وجهة نظر

في الفيمنيست الإسلامي.. المرأة والشيء السياسي

كاتب رأي

تنافح الليبرالية الجدية على ان تجعل من المرأة كائنا سياسيا، بلاهوية، وحتى سؤال الهوية يبقى بدون جدوى، في تسابق بين الذكورية في سباق التمكين السياسي ، ولذلك ستظل النسوية في نضالها ضد توحش الذكورية مستمر وفاعل ،لكن مشكل التدويل للقضية وجعلها عالمية يمكن اعتباره من إشكالات الفيمنيست بصفة عامة .

ولذلك تسعى الليبرالية ان تجعل من الانسان المعاصر أداة استهلاكية أو شيء ما اعتبره سلعة أو الة ثقافية وانجابية بالمجتمع ، ولذلك في نضاليتها تبقى النسوية ثورة ضد التشيء والقولبة للقيم والتمثلات، لكن في غياب البديل تصبح دورتها اضعف وفعاليتها في التغيير اقل .

ونحن نعيش على أجواء الانتخابات وتأثيت المشهد السياسي بالمغرب، نجد تنافسا شديدا لاقتسام الأدوار ، فالثلث النسائي يرسخ بقوة المناصفة في التمثيلية التي هي أساس الديمقراطية، والمرأة شأنها شأن الرجل تناضل من أجل اثبات دورها الأساسي في الاختيار والتصريف والتدبيرللشأن العام.

رغم مايقال فان الشأن السياسي اصبح يفرض عليه المناصفة بكل ما للكلمة من معنى،لكن سرعان ما تفرض الذكورية السياسية نفسها في تدبير الأمور بشكل يستدعي فرض هاته الهيمنة،,هي بالفعل دينامية تؤسس لما اسميه التشيء السياسي للمرأة المغربية.

وهذه من مخلفات الليبرالية المتوحشة التي تقتات على قيم الجماعة وتؤسس لثقافة الفردانية المؤثثة بسلطة مركزية القرار ،وتنشئ مجتمع الغاب الذي ينفي حضور المراة في الحياة العامة .

ومن السهل ملاحظة العلاقة بين تدهور أحوال المرأة العربية وأفول الأمل بالتغيير. ولم تكن هيئتها وجسدها خارج المعادلة، أو كما تقول سيمون دي بوفوار “المرأة كما الرجل هي جسمها. بيد أن جسمها هو شيء آخر غيرها”، أي أنه لا يمكن النظر إلى جسد المرأة بمعزل عن مفهوم الجسد السياسي، وارتباطه بالبيئة الثقافية والاجتماعية.

وعلى الرغم من الهزة التي أحدثتها فكرة كون الجسد أداة للتعبير السياسي، حين أحرق البوعزيزي جسمه ردا على ظلم حكومي في ديسمبر/ كانون الأول عام 2010، وتبعه مئات ألوف المواطنين الذين باتوا في ميادين العالم العربي يتظاهرون ويعتصمون بكيانهم الجسدي، لم تتغير النظرة إلى جسد المرأة، بل بقي من المحرمات.

والتبرير الحاضر دوماً حين يتم انتقاد النساء؛ بالخوف على قيم المجتمع والأجيال الجديدة، فتتضح هنا فكرة الخوف من الجسد الأنثوي، باعتباره مصدراً للفتنة، وهي فكرة تمتد عميقاً في القصص التاريخية باعتبار المرأة السبب وراء آلام البشرية حين أغوت آدم بأكل التفاحة والسقوط من الجنة إلى الأرض.

وإلى التاريخ أيضاً يرجع مصطلح كراهية النساء، أو بالأحرى تعود سلوكياته، وهو ما يسمى باليونانية “الميسوجينية”. ومن المهم أن نعرف أنه قادم من المصطلح اللاتيني Gynophobia أي الخوف من النساء.

ويبدو أننا اليوم نعاصر هذه النزعة التي تجمع بين كراهية النساء والخوف منهن، حتى في بلاد المغرب العربي التي طالما كانت تعيش فيها المرأة ظروفاً أكثر تحرراً من بقية الشرق الأوسط، لنجد حملة “كن رجلاً”، التي انطلقت في يوليو/ تموز، تدعو الرجال إلى مراقبة زوجاتهم وبناتهم قبل خروجهن إلى الشارع، ومنعهن من ارتداء لباس السباحة، في إغفال لإرادة المرأة وعقلها.

التشييء :هو مفهوم مركزي في النظرية النسوية ،ويعرف على أنه رؤية أو معاملة شخص ما كشيء ،وترى الفيلسوفة الامريكية مارثا نوسباوم انه يوجد سبع ميزات تدل على أن الانسان أصبح مشيئا:

يستخدم الشخص مجرد أداة وليس انسانا له هويته.
معاملة الشخص على أنه يفتقر الى الاستقلال الذاتي وتقرير المصير.
معاملة الشخص على انه مستضعف وغير قادر على انجاز مهماته.
يكون عرضة دائما للاستبدال بشيء آخر ومعاملته على هذا الأساس.
معاملة الشخص على أنه يفتقر الى الأمن الشخصي وعرضه للانتهاك في أي وقت
معاملة الشخص انه شيء ،دون قيمة ،يمتلكه شخص آخر (يمكن شراؤه أو بيعه)
حرمان الشخص من الذاتية المعتبرة من الآخرين ، أي عدم أخذ تجاربه ومشاعره بعين النظر.

يرى كانط ان التشيء ينطوي على تحجيم الشخص والتقليل من قيمته ،اذ يتحول الكائن من انسان الى مجرد (شيء)وبذلك تهدر انسانيته .

ففي السياسة، يقتات القوي على جسد الضعيف ،وتنهار القيم ،وبانهيارها تنهار الإنسانية ،ولذلك فالقضية المحورية الأولى التي يجاهد الإنسان في سبيلها بهذا العصر هي إنسانيته، وموقعه الوجودي في ظلال الحداثة التي تسلبه الجوهر وتعيد تصنيعه بما يتلاءم معها هي لا ما يناسبه هو.

وترى الدكتورة هبة رؤوف عزت أن القيمة المركزية للإنسان جعلت المسيري يعد الإنسان معيارًا لقياس التقدم الذي تدعيه الحضارة الحديثة؛ وذلك منذ عصر النهضة الذي ساهمت فيه بقوة الحركة الإنسانية وإلى عصر الحداثة وما بعدها؛ فقد جعل مفكرو عصر النهضة من الإنسان معيار المعرفة الحقيقية ومركز الفكر وغاية الفعل، ثم لم يلبث أن خرجت الحركة الإنسانية عن مسارها نتيجة فهمها المغلوط للإنسان.

فالمناصفة التي تشيئ المرأة ليست مناصفة بل هي صناعة حداثية تنميطية للمرأة، ولذلك فالنضال الحقيقي للمرأة بصفة عامة هو انخراطها بجانب الرجل وفرض رؤيتها وفلسفتها في التدبير والتعبير داخل المؤسسات سواء ترابية أو تشريعية ،اننا بهذا المنحى نتجه الى خلق جويحسم النقاش ويزيل غشاوة الاعين على مفهوم يتم تداوله بغلط وسوء فهم ،ان المناصفة انصاف للفعل الانثوي على هيمنة الذكورية المتوحشة في زمن الحداثة السائلة.

وحتى الإسلاميون لم يسلموا من ذكوريتهم في نظرتهم للمرأة ، وفي مزاحمتهم للآخر ذو التوجه العلماني او الحداثي ،حيث سقطوا في فخ الحداثة حينما توهموا ان المشاركة السياسية للمرأة هي فقط مشاركة ازدواجية بدون معيار الفعالية والذي نختبئ من خلفه في مسمى آخر الا وهو التمكين والذي لا يمكن ان يكون حقيقة الا بقطع الصلة مع أنماط انتخابية تكرس دونية المرأة في المشهد السياسي بصفة عامة.

إننا نعيش في عالم يحوِّلنا إلى أشياء مادية ومساحات لا تتجاوز عالم الحواس الخمس، وحسب المسيري فإن أدقّ وصف لهذه التحوُّلات هو مصطلح “تشيّؤ”

وهكذا بدأت الحداثة على النمط الغربي بادعاء الإعلاء من شأن الإنسان؛ إذ وضعت الإنسان في مركز الكون وتبنَّت منظوماتٍ أخلاقيةً مطلقةً تنبع من الإنسان باعتباره كائنًا متميزًا ومختلفًا عن (الطبيعة/المادة)، سابقًا عليها وله معياريته ومرجعيته وغائيته الإنسانية المستقلة عنها.

لقد اثبتت المرأة في زمن تقديري انها بدورها قادرة على فعل مغاير لما كان ،فقادت مؤسسات وحكومات وقطاعات بعينها وفرضت نفسها بكل صدق وقة وإصرار،رغم التحديات

ولكن هذه الرؤية الإنسانية تطوَّرت من خلال النسق المادي الذي يساوي بين الإنسان والطبيعة ومن خلال تصاعد معدَّلات العلمنة والترشيد الإجرائي حسب مفهوم “ماكس فيبر” وانفصال العلم والتكنولوجيا عن القيمة، وانفصال كثير من مجالات النشاط الإنساني -الاقتصاد، السياسة، الفلسفة، العلم- عن المعيارية والغائية الإنسانية إلى أن فَقَدَ الإنسان مركزيته وأسبقيته على (الطبيعة/المادة) وتحوَّل إلى جزء لا يتجزَّأ منها وأصبح هو الآخر مادة من دون مرجعية ولا غائية ولا إنسانية.

إذن فنحن نعيش في عالم يحوِّلنا إلى أشياء مادية ومساحات لا تتجاوز عالم الحواس الخمس، وحسب المسيري فإن أدقّ وصف لهذه التحوُّلات هو مصطلح “تشيّؤ”؛ أي: أن يتحول الإنسان إلى شيء، حيث تُطَبَّقُ الصيغ الكمية والإجراءات العقلانية الأداتية على الإنسان إلى أن يتساوى الإنسان وعالم الأشياء والسلع؛ فتسقط المرجعية الإنسانية وتصبح (الطبيعة/المادة) أو (السوق/المصنع) هي المرجعية الوحيدة النهائية؛ فتنتفي إنسانية الإنسان وتعمل فيه آليات التشييئ والتنميط والتفكيك.

انَّ مجتمعنا يخضع لارتجاجات فكرية تحاول المرأة من خلالها أن تعيد وضع نفسها في المكان المجتمعي المناسب والمتوافق مع القيم الأصيلة والتحولات اللازمة، ساعيةً إلى فرض نفسها بوصفها (إنسانًا/جزءًا) من المجتمع متكاملًا معه غير متمايز عنه، ومسؤولًا ملتزمًا بعقدٍ اجتماعي، ونائيًا بنفسه عن المطالبة بحقوقٍ ممسوخة، أو سرد بكائيات المظلومية والاستعباد من الجنس الآخر، وقد يغدو الطريق طويلًا وشاقًّا أمام المطرقة التي تهوي على الصورة المنطبعة قبل الثورة والانفتاح الفكري غير الحقيقي بغية هدمها.

لا سيما أنَّ تلك الصورة تُعومل معها من قبل مؤيديها والساعين إلى هدمها بطريقة غير سليمة على حد سواء، طريقة تعزز كون المرأة شيئًا أو سلعةً أو ورقة جوكر وديكور سياسي يُؤتى به لدفع التهمة.. تهمة هضم حقوق المرأة والانغلاق وجَبِّ الغيبة، سيّان بين من يطالب بحقوقٍ ترسّخ التسليع على كل الأصعدة، ومن يمنّ بحقوق خلّبية

ممّا يعني أنَّ المرأة قد تُشيّؤ سياسيًّا؛ حيثُ يرُوّج من خلالها لفكرة الانفتاح وإعطاء الحقوق، ولعل فكرة الكوتة النسائية المفروضة سياسيًّا مثالٌ واضح، ونتيجة ظاهرة للاوعيٍ مبطّن.

حتى عند المؤسسات الإسلامية فإنهم يسعون إلى اشراك المرأة لا لكفائتها، بل لأن المؤتمرات والمحافل لا ينبغي أن تخلو من امرأة، لتكون صورتهم لامعة تستقطب الرضا.

ووفق مشاهدات لشبابٍ منخرطين في العمل مع المؤسسات الإسلامية فإنه أثناء التحضير للمحافل الفكرية والسياسية، تلك التي تُصَدُّر فيها شخصيات للكلام أو الانضمام للوفود يوجّهُ فيها السؤال الدائم للقائمين على التحضير لهذه المحافل: اقترحوا علينا امرأة للمشاركة! لا: أعطونا كفئًا؛ ذلك أنه لا ينبغي أن تخلو المؤتمرات الصحفية والمحافل الفكرية والمهرجانات من امرأة محجبة عند الإسلاميين أو غير محجبة عند غيرهم، لتكون صورتهم لامعة تستقطب الرضا، وتعطي انطباعًا عامًّا وعالميًّا إيجابيًّا.

وهذا تصرّف لا يعدو كونه تسليعًا ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله المهانة الخفية، فمع محاربتهم للتسليع الإعلاني والتلفزيوني للمرأة زلّوا في مأزق تسليع لا يقل وطأة عن الأول، وقد يزلُّ الفتى خوفًا من الزلل، وربما يغدو هذا نتيجة طبيعية للتعامل مع القضية برد فعلٍ يسعى فقط إلى أن يثبت للآخر أنه المانح للحقوق والمكانة، فراحوا يقدمون المرأة لا للكفاءة والعلم وإنما لضرورة وجود امرأة أمام الكاميرات والشاشات وفي الوزارات وفي صفوف القيادات الأولى، فيأتي وصف المرأة أولًا ووصف الكفاءة ثانيا وهذا بحد ذاته تسليع جليّ.

وفي إغراق في هذا المستنقع الجدلي أكثر بتنا نشهد في الآونة الأخيرة نشاطات يقوم عليها إسلاميون، تتقدم فيها امرأة غير محجبة عريفةً لمهرجان ومديرة لندوة أو حوار؛ في محاولة إثبات حالة تقبل المخالف وإدماجه، وإرسال رسالة للآخر أننا بتنا أكثر انفتاحًا وانطلاقًا.

ومن تحت ركام هذا كله تسير المرأة إلى جانب “ديوجين” في وضح النهار تفتّش عن الإنسان فيها وعن طريق يضعها موضعها، وعن نخب تحترمها لكفاءاتها وتقدمها لفكرها وتبحث عنها لأنها هي المحور المبتغى، لا لتلميع صورة أو دفع تهمة أو ترويج يلبس ثوب الفكر وقد تعرّى في داخله من كل إرادة احترام الإنسان لإنسانيته.

طُرِحت هذه القضيّة منذ الأزل وإلى الأبد ستظل مطروحة كأكثر القضايا المؤرّقة للعقل البشري، فهي ظاهرة سرمديّة غَلب على خصالها صراع ثنائي الاستقطاب: قطب على يمين المرأة له أطروحة راديكالية ذات بعد رجعيّ في تصوّره لإمكانيات المرأة وحدود معرفتها، وقطب على شِمالها له أطروحة راديكاليّة ذات بُعد استئصالي لقِيم وأخلاقيات الحضارات السابقة. فأين نصيب امرأة القرن الحادي والعشرين من هذا الصراع؟؟

لقرونٍ عديدة تسبّب أصحاب عقلية الفتوة وذوي العقول النّصوصية الحروفيّة في تهميش المرأة المسلمة وإلغاء تعددية وجودها في المجتمعات الإسلاميّة لأنّ العقل العربي لم يكن عقلا اجتهاديا مقاصديّا، بل كان عقلا نصوصيّا لا يدور مع جوهر الدّين بل يقف عند الحُروف.

وهذا ما أدَّى إلى خلق مجتمعات ذكوريّة اختزلت وُجود المرأة في الطّواعِيّة العمياء لسِيادة الرجل الاستعبادية التي زرعت في ذهن المرأة أنها أعجز من أن تفهم، أعجز من أن تعلم وتستشرف.. طغى هذا الفكر على نمط عيش المسلمين عموما والعرب بصفة أخصّ باسم الإسلام والإسلام براء من هذا التوّجه الإقصائي..

هذا التعصّب تلاشى في المجتمعات الغربية بفضل فلاسفة التنوير الذين أسّسوا أطروحة الدّولة الحداثية التي ألقت بضلال طيّبة على مكانة المرأة في المنظومة الاجتماعية الكونيّة، لكن سرعان ما انحرف هذا الفكر مع قيام عصر ما بعد حداثيّة.. وإذا تحدّثنا على عصر ما بعد حداثيّة ستتجه عقولنا مباشرة إلى الفيلسوف الأكبر لفلسفة الظنّة والأب الروحي لهذا الفكر.. وهو نيتشه..

ومع تفشي سرطان الفكر النيتشوي في المجتمعات الغربية لم نعد نواجه أزمة التشييء القمعي والرجعي للمرأة بل أصبحنا نتحدث عن تشييئ إباحي للمرأة ومنذ خمسينيات القرن الماضي بدء نموذج المرأة الجسد يتسلل إلى بعض المجتمعات العربية في حين عملت الأخرى على الاحتفاظ بنموذج المرأة القاصر.. وإن كان الطرح الأول انغلاقيا قامعا للمرأة فإن الفكر الموازي لا يقل خطورة على الوعي البشري، فهو يختزل الأنوثة في مقومات جسدية من خلال التسويق للغة استهلاكية تجاه المرأة كأن يتم اختصار حرية المرأة في الجسد المباح وكل من يعارض هذا الفكر فهو متطرف خارج عن سياق العصر..

النسوية والاعتقال الهوياتي

عانت المرأة من الاسر والسبي والخطف لقرون ، حيث كانت تعاني من اضطرتهن الظروف ان يقعن في شباك الاسر والرق ،ومنهن من كن داخل حياة رغدة لكنها تحت القهر والاستعباد اما كونهن جواري في زمن الصحاري ،حيث كانت القوة الذكورية متوحشة في الافاق.

وبنفس المنوال في زمن العولمة أضحت النظرة العامة للمرأة ككائن اقتصادي ، تجده في الماركات العالمية مثل مشروب الكولا للتسهيل لعملية الاستهلاك والهضم السريع ،وغدت النظرة الليبرالية الاستعمارية هذا المسعى في ان أصبحت المرأة شيء اقتصادي او كائن اقتصادي يساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية وجني الأموال والارباح من عمليات خيالية .

لذلك فالنظرة الغربية للمراة رغم انها في الظاهر هناك حرية واعتراف لكنها تبقى اكثر استغلالا وبشاعة في التعامل الذكوري من طرف مؤسسات اقتصادية تهدف في اول الامر وآخره الربح ، فعامل الربح هذا نتيجة وليست سببا او هدفا مقصدي ،لذلك تغيب الاخلاق والافكار والمشاعر والمثل والقيم ،وتصبح المراة في زمن العولمة الاقتصادية مجرد ديكور بلا روح ولا غاية ولاهدف ،وبعدها يأتي مشهد اخراجها الى السوق الاستهلاكية الواسعة بمختلف ماركات العالم .

اذا كانت اهداف التنمية المستدامة حقيقة ، فانها بحاجة الى نضال مؤسساتي حقيقي نتصالح مع ذاتنا وتاريخنا ، كما ان الاعتراف بالمساواة كمبدأ وكهدف ، يبقى غاية الغايات ،ولذلك حري في عالم المساواة والحرية ان نتحدث عن المساواة كحق عام ،تنتج عنه ممارسات فضلى واعتراف وتشريعات تراعى فيه حق المرأة في الاختيار والتعبير والمشاركة ،ولذلك فمبدأ المساواة هو اطار للحياة ونموذج في العيش والاعتراف الجمعي بين مكونين ،أساسيين المرأة والرجل .

هذا الاعتراف ينتج عنه قطيعة مع الذكورية المتوحشة الاقصائية ونمط قولبة المعايير والمثل الاستهلاكية التي تجعل المراة شيء اقتصادي فارغ من كل قيم وتمثلات جمعية ، انها عملية ليست سهلة ،في زمن بعيد عن الاعتراف للنسوية في الوجود والوظيفة والقدرة على التغيير،انها بقدر حاجتها للنضال الحقيقي لاخراج حقها في الوجود ،بقدر حاجتها الى النضال والوقوف حتى تنزيل هاته الغايات.

ففي الأنظمة الطوطالية المتزمتة والتي تفرض قيود على الحريات وتنعدم فيه ظروف الحياة السياسية ، وترتهن الى الممارسات المتوحشة في السياسة والاقتصاد، تكون حالة المرأة كالرجل بل هي اكثر حظا في القهر والاعتقال الهوياتي لكل نفس يحيي النفس وتلقى جميع الأنظمة الشمولية تعيش حالة من الفصامية في الخطاب والممارسة ،وتتأثر بها انظمتنا وسياساتنا وبرامجنا وخططنا ،ونكون مجرد أشياء وأدوات في يد هاته الانساق الشمولية .
ويبقى نضال الفيمنيست مستمرا باستمرار توحش الذكورية رغم خطابها الممزوج بنوع من الملاطفة الجانبية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *