أدب وفنون

رومانسية المجوهرات .. عرض أبرز المشاهد الرومانسية المعروفة بالأحجار الثمينة

تنقلنا ” فوربس الشرق الأوسط ” في رحلة استثنائية لاستكشاف صيحة جديدة في عالم الروماسنية، وهذه المرة في عالم المجوهرات.

في دار المجوهرات العالمية Van Cleef and Arpels لا تزال قصص الحب تعني الكثير، وهو الأمر الذي يسعى “نيكولاس بوس”، الرئيس العالمي والرئيس التنفيذي، جاهدًا للمحافظة عليه .

فراشاتٌ ذهبيةٌ مرصَّعة بالأحجار الكريمة اللامعة، وأشكالٌ راقصةٌ من الذهب والبلاتين والألماس، وقطعٌ مليئة بالحب في أشكالٍ من الطيور المُرصَّعة بالجواهر، حتى بالنسبة للمتهكمين المتشائمين، من الصعب عليهم عدم التأثُّر برومانسية مجوهراتVan Cleef and Arpels .

تتوافق كل هذه المجوهرات مع هوية المكان وقصة الحب التي جمعت بين ابن قاطع الأحجار وابنة تاجر الأحجار الكريمة، فلولا هذه القصة ما كان هناك وجودٌ لدار المجوهرات التي نراها اليوم والتي نشأت في البداية في ميدان فاندوم بفرنسا . تزوجت إستيل أربلز بألفريد فان كليف عام 1895، ومن هنا نشأت شركتهما التي تحمل اسميهما معًا، ممهدةً الطريق أمام رواية القصص عبر صناعة الساعات والمجوهرات الفاخرة لأكثر من قرنٍ من الزمان . واليوم، تمتلك العلامةَ عملاقُ السلع الفاخرة السويسرية ( Richemont ) إلا أن التاريخ والرومانسية والقصص الخيالية لا يزال صداها يتردد من فرنسا حتى شواطئ الشرق الأوسط، ونيكولاس بوس يعمل جاهدًا للحفاظ على ذلك .

يقول الرئيس العالمي والرئيس التنفيذي لشركة ( Van Cleef & Arpels ): ” أنا حريصٌ على وجود قصةٍ وموضوعٍ قوي لكل مشروع وكل مجموعة، فنحن نستلهم تصميماتها من الطبيعة والعناصر الثقافية من الأدب والفن إلى المسرح والباليه “. ومن بين المجموعات الأخيرة التي أطلقتها العلامة مجموعةٌ مستلهمةٌ من قصة شكسبير الشهيرة روميو وجولييت، والتي تضم قطعتين من الحُلي على شكل الحبيبين بألوان الأبيض والأصفر والوردي الذهبي، والمُزين بالطلاء الأسود اللامع والياقوت والأحجار الكريمة الملونة وأحجار السبيسارتين، واللازورد والجواهر الصفراء والبيضاء .

وتغنينا هذه المجموعة الكبيرة من الأحجار الكريمة والمعادن النفيسة عن التنويه بأن مجوهرات ( Van Cleef and Arpels ) باهظة الثمن، مع تحقيق قطع العلامة المميزة في المزادات أسعارًا تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات، ففي عام 2018، بيعت مجموعةٌ مرصَّعة بالجواهر مكونة من عقد وقرطين على شكل سحَّاب مقابل 575 ألف دولار في دار ( Christie s ) للمزادات بلندن، بينما بيع دبوس زينة ” بروش ” من الألماس والياقوت والزمرد على شكل راقصة بالية مقابل 422 . 5 ألف دولار في نيويورك عام 2009 .

يقول أندرو براون الرئيس التنفيذي لمنصة شراء الجواهر والساعات الفاخرة والألماس ( WP Diamonds ): ” تُعد معظم قطع مجوهرات ( Van Cleef and Arpels ) من السلع المرغوبة عالية القيمة، وعادةً ما يُعاد بيعها بسعرٍ أكبر من أي علامة مجوهرات أخرى . وقال خبير المجوهرات : ” إذا توقفت العلامة عن إطلاق مجموعةٍ أو قطعةٍ معينة، تزيد قيمة ندرتها ما يجعل سعر القطعة يتجاوز سعرها الأصلي، على سبيل المثال، قد يصل سعر العقد اللازوردي ( Lapis Lazuli Alhambra ) الذي يضم 20 قطعةً إلى ما يتراوح بين 45 ألفًا إلى 50 ألف دولار، رغم أن سعر التجزئة المقترح من المُصنع في البداية كان حوالي ثُلث هذا المبلغ “.

وبالطبع، العوائد المتأتية من إعادة البيع لا ترجع إلى مقر شركة ( Richemont ) ، التي تحقق هي الأخرى أرقاماً كبيرة، إذ أن مبيعات المجوهرات في شركة السلع الفاخرة، التي تمتلك أيضًا علامتي ( Cartier ) و ( Piaget ) ، وصلت إلى 7 . 9 مليار دولار في السنة المالية الأخيرة، بزيادة نسبتها % 10 مقارنة بالعام الذي سبقه . يقول ( بوركهارت غراند – Burkhart Grund ) ، المدير المالي لشركة ( Richemont ) خلال مكالمات الأرباح : ” فيما يتعلق بالجواهر، حافظنا على النمو عبر المجموعات الشهيرة، بجانب تقديم قطع المجوهرات الجديدة . وأشار إلى مجموعة ( Frivole ) لعلامة ( Van Cleef and Arpels ) كمثالٍ لذلك، فمن ضمن مجموعة المجوهرات المستوحاة من أشكال الزهور، يستطيع المرء شراء القلادة المصنوعة من الذهب الأصفر والألماس مقابل 1850 دولارًا، بينما يمكن للأفراد الآخرين الذين يستطيعون إنفاق المزيد من الأموال، شراء القلادة المصنوعة من الذهب الأبيض والألماس المزينة بتسع زهور رقيقة مقابل 62 ألف دولار .

والسؤال المطروح هنا، رغم أن أشكال الزهور الرقيقة تجذب العملاء من جميع أنحاء العالم، فهل إضافة اللمسة العصرية على القطع المستلهمة من قصص شكسبير أو من تصميمات الفن الزخرفي ” آرت ديكو ” من شأنها إثارة إعجاب الأفراد فيما يتجاوز حدود أوروبا الغربية والولايات المتحددة؟ بالنسبة للرئيس التنفيذي الفرنسي، الإجابة هي : نعم . يقول بوس : ” أحب اختيار الموضوعات التي لديها أبعادٌ ترتبط بالثقافات المختلفة “. من وجهة نظره، رغم أن قصة روميو وجولييت نشأت من المسرح الغربي إلا أن القصة تتضمن معاني عالمية . وعلى أي حال، يشير بوس إلى أنه من الخطأ الافتراض بأن العملاء يهتمون فقط بالقطع التي تعكس ثقافتهم . ويقول : ” أحيانًا، يكون الأمر على غير المتوقع، فأنا أتذكر القطع المستوحاة من الفن الياباني، فهي لم تحظَ بتقدير الأفراد من آسيا فقط، بل حظيت بتقدير العملاء من أمريكا والشرق الأوسط “. مجوهرات ( Van Cleef and Arpels ) متعددة الثقافات تشكل جزءًا من سوق المجوهرات العالمي الذي قُدرت قيمته بنحو 278 . 5 مليار دولار في عام 2018، والذي من المتوقع أن يشهد نموًا هائلًا في الفترة الممتدة إلى 2025، وفقًا للتقرير الصادر من شركة الأبحاث السوقية ( Grand View Research ). وخلال هذه الفترة، من المتوقع أن ينمو سوق الشرق الأوسط والسوق الإفريقي مجتمعان بمعدل نموٍ سنويٍ مركب نسبته % 8 .

ولكن في عالم المجوهرات، لا يقتصر النمو على القيمة السوقية وحدها، حيث يعتقد بوس أن الأذواق في الشرق الأوسط أصبحت أكثر تنوعًا وتعقيدًا، مع ظهور جيلٍ جديدٍ من مستهلكي الشرق الأوسط الذين بدأوا في الابتعاد عن الذهب الأصفر التقليدي، متجهين نحو أنواع المجوهرات الأخرى من الأشكال العصرية والقديمة . بوس، الذي انضم إلى شركة ( Van Cleef & Arpels ) ، كمدير تسويقٍ دوليٍ قبل 19 عامًا، يوضح لنا قائلًا : ” قبل 15 عامًا، لم يهتم سوى القليل من الأفراد في المنطقة بالقطع التراثية، ويرجع ذلك لأسبابٍ ثقافيةٍ وتاريخية، الذهب الأبيض لم يكن مقدرًا لديهم في السابق، حيث كان يهيمن الذهب الأصفر على السوق . أما اليوم فقد أصبح هواة جمع المجوهرات يتمتعون بثقافةٍ كبيرةٍ بشأن القطع التاريخية “. هذا التغيير في الأذواق يصادف تركيز علامة ( Van Cleef and Arpels ) المتزايد على منطقة الشرق الأوسط، وفقًا لبوس الذي يؤكد ذلك قائلًا : ” أصبحت بالفعل سوقًا رئيسية، ونحن نعتبرها كذلك ” ، ويعني ذلك إنشاء العلامة هيكلًا مخصصًا وفرق عملٍ جديدةٍ معنيةً بسوق الشرق الأوسط، تضع في اعتبارها الاختلافات والفروق الدقيقة في المنطقة . كما أخذت العلامة قصتها وبراعتها الحِرفية إلى الشواطئ العربية مع إطلاقها مدرسة ( Van Cleef and Arpels ) الخاصة لصناعة المجوهرات، التي تحمل اسم ( L Ecole des Arts Joailliers ) ، في دبي لأول مرة عام 2017 . المستهلكون هذه الأيام، لا يرغبون في تعلم المزيد عن عملية صناعة المجوهرات فقط، لكنهم مستعدون لإنفاق الآلاف من الدولارات لمعرفة ما إذا كانت هذه المعادن النفيسة والأحجار الكريمة التي يشترونها جاءت من مصادر أخلاقيةٍ أم لا . وهو الأمر الذي يأخذه بوس على محمل الجد، فكان أول من اعترف بأن القطاع لا يزال أمامه شوطٌ كبيرٌ ليقطعه .

ويوضح : ” نحن نعلم من أين نشتري ونعلم من أين تأتي الأحجار، ولكن عندما تنظر إلى الحجر، لا يمكنك إثبات مصدره بطريقةٍ علمية . وفي الوقت الحالي، نحن نحاول جاهدين على العمل مع الآخرين في القطاع لإرساء القواعد والإجراءات لمتابعة ذلك، إلا أنه لا يزال أمرٌ في طور الإنجاز حتى الآن “. وبالرغم من ذلك، فقد تقدَّم القطاع كثيرًا مقارنةً بأيام الألماس الدامي، التي يقول أنها أصبحت ذكرياتٍ من الماضي .


ويبقى السؤال، بالنسبة للألماس الذي لا يزال متأثرًا بتاريخه المُظلم، أليس من الأفضل التخلي عنه نهائيًا؟ هل يحمل الألماس حقًا هذا القدر من القيمة الجوهرية؟ يقول بوس مبتسمًا بشيءٍ من السخرية : ” هذا سؤالٌ صعب، كما أنه يحمل بعضًا من الفلسفة أيضًا “. وبالرغم من ذلك، فإن رجل الأعمال الباريسي صاحب الـ 47 عامًا لديه ردٌ على مسألة القيمة الجوهرية للألماس حيث يقول : ” الألماس يعتبر من المواد التي اقترنت بالقيمة العالية لوقتٍ طويل، لا أعتقد أنه يوجد شيءٌ أكثر نقاءً منهم . كما أنني اعتقد أنه عندما تنظر إلى قطعةٍ استثنائية من الألماس، فأنت لا ترى أموالًا ورقية، بل ترى شيئًا مذهلاً بالفعل ينقلك إلى عالمٍ مختلف”

وهذا ما حاولت دار ( Van Cleef and Arpels ) تحقيقه منذ عام 1906 . بدءًا من قصة حبٍ وضعت حجر الأساس لدار المجوهرات، وصولًا إلى القصص ” الشكسبيرية ” ، والقطع المُرصَّعة بالجواهر المستلهمة من الزهور والنباتات، التي شكلت كل خطوةٍ فارقةٍ من إرث العلامة الذي امتد لقرن من الزمن . دار ( Van Cleef and Arpels ) لم تُمكِّن عملاءها من الغوص في عالم الخيال فقط، بل جعلتهم يرتدونه بفخرٍ أيضًا

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *