وجهة نظر

ابن كيران هو السبب.. !

لا أحد من أكثر المتشائمين كان يتوقع الهزيمة المدوية والقاسية لحزب العدالة والتنمية في إنتخابات 08 شتنبر التي حصل فيها على 13 مقعدا برلمانيا بشكل غير مسبوق وغير متوقع بعدما كان يتوفر على 125 مقعدا، ولمحاولة فهم أسباب هزيمة حزب المصباح و التراجع الكبير في نتائج الإنتخابات الأخيرة، لابد من العودة قليلا إلى الوراء من أجل معرفة أسباب وصوله إلى السلطة سنة 2011 وأسباب تشبث وتزايد تقة الجماهير بهذا الحزب في 2016 .

الكل يعرف أن صعود “الإسلاميين” أو الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية إلى السلطة جاء بعد الثورات التي عرفتها البلدان العربية أو ما يصطلح عليها بثورات “الربيع العربي” وأعطتها تلك الدفعة التي كانت تحتاجها للوصول إلى المشاركة في السلطة والمساهمة في التدبير السياسي و قيادة حكومات بلدانها كما هو الشأن في المغرب بعد حراك 20 فبراير الذي دفع ملك البلاد إلى القيام بتعديلات دستورية موسعة ثم إجراء إنتخابات تشريعية منحت لحزب العدالة والتنمية الصدارة وجعلته على رأس الحكومة المغربية برئاسة عبد الإله ابن كيران.

ظهر الحزب قويا وعلى إستعداد لقيادة البلاد بتماسكه التنظيمي وبقوة شعاراته و أطروحته السياسية و كذا بخطابه السياسي الكبير الذي جعل الجماهير الشعبية تلتف حوله وتدعمه من أجل تحقيق امالها وإنتظاراتها، كما أنها ظهرت للحزب مكامن قوة كبيرة تمثلت في القيادة أو فيما بات يعرف ب “الزعامة البنكيرانية” التي جمعت كل مقومات الزعامة من كاريزما سياسية جديدة وقوة تواصلية غير معتادة والتدبير الجيد للحزب بالموازة مع التدبير الحكومي المميز و بطرق إقناع المواطنين بكل ما يقوم به من إصلاحات وما يتخده من قرارات.

فبرزت زعامة بنكيران بشكل كبير في هذه الولاية نظرا لوضوح خطابه وصدقه مع جماهيره الشعبية، حيث تبين للجميع أننا كنا في حاجة ماسة إلى زعامة سياسية تقود معركة الإنتقال الديمقراطي ومعركة الإصلاح في الوقت نفسه، وهو ما جعل الإرتباط به كزعيم سياسي يزداد يوما بعد يوم، ويزداد دعمه ومساندته والدفع به سواء من داخل الحزب وقواعده أو من خارجه بعدما تزايد عدد المتعاطفين والمساندين من كل فئات المجتمع حتى يكون في الصفوف الأمامية المدافعة والمقاومة والمفاوضة أيضا في كل محطة من المحطات الصعبة التي كان يوضع فيها الحزب، فتبين فيما بعد أنه من المؤكد بعد دعم الشعب وإحتضانه لك تصبح لديك قوة من الصعب أن تهزمها اي قوة كيفما كانت وهذا مايفسر نتائج إنتخابات 07 أكتوبر 2016 التي أعطت المركز الأول لحزب العدالة والتنمية بقيادة ابن كيران بفارق كبير، وهو ما أزعج بعض الجهات التي ستتحرك فيما بعد، فيما بات يعرف بمرحلة ما سمي ب “البلوكاج” لإزاحة ابن كيران من قيادة الحكومة.

ابن كيران هذا الزعيم السياسي لم تصنعه النخب السياسية ولا الثقافية ولم تصنعه لا المواقع ولا الإعلام، لقد صنعه الشعب المغربي و كل من لامس صدقه ونيته في النضال والإصلاح وإهتمامه بقضايا وهموم الشعب والوطن، وبالتالي جزء كبير من الشعب المغربي هو من تعاقد مع الزعيم عبد الإله ابن كيران ولم يتعاقد مع غيره من قيادة الحزب فهو من كان يخرج في نهاية كل أسبوع ليتواصل مع المواطنين ويصول ويجول في كل مدن المغرب شمالا وجنوبا شرقا وغربا ويجتمع حوله في كل خرجاته و مهرجانته حشود غفيرة وغير مسبوقة من المواطنين، بفضله بدأ الكل يفهم الشأن السياسي وما يقع في البلاد، ويناقشون القضايا السياسية والقرارات الحكومية، حتى أن الجلسات الشهرية في البرلمان كانت تحظى بمتابعة كبيرة لم يسبق لها مثيل من طرف المواطنين والمواطنات من مختلف المستويات.

فكان من اللافت أن يتشكل عقد فريد من نوعه بين ابن كيران والجماهير الشعبية بشكل تلقائي نادرا ما يحدث هذا التعاقد إلا إذا كنت “معقول” كما يقول المغاربة اي أنك صادقا و واضحا و ملتزما و تمتلك فعلا مقومات الزعامة الحقيقية، حتى لا تتراجع عن مواقفك وعن وعودك وعن المبادئ التي عرفوك بها في أقرب فرصة، و رغم كل الصعوبات والعرقيل والظغوطات التي واجهها مند توليه رئاسة الحكومة سنة 2011 فالنتيجة كانت واضحة وطبيعية في 2016 وكان من طبيعي أيضا أن يحافظ على العقد الذي بناه ووقعه بشكل تلقائي مع الشعب المغربي ليبقى صامدا و ملتزما ووفيا مع جماهيره خصوصا بعد البلوكاج الشهير الذي دام لأكثر من 5 أشهر إلى حين إعفائه، الإعفاء الذي جاء هنا بطعم الإنتصار له ولجماهيره.

من هنا أصبح الزعيم ابن كيران رمزا لخط وفكر سياسي كبير عُرف بأخلاق سياسية رفيعة قل نظيرها في الزمن السياسي المغربي الحديث، فما يجب إستعابه الان و التحذير منه هو أنه لا أحد اليوم في الحزب قادر على تعويض ونهج هذا الخط وهذه الروح والأخلاق السياسية الرفيعة لعبد الإله ابن كيران التي عُرف بها خصوصا في هذه المرحلة الصعبة التي يمر منها حزب المصباح، ومن يدعي ذلك فهو واهم أو يتظاهر علينا، إما عن قصد أو عن غير قصد ويجب مواجهتهم بهذه الحقيقة والقول لهم عليكم أن تعترفوا أولا بإخفاقاتكم في تدبير المرحلة الحكومية السابقة و بالإعتراف أيضا بالمساهمة في إضعاف القوة التنظيمية للحزب وعدم الإسراع في إيقاف النزيف وإصلاح الأعطاب التي بدأت تنتشر داخل الهيئات، و ثانيا بتقديم الإعتذار للمناضلين ولعموم المتعاطفين إن لم أقل عموم الشعب المغربي بإعتبار أن هذا الحزب حزب للشعب الذي كان يعقد عليه امالا كبيرة خصوصا د الفشل الذريع في الحفاظ والدفاع عن المبادئ المؤسسة للحزب والتي يتشاركها ويتقاسمها معه .

للاسف لم تنتبهوا إلى أخطائكم ولا إلى تحذيرات مناضليكم وقواعد الحزب الذين تم إعتبارهم “قاصرين” سياسيا، ولم تستمعوا إلى نبض الشارع الذي كان يحذركم وينبهكم دائما، وبهذا يكون معكم قد إنتهى الكلام في هذه المرحلة.

عبد الإله إبن كيران ظاهرة سياسية لا تتكرر دائما، فابن كيران كان هو السبب نعم كان سببا رئيسيا في كل ما وقع للحزب من تراجعات وما حصل عليه من نتائج قاسية في النتائج الأخيرة بالنظر إلى غيابه أو بالأحرى إلى تغييبه عن الحزب طيلة هذه الولاية، ورجعوه لقيادة الحزب من جديد بدون شروط وقرارات الأمانة العامة المستقيلة أصبح أمرا ضروريا ومطلبا لعموم أعضاء وقواعد ومتعاطفي الحزب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإرجاع الحزب إلى سكته الصحيحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *