وجهة نظر

همسة في أذن “الفرانكوفونيين”

في أذن (الفرانكوفونيين) أهمس تصريح (الزعيم الروحي) للفرنكوفونية الرئيس الفرنسي “فرونسوا ميتران” إثر انتهاء أشغال القمّة ( الفرنكوفونية) بباريز : ” إنّ وضعية اللّغة الفرنسية في العالم هي الهمّ الرّئيسي و يجب أن تكون كذلك …إنّها لحرب عصابات دائمة في المحافل الدولية و كلّما علمت أنّ اللّغة الفرنسية لم تُستعمل في مؤتمر معيّن يُفترض أن استعمال الفرنسية فيه إجباري … إلّا ووجّهت توبيخات قاسيّة ما أمكن لمن لا يحترمون عقدتنا ، و عندما أسمع أنّ ممثّلين لفرنسا نسوا أن يتكلّموا بالفرنسية فإنّ ذلك سيثير حنق كلّ من يحبّون بلادهم و لغتهم ، إنّ على الذين يرتكبون هذا النوع من الأخطاء الخطيرة أن يقتنعوا بأنّهم سيتحمّلون عواقب ذلك في حياتهم المهنيّة ” الاتحاد الاشتراكي عدد 28أبريل 1994- الفرقاني محمد الحبيب .

فقد صادقت الحكومة الفرنسية يوم 23 فبراير 1994 على قانون “توبون” رقم 94-665 – 4 أغسطس 1994 الذي يهدف إلى حماية اللغة الفرنسية وتراثها، ويتركز على ثلاثة أهداف رئيسية هي إثراء اللغة والالتزام باستخدام اللغة الفرنسية ، والدفاع عن الفرنسية باعتبارها اللّغة الرسمية للجمهورية ، كما ينصّ على إلزامية استعمال اللّغة الفرنسية في الاتّصالات و المناقشات العمومية و في كلّ وسائل الإعلام السمعي البصري و في مختلف الإشهارات و في جميع الأندية و المؤسّسات العمومية و حدّد القانون غرامة مالية لكلّ مخالفة …

أهمس في أذن (الفرانكوفونيين) المغاربة دونما إثارة : قد حكم عليكم الزّعيم “ميتران” أنّكم لا تحبّون بلادكم حين قرن بين حبّ البلاد و حبّ اللّغة ، أو ربّما تحبّون (بلادكم) كجزء من فرنسا أو بعبارة أدقّ تحبّونها كمستعمرة فرنسية لأنّها لا ترضاكم جزءا منها إنّما معينا تأخذ منه دون حساب ، فهلّا أحيت فيكم النخوةَ العربيةَ هذه الغيرةُ على اللّغة الفرنسية ؟؟ و قد وصف الرئيس التكلّم بغير الفرنسية نسيانا دون عمد بالأخطاء الخطيرة ، و لا شكّ أنّه لو تعلّق الأمر بتيّار كما هو الحال في وطننا لكان حكم عليه بالخيانة .

في أذن المتبجّحين باللّسان الفرنسي في النّدوات و الملتقيات و الأعمال الفنيّة و البرامج التلفزيّونية أهمس بالسؤال : كيف تتمسّحون بمن لا يلقي إليكم بالا و لا اهتماما ؟؟ و أدعو الدّاعين إلى الانفتاح أن ينفتحوا على هذا الخُلق الذي هو عدم التفريط في لغة الوطن ، و المحافظة عليها بالترغيب و الترهيب كذلك كما فعلت فرنسا (القدوة) ، فلا حجّة إذن للقائل إنّ التشبّث باللّغة و الدّين رجعية و ظلامية مادامت فرنسا فعلت ذلك ، بل و صدر الفعل عن الرئيس الفرنسي الذي توسّل إلى تحقيق إلزامية استعمال اللّغة الفرنسية بالتهديد بالغرامة و غيرها من العقوبات التي قد تمسّ الحياة المهنيّة للشّخص المعني بالأمر .

ملحوظة : همستي هذه سبق أن نشرتها بصحيفة الراية (المغربية) عدد 107- بتاريخ 7ربيع الأول 1415 الموافق 16 غشت 1994 و أعيد نشرها بتصرّف.