خارج الحدود

إيران تواصل تنفيذ الإعدامات في الملاعب و”الفيفا” تتحرك

نشر موقع “سوفوت” الفرنسي تقريرا حول ظاهرة تنفيذ دول مثل إيران لأحكام الإعدام في الأماكن العامة كالساحات والملاعب، ما أثار حفيظة عديد المنظمات الحقوقية ودفع بالفيفا للتحرك وسن قوانين والضغط على الاتحاد الإيراني، لحماية حقوق الإنسان ومنع استغلال ملاعب كرة القدم لتنفيذ هذه الأحكام.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن مقاطعة نيريز الواقعة في محافظة فارس غربي إيران، شهدت في صباح يوم 22 دجنبر 2016 تجمع عدد من الناس في ملعب لكرة القدم، في هذه المدينة البالغ عدد سكانها 45 ألف نسمة. ولكن هذا التجمع لم يكن بهدف مشاهدة مباراة كرة قدم بل لحضور تنفيذ عملية إعدام في حق شخص يدعى سعيد متهم بالاغتصاب والقتل.

وأضافت الصحيفة أن المدان تم إحضاره على متن شاحنة، وكان وجهه مغطى بغطاء أسود، وتم إعدامه شنقا بشكل علني من خلال تعليقه في رافعة، في ممارسة ليست جديدة على إيران. ففي سنة 2015 حدثت 969 عملية إعدام منها 57 حكما تم تنفيذه بشكل علني، وهذه ليست إلا الأرقام الرسمية التي قدمتها السلطات الرسمية، أما الحقيقة فإنها قد تكون أكثر فظاعة.

وقد اعتبرت منظمة “كلنا ضد حكم الإعدام” الفرنسية هذه الممارسة بربرية، وقررت رفع الأمر للاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، من خلال توجيه مراسلة لرئيسها جياني أنفنتينو في شهر دجنبر، قال فيها رافاييل شونوي هازان رئيس هذه المنظمة: “إن تنفيذ عملية إعدام في ملعب كرة قدم ليس أمرا مقبولا، ولهذا قررنا إشعاركم بما يحدث، ولا يمكن للفيفا الادعاء بأن هذا الأمر لا يخصها، لو كنت أنا لاعب كرة قدم لرفضت اللعب في هذا المكان الذي تم فيه شنق إنسان”.

وأشارت الصحيفة إلى أن هنالك دولا أخرى إلى جانب إيران لا تزال تمارس عمليات الإعدام العلنية في الملاعب أو الساحات، وهي السعودية وكوريا الشمالية، بالإضافة إلى المناطق الخاضعة لحكم تنظيم الدولة، أما الصين وأفغانستان فقد قررتا التخلي عن هذه الممارسة.

ونقلت الصحيفة تعليق رافاييل شونوي هازان، الذي قال أن “إيران تقوم بفتح الملاعب أمام الرجال والنساء والأطفال والمسنين، وتقوم الشرطة بإجبار هؤلاء على الحضور ومشاهدة “العرض”، ففي الجمهورية الإيرانية لطالما كان حكم الإعدام أداة سياسية، فأغلب ضحايا هذه الإعدامات ينتمون للأقليات العرقية والدينية. وهذه رسالة موجهة للأكراد والأفغان الذين يمثلون الطبقة الكادحة، كما يتعرض للإعدام أطفال قصر أيضا”.

وأكدت الصحيفة أن النظام الإيراني يحرص على جعل هذا العرض أكثر رعبا وتخويفا للحاضرين، حيث يتم اختيار طريقة تنفيذ الحكم بحسب التهمة الموجهة. وهنالك غالبا طريقتان لتنفيذ الحكم، الأولى تتمثل في لف الحبل حول عنق المتهم ثم رميه من أعلى الرافعة فتنكسر رقبته ويموت سريعا، أما الطريقة الثانية فهي أكثر إيلاما وبطئا وتثبت أن بربرية النظام لا حدود لها، وتتمثل في لف حبل حول عنق المتهم وربطه بالرافعة ثم رفعها شيئا فشيئا، حتى تبتعد قدماه عن الأرض، وهكذا يكون الموت خنقا بعد فترة من المعاناة أكثر رعبا. وقد قامت المنظمة الفرنسية بالاتصال بالشركة اليابانية المصنعة لهذه الرافعات، والتي أكدت من جانبها أنها طالبت الدولة الإيرانية بالتوقف عن استغلال معداتها للقيام بهذا النوع من الأنشطة، ولكنها لم تجد أذانا صاغية لحد الآن.

وذكرت الصحيفة أن الفيفا استجابت للضغوط أخيرا في السادس من كانون دجنبر الماضي، وأرسلت ردها على مراسلة منظمة “كلنا ضد حكم الإعدام” الفرنسية. وقد جاء هذا الرد ممضى من الأمينة العامة للفيفا، فاطمة سمورة، التي أكدت أنها اطلعت على الحادث الذي شهدته مدينة نيريز الإيرانية، وأن الفيفا “تندد بشدة بهذا الفعل الذي يعد انتهاكا للذات الإنسانية”.

كما تعهدت الفيفا بمتابعة الموضوع وطرحه مع الاتحاد الإيراني لكرة القدم عند كل مناسبة، وأكدت أنها ملتزمة بالفصل الثالث الذي تم تجديده ضمن قانونها الداخلي، والذي ينص على أن “الفيفا ملتزمة باحترام حقوق الإنسان المتفق عليها دوليا، وهي تسعى للتعريف بهذه الحقوق وحمايتها”.

وفي المقابل عبرت المنظمة الفرنسية عن رضاها عن هذا التفاعل، وخاصة هذا الفصل الثالث الذي يمكن الفيفا من التحرك واتخاذ القرارات، وأشادت بتعهد هذا الهيكل الدولي بالاتصال بالاتحاد الإيراني لكرة القدم. في انتظار أن تترجم الفيفا أقوالها لأفعال وتقوم بفرض عقوبات على إيران، ولم لا يكون حرمان الفرق الإيرانية من المشاركة في المسابقات الدولية، بما أن القانون الجديد يخول لها ذلك. وكان الهيكل الدولي “الفيفا” قد وجه تحذيرا لإيران في أبريل 2013، فيما يخص تنفيذ عمليات الإعدام في ملاعب كرة القدم، ولكن دون متابعة هذا الموضوع بالجدية اللازمة.

وختاما تناولت الصحيفة بعض الإجراءات البديلة التي يمكن اتخاذها في حال عجزت الفيفا عن التصدي لممارسات النظام الإيراني، مثل قيام اللاعبين الأجانب بالامتناع عن إمضاء العقود مع الفرق الإيرانية، أو امتناع المنتخبات عن اللعب مع المنتخب الإيراني في المواجهات الدولية.

صحيفة “عربي 21”