سياسة

في خطاب الوداع.. العثماني يتحدث عن “نكسة 8 شتنبر” ويعتبر حصيلة البيجيدي “قوية ومشرفة” (فيديو)

تحدث سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن موقفه من نتائج الاستحقاقات الانتخابية لـ8 شتنبر 2021، والهزيمة المدوية التي مُني بها حزب “المصباح، والجدل المثار حول حقيقة استقالة الأمانة العامة للحزب، معتبرا أن البيجيدي قدم حصيلة قوية ومشرفة خلال تسييره للشأن العام طيلة 10 سنوات.

جاء ذلك خلال كلمة له في الجلسة الافتتاحية للدورة الاستثنائية للمؤتمر الوطني لحزب العدالة والتنمية، صباح اليوم السبت، بمقر رئاسة المؤتمر بمجمع مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، وهي الكلمة التي أثارت جدلا داخل المؤتمر باعتباره كانت غير مدرجة في برنامج الاجتماع.

وقال العثماني إن المؤتمر الاستثنائي يأتي في “سياق دولي مضطرب عنوانه الأبرز تراجع الاهتمام بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، وسياق إقليمي عنوانه الأبرز إقفال قوس الحراك الديمقراطي ومحاصرة القوى التي تمخضت عنه والعمل من أجل عرقلة وتفكيك التجارب الانتقالية بالمنطقة”.

وأضاف أن هذا المؤتمر ينعقد في سياق سياسي وطني عنوانه الأبرز ما أفرزته العملية الانتخابية من نتائج غير منطقية وغير معقولة، ولا تعكس، الخريطة السياسية والإرادة الحرة للناخبين، وتشكل إضرارا بتجربتنا الديمقراطية وبما راكمته بلادنا من مكتسبات في هذا المجال، وفق تعبيره.

ويرى العثماني أن إفراز الأغلبيات على مستوى الحكومة والجماعات “نتجت عنه من بعض المظاهر المسيئة للديمقراطية المغربية ولصورة ومصداقية مؤسساتنا المنتخبة. كل ذلك يؤكد ما عبرنا عنه من أن النتائج المعلنة كانت ولا زالت تطرح تساؤلات لا أجوبة سياسية منطقية لها، وتفرز تداعيات وارتباكات برزت منذ الأيام الأولى لتعيين الحكومة”.

استخلاص الدروس

واعتبر المتحدث أن “المرحلة تحتاج للتداعي الجماعي من أجل قراءة موضوعية تستجمع جميع المعطيات الذاتية والواقعية التي تمكننا من استنتاج الخلاصات الموضوعية لهذه الاستحقاقات. كما أن ذلك سيمكننا من تحديد حجم مسؤولياتنا الذاتية، التي لا شك أنها موجودة ولا يمكن إنكارها أو التهرب منها”.

وأضاف بالقول: “كما ستمكننا من التحديد الموضوعي لحجم التدخلات العابثة بالعملية الانتخابية والمتلاعبة بإرادة الناخبين والمتغاضية عن الاستعمال الكثيف للمال الانتخابي المشبوه وكافة آليات الإفساد الانتخابي”.

وتابع أن “القيام بهذا التمرين الجماعي سيمكننا من استخلاص الدروس اللازمة مما وقع يوم الثامن من شتنبر، وما يترتب عنه من تقييم صريح ونقد ذاتي حقيقي لتجربتنا وما يمكن أن ينتج عن ذلك من مراجعات وتجديد واسعين لمشروعنا الإصلاحي”.

ومن الأسئلة التي لا يمكن أن نتجاوزها في هذا المقام، ماذا حدث يوم الثامن من شتنبر؟ وكيف حصد حزب العدالة والتنمية هذه النتائج الانتخابية غير المتوقعة وغير المنطقية؟ وهل حقيقة فشل حزب العدالة والتنمية في الحفاظ على موقعه في المشهد السياسي والحزبي أو أنه قد أُفشل؟، يسترسل العثماني.

ويرى العثماني أن تحمل قيادة الحزب للمسؤولية لا يقتضي بالضرورة إقرارا ضمنيا بأن النتائج التي نُسبت للحزب طبيعية أو عادية. مضيفا: “حتى لو سلمنا جدلا بفرضية التصويت العقابي، فإن ذلك يفترض أن هذا التصويت لن يتوجه إلى فاعل حزبي واحد بل يلزمه أن يشمل مختلف مكونات الأغلبية الحكومية، وهو ما لم يقع”.

كما أن منطق التصويت العقابي، يتابع قوله، “يقتضي أن تتجه أصوات الناخبين لفائدة أحزاب سياسية تتصدى للتطبيع أو تناصر اللغة العربية أو تقف ضد ما وصف بـ ” قانون فرنسة التعليم”، وهي أمثلة نوردها باعتبار ما أثارت هذه القضايا الثلاث من نقاش. والواقع غير ذلك تماما”.

عوامل الانحدار

وفسر العثماني نتائج الانتخابات الأخيرة، في 5 عوامل أساسيةن تتعلق بـ”عبء ارتدادات الخريف الديمقراطي المسنود من بعض القوى الإقليمية المناهضة لمخرجات حراك الشعوب والمتموقفة سلبا من مشاركة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في تدبير الشأن العام”.

ثم ثانيا “عبء المسؤولية الذاتية للحزب في تحصيل هذه النتائج بسبب ما يمكن أن يكون قد وقع فيه من أخطاء أو ارتباك في التدافع السياسي من خلال مواقعه التدبيرية، فضلا عن اضطراب خطابه وسلوكه السياسيين في بعض اللحظات وما نتج عن ذلك من خلافات داخلية، كثير منها تم تناقله خارج مؤسسات الحزب في خرق للقواعد التي جرى العمل بها داخل الحزب”.

وفي العامل الثالث، أشار العثماني إلى “ما قررته الأمانة العامة من تحمل المسؤولية على المضي في خيار المشاركة في هذه الانتخابات رغم ظهور مؤشرات واضحة على استهداف الحزب والتحكم المسبق في نتائجها، وتحمل المسؤولية في عدم تقدير أن استهداف الحزب كان يمكن أن يذهب إلى حدّ إحداث تغيير جذري غير منطقي في الخريطة السياسية.فضلا عن ضعف مقاومة الحزب للحملات الموجهة ضده خصوصا في الجانب الإعلامي”.

كما دعا إلى “عدم إغفال الإضرار الكبير الذي لحق الحزب بسبب مظاهر التنازع التنظيمي وتأثيرها على صورة الحزب ومتعاطفيه، خاصة ما يتعلق بالإخلال أحيانا بنهج التدبير المؤسساتي للخلافات، وما استهلكه من طاقات وجهود لاحتوائه، بل شكل في مناسبات عديدة مواد خام للمتربصين بالحزب وللإعلام المناوئ للضرب فيه وفي أبنائه”.

ثم في العامل الخامس الذي اعتبره حاسما، ذكر العثماني ما أسماه “حجم الخروقات والاختلالات التي شهدتها الانتخابات، سواء ما تعلق بالتعديلات التراجعية التي طالت القوانين الانتخابية، أو ما ارتبط بالتشطيبات والتسجيلات المكررة للوائح الانتخابية، أو الاستعمال الكثيف للمال، أو التلاعب بالمحاضر وعدم تسليم بعضها (…) وغيرها من أشكال الإفساد الانتخابي التي أفضت إلى إعلان نتائج لا تعكس حقيقة الخريطة السياسية والإرادة الحرة للناخبين”.

“ليسنا دكانا انتخابيا”

ويرى العثماني أن التراجع الانتخابي للحزب بناء عن النتائج المعلنة للانتخابات الأخيرة، قد ساء العديد من بنات وأبناء الحزب والمتعاطفين معه والمقتنعين بنهجه الإصلاحي وخطه النضالي. وقد يكون كثير منهم قد تلبس به بعض الإحباط واليأس من العمل السياسي أو التنافس الانتخابي.

وأضاف: “غير أني أريد أن أتوجه إلى كل هؤلاء، ومن خلالهم إلى عموم المواطنين، لأقول إن العمل السياسي في عرف حزب العدالة والتنمية لا يقتصر على اللحظة الانتخابية، وأن قيمة كسبه لا تتوقف عند حجم المقاعد البرلمانية التي قد يحوزها في هذه الانتخابات أو تلك، على أهمية ذلك ودروره في الإصلاح والتدافع السياسي”.

وشدد على أن حزب العدالة والتنمية “ليس مجرد دكان انتخابي يلجأ إليه البعض برسم كل استحقاق، كما هو حال كثير من الأحزاب للأسف الشديد. بل هو مشروع إصلاحي كبير، وحزب سياسي حقيقي ينظر إلى العمل السياسي والالتزام الحزبي في أبعادهما المختلفة وأدوارهما الشاملة”.

وقال إن الحزب خلال هذه الخمسة وعشرين سنة الماضية، بما فيها العشر سنوات الأخيرة التي تحمّل فيها مسؤوليات تدبيرية كبيرة، قد تسنى له الإسهام في العديد من الإصلاحات النوعية، وما نتج عنها من مكتسبات مشهودة للوطن والمواطنين.

وأشار إلى أن الحزب خلال ولايتيه الأولى والثانية “استطاع أن ينجز إصلاحات جوهرية توقف عندها الملك، في خطابه بمناسبة افتتاح الولاية التشريعية الحالية بكثير من الإنصاف والتنويه”.

كما ساهم الحزب، حسب المصدر ذاته، في ترشيد الممارسة الحزبية، من خلال النهوض بمختلف المهام المسنودة، ديمقراطيا ودستوريا، إلى الأحزاب السياسية. أو من خلال الحرص على استقلالية المؤسسة الحزبية وسيادية القرار الحزبي، والالتزام بقواعد الديمقراطية الداخلية واحترام حرية التعبير عن الآراء والأفكار والتقديرات والاجتهادات، والالتزام بقرارات المؤسسات.

وساهم أيضا، يقول العثماني، في تجديد تجربة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، من خلال تقديم نموذج واقعي لحزب ظل وفيا لتوجهاته المذهبية ناهض بأدواره الإصلاحية في انسجام مع خصوصيات محيطه التاريخية والاجتماعية، وبتفاعل سلس ضمن النسق السياسي بتدرج وواقعية وإيجابية.

وخلص إلى أن تتبع المسار الطويل والممتد لحزب العدالة والتنمية، يجعل المرء يقف عند تجربة سياسية مغربية متميزة لحزب إصلاحي وطني كابد ظروفه السياسية والتنظيمية في أفق أن يكون واحدا من القوى المنخرطة في مختلف جهود الدمقرطة والتنمية والعدالة.

واعتبر العثماني أن المؤتمر الاستثنائي يشكل “فرصة لإعادة قراءة المسار واستئناف الانطلاق بإصرار واستبصار، من خلال الاعتزاز بالدور الذي اضطلع به حزب العدالة والتنمية خلال مساره الطويل خدمة للوطن والمواطنين وخدمة للمصالح العليا للمغرب وجعلها فوق المصلحة الحزبية. وكذلك التأكيد على أن ثقتنا في وطننا لن تتغير”.

وقال إن الحزب “سيظل ثابتا على خيار المشاركة الفاعلة والإيجابية في الحياة السياسية من مختلف المواقع، وأنه سيواصل القيام بأدواره السياسية والنضالية من أجل استكمال البناء الديمقراطي والدفاع عن الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية لعموم الشعب المغربي، بعزم وقوة وصمود”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *