها الشريعة الإسلامية لتأمين المعاملات، واهتمامها بالجوانب الاقتصادية والمالية من خلال وضع التعاليم والتوجيهات التي تضمن حياة اقتصادية عادلة ومستقرة ونامية.

واستعرض ممثل المجلس العلمي الأعلى، وعضو اللجنة الشرعية للمالية التشاركية بالمجلس، أحمد آيت يعزة، من جهته، الدور الذي اضطلعت به الهيئة الشرعية من حيث إصدار أراء متخصصة بشأن مطابقة المنتجات الجديدة لمقتضيات الشريعة الإسلامية وفق مذهب الإمام مالك، مشددا على أن هذه الهيئة هي هيئة مستقلة تضم علماء من تخصصات مختلفة.

واعتبر أنه من المهم أن تشكل الأبناك التشاركية قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وأن تقدم استثمارات حقيقية، تخضع للمنافسة النزيهة، وتبتعد عن الاحتكار، مؤكدا على ضرورة ضمان تكوين شرعي للعاملين في المجال يتيح لهم الإحاطة بمقاصد الفقه الإسلامي، لا سيما ما يتعلق بفقه المعاملات وفقه البيوع.