خارج الحدود

الخارجية الفلسطينية تحتج رسميا على قرار وقف تمويل لجان العمل الزراعي

نددت السلطة الفلسطينية بقرار حكومة هولندا، القاضي بوقف تقديم الدعم المالي لإحدى المؤسسات الفلسطينية الستة التي صنفتها حكومة الاحتلال في وقت سابق بـ «الإرهابية»، وعبرت عن خشيتها بأن يتبع هذا القرار هجوم إسرائيلي واسع على الأنشطة التنموية في المناطق المصنفة «ج».

واستدعت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، الاثنين، ممثل هولندا لدى دولة فلسطين «كيس فان بار»، لإبلاغه برسالة احتجاجٍ رسمية على قرار الحكومة الهولندية بوقف تمويل اتحاد لجان العمل الزراعي الفلسطيني، الذي صدر قبل خمسة أيام، كما أسفت وزارة الزراعة الفلسطينية من الخطوة الهولندية واعتبرتها تناقضا مع دعم الحقوق الفلسطينية.

وعبّرت وكيل الوزارة أمل جادو عن صدمة واستياء القيادة الفلسطينية تجاه قرار الحكومة الهولندية بوقف تمويل اتحاد لجان العمل الزراعي بشكل نهائي، والذي من شأنه أن يؤثّر سلبا وبشكل مباشرٍ على عشرات الآلاف من الأُسَر ذات الدخل القائم على الأنشطة الزراعية، وآلاف الدونمات الزراعية في المناطق المهددة بالاستيلاء عليها، والمصنفة «ج»، رغم أن نتائج التحقيق الذي أجراه الفريق الاستشاري الهولندي، المكلف بهذا الخصوص، كانت مخرجاتها لصالح الاتحاد، حيث لم يُدِن الفريقُ الاتحادَ، وعليه لم يُثبت الفريق الاستشاري أيّا من الادعاءات الإسرائيلية الكاذبة والملفّقة ضد الاتحاد وعمله.

وأكدت أن قرار الحكومة الهولندية يستجيب لحملات تحريض مؤسسات اليمين الإسرائيلي المتطرف الممنهجة ضد الاتحاد خصوصا، والمجتمع المدني الفلسطيني عموما، حيث إن هذه الادعاءات تهدف بشكل علني إلى إسكات صوت المجتمع المدني الفلسطيني، وتعطيل عمله من خلال ادعاءات زائفة، خاصة تلك المؤسسات الأهلية الكبرى التي تقدم الخدمات في المناطق المصنفة «ج»، والتي تسعى إلى تحسين الظروف الحياتية لشريحة مستهدفة من المزارعين الفلسطينيين، الذين يعانون من هجمات المستوطنين المتكررة، ويتعرضون لاعتداءات من جيش الاحتلال بشكل يومي.

كما طلبت جادو الحكومة الهولندية بالتراجع الفوري عن هذا الموقف المنحاز والظالم، وإلغاء قرار إنهاء التمويل، والذي يشكل سابقةً خطيرةً في تقويض عمل مؤسسات المجتمع المدني، والتي تعد جزءا لا يتجزأ من النسيج الوطني في تعزيز صمود وبقاء الفلسطينيين في أرضهم ووطنهم، في مواجهة الاحتلال وممارساته العدوانية والاستيطانية، والمخالفة لجميع الأعراف والقوانين الدولية.

وأعربت وزارة الزراعة عن أسفها لقرار الحكومة الهولندية، واعتبرته «تجاوبا مع التحريض الإسرائيلي الممنهج» ضد عمل ودور الاتحاد ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في فلسطين.

وأكدت وزارة الزراعة أن من شأن هذا القرار أن «يفتح الباب على مصراعيه أمام الاحتلال الإسرائيلي لأوسع هجوم على الأنشطة التنموية التي يستفيد منها آلاف الفلسطينيين في المناطق المسماة (ج)»، لافتة إلى أن هذا الأمر يتناقض مع التوجه الدولي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني بالسيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وفي ذات الوقت، أكدت وزارة الزراعة الفلسطينية أن اتحاد لجان العمل الزراعي تعد جمعية مرخصة بموجب القانون الفلسطيني وواحدة من أهم مؤسسات المجتمع المدني العاملة في القطاع الزراعي.

وقالت إنها «شريك أساسي في تنفيذ استراتيجية القطاع الزراعي»، داعية الحكومة الهولندية إلى إلغاء قرارها بإنهاء التمويل لاتحاد لجان العمل الزراعي.

وسبق وأن عبر اتحاد لجان العمل الزراعي عن استيائه وأسفه الشديدين تجاه القرار الهولندي الذي وصفه بـ«الصادم» وقال «بهذا القرار الهام، فإن الحكومة الهولندية لا تتخلى فقط عن الاتحاد، بل تتخلى عن المجتمع المدني الفلسطيني ككل وتصبح مشاركا في التضييق عليه».

وقال «يعتبر هذا القرار المرة الأولى التي تنهي فيها حكومة مانحة تمويلها للمجتمع المدني الفلسطيني على أساس الشروط السياسية»، وأضاف «من خلال اتخاذ الحكومة الهولندية هذه الخطوة، فإن هولندا تسيء لسمعتها كمانح موثوق ولمكانتها كدولة تقوم على القيم السامية وكدولة تستضيف وتعزز القانون الدولي».

وأشار إلى أنه ضاعف خلال السنوات الأخيرة من أنشطته الاستراتيجية لحماية الأراضي الفلسطينية المهددة بالضم والمصادرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وقال «لذلك كان هدفًا لحملات التحريض الإسرائيلية التي تحاول بكل الطرق والإمكانيات ربطه بالإرهاب».

وأوضح اتحاد لجان العمل الزراعي، أنه رغم شعوره بالقلق من أن التحقيق الهولندي قد يغذي مثل هذه الحملات، قرر دون تردد التعاون مع هذا التحقيق، بناءً على ثقته في الحكومة الهولندية، والتي كانت لسنوات طويلة من أهم الجهات المانحة الرئيسية لاتحاد لجان العمل الزراعي.

وقال في رسالة إلى البرلمان الهولندي، إن «الصلات الفردية بين اتحاد لجان العمل الزراعي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعدم الانفتاح في هذا المجال من جانب اتحاد لجان العمل الزراعية؛ هي سبب كافٍ لعدم تمويل أنشطة اتحاد لجان العمل الزراعية».

لكن اتحاد العمل الزراعي فند الادعاءات، مؤكدا أنه لم يثبت في التحقيق أي روابط مالية بين الاتحاد وأي جهات سياسية خارجية أو غير سياسية، وأن الاتحاد لا يخضع لسيطرة أي جهة أياً كانت وأنه مؤسسة مستقلة تماما تتمتع بأنظمة مالية وإدارية قوية وشفافية عالية، وأنه لا توجد مؤشرات على أن أعضاء مجلس الإدارة والموظفين في الاتحاد استخدموا مناصبهم لصالح أي جهات خارجية، كما أكد أنه لا يوجد أي مؤشرات على أن أي تمويل هولندي قد وصل إلى جهات خارجية أو لغير الأهداف المخصصة له.

وقال إنه سينظر في الخطوات القانونية للطعن في هذا القرار الذي وصفه بـ «المنحاز وغير العادل» الذي اتخذته الحكومة الهولندية والذي يفتقر إلى «الحد الأدنى من الأسباب التي توجب مثل هكذا قرار»، وأضاف الاتحاد «في هذه الساعات الحرجة، ندعو المانحين الآخرين إلى الحفاظ على علاقاتهم مع الاتحاد وإلى زيادة دعمهم لاتحاد لجان العمل الزراعي وجميع مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني».

وقد عبر الاتحاد الأوروبي عن «صدمته وحزنه» إزاءه القرار الهولندي، واصفاً إياه بأنه «مدفوع باعتبارات سياسية».

وفي إسرائيل رحبت وزارة الخارجية بالقرار الهولندي، والذي جاء مستندا لادعاءات وزارة الجيش الإسرائيلية في أكتوبر من العام الماضي.

وقد أصدر وزير الجيش في نوفمبر أمرا عسكريا يمنح الجيش تصريحا بملاحقة 6 مؤسسات فلسطينية «وإغلاق مقارها»، بعد اعتبارها «منظمات إرهابية»، مستندا بذلك إلى أنظمة الطوارئ، الصادرة إبان الانتداب البريطاني لعام 1945.

جلسة الحكومة

في سياق قريب، عقدت الحكومة الفلسطينية جلستها المنعقدة اليوم الإثنين، في محافظة أريحا والأغوار، من أجل بحث احتياجات المحافظة، وسبل توفير الإمكانيات لتعزيز صمود المواطنين في أرضهم.

وقال رئيس الوزراء محمد اشتية في كلمته بمستهل جلسة الحكومة الـ(142) «قدمنا لمحافظة أريحا خلال العامين الماضيين مشاريع تنموية، خلال انعقاد مجلس الوزراء في فصايل في العام الأول للحكومة، ومستعدون لتقديم المزيد من الدعم للمزارعين في هذه المحافظة، ولمربي الثروة الحيوانية، لتمكينهم من تطوير عملهم، وحماية أرضهم، ومزارعهم، والبقاء في مساكنهم».

وأشار إلى زيادة في مساحة الأراضي المروية قد طرأت بالمحافظة وزراعات جديدة مثمرة، وشق وتأهيل طرق زراعية، واستصلاح وتأهيل أراضٍ زراعية أخرى وخلق فرص عمل دائمة، وبلغ عدد المستفيدين من تلك المشاريع حوالي 3 آلاف مزارع ومزارعة، ودعم مربي الثروة الحيوانية في التجمعات البدوية في المحافظة والأغوار، وتوزيع وحدات لتصنيع الألبان عليهم، وبذار علفي، إضافة إلى المئات من المستلزمات الزراعية.

وفي شأن آخر، أكد رئيس الوزراء أن الحكومة تتابع مع جميع الجهات والمنظمات الحقوقية الدولية الحالة الصحية الصعبة للأسير ناصر أبو حميد، الذي يعاني من مرض السرطان، مطالبا بالضغط على إسرائيل للإفراج الفوري عنه، محملا سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياته.

وأدان اشتية عرقلة سلطات الاحتلال لأعمال الترميم والصيانة في المسجد الأقصى المبارك، ومحاولاتها بسط سيطرتها على المسجد من خلال انتزاع صلاحيات الأوقاف الإسلامية التي ترعى شؤونه، والسماح لغلاة المتطرفين باقتحام ساحاته وانتهاك حرمته.

وحذر من محاولات إسرائيل تنفيذ خمسة مخططات استيطانية جديدة في مدينة القدس المحتلة، لتشمل بناء أكثر من ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة، وهو ما يستدعي تدخلا دوليا لوقفه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *