الأزمة الروسية-الأوكرانية .. ماذا يعني غياب المغرب عن التصويت على قرار الجمعية العامة؟

قررت المملكة المغربية عدم المشاركة في التصويت على قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يدين روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، اليوم الأربعاء، رافضة تأويل قرارها، مشيرة إلى أن موقفها بخصوص الحرب بين روسيا وأوكرانيا واضح ومبدئي.
وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يطالب روسيا بالتوقف فورا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا، وذلك بموافقة 141 دولة واعتراض 5 دول وامتناع 35 بلدا آخر من بين بين 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة، فيما غابت 13 دولة عن التصويت من بينهما المغرب.
ويرى محللون سياسيون، أن عدم مشاركة المملكة في التصويت، هو قرار سيادي، ويدخل في إطار احترام الوحدة الترابية والسيادة والوحدة الوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهو ما سبق أن عبرت عليه وزارة الخارجية المغربية في بلاغ سابق، مؤكدين أن موقف المغرب يتسق مع عقيدته في السياسة الخارجية.
نهج دبلوماسي متوازن
وفي هذا الإطار، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، خالد يايموت، في حديث مع جريدة “العمق”، الموقف المغربي بشأن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير، ترجمة دبلوماسية للموقف السابق المعلن بتاريخ 26 فبراير 2022.
ويقوم الموقف المغربي، بحسب يايموت، على مبدأ عدم المس بالوحدة الترابية للدول الأعضاء في الأمم المم المتحدة؛ وعلى أساس فض النزاعات الدولية بالطرق السلمية، مبرزا أن الامتناع عن التصويت يثبت إرادة الاستقلالية وعدم الدخول في صراع محاور أنتجه الغزو الروسي للأوكرانية.
وشدد المحلل السياسي المذكور، على أن “هذه الإرادة المعبر عنها بالغياب عن التصويت، هو نهج دبلوماسي متوازن للدفاع عن المصالح السياسية للمغرب سواء تعلق الأمر بوحدته الترابية، أو المصالح الاقتصادية والسياسية”.
حياد إيجابي
من جانبه، يرى عبد الفتاح الفاتحي مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، أن المغرب قد اتخذ موقفا متسقا مع عقيدته في السياسة الخارجية ألا وهو الحياد الإيجابي من الأحداث الدولية الكبرى. وبذلك يكون قراره قرارا سياديا لا يمكن تفسيره على أنه اختلال استراتيجي ومنسجم مع مبادئ القانون الدولي وسلامة ووحدة الدول.
وأضاف الفاتحي، ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن المغرب يتمسك بمبدأ عدم استخدام القوة لتسوية النزاعات بين الدول ويشجع جميع المبادرات والإجراءات التي تعزز التسوية السلمية للنزاعات، مبرزا أن “الموقف المغربي السيادي هذا وحيث إنه يجنح إلى الدبلوماسية والحوار لحل النزاعات الدولية، فإنه لا يسيء إلى مواقف حلفائه الاستراتيجيين ولا إلى مبادئ القانون الدولي طالما أن المملكة منخرطة في قضايا الدعم الإنساني بشكل مستدام من خلال المشاركة الفعال في برامج الأمم المتحدة المعنية”.
رفض للعبة المحاور
وزاد مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، قائلا: “وحيث إن المملكة المغربية كانت ترفض على الدوام لعبة المحاور والاصطفاف فإنها تؤيد الحلول الدبلوماسية وفق مبادئ القانون الدولي لحل النزاعات الدولية المستعصية”.
وشدد المتحدث، على أن المغرب وفقا لهذا الموقف قد انسجم مع مضمون البلاغ الأول لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بتاريخ 26 فبراير 2022، بأن المملكة المغربية تؤيد جميع المبادرات التي تدعم إيجاد حل سياسي للوضع بين روسيا وأوكرانيا طبقا لميثاق الأمم المتحدة، يتعين على أعضاء هذه المنظمة تسوية خلافاتهم عبر الوسائل السلمية، وبموجب مبادئ القانون الدولي من أجل الحفاظ على الأمن والسلم العالميين.
ويرى الفاتحي، أن “موقفا وجيها ومتوازنا من الجميع يتضمن موقفا مناوئا لأحد الأطراف ولكنه موقف يفهم في سياق الالتزام بمبادئ القانون الدولي والتشجيع على تطبيق أحكامه. ولاسيما أن خلاف ذلك سيزيد من التصعيد والذي قد يترتب عنه تداعيات مدمرة في وقت بات الجميع يستوعب حجم خطورة الموقف من إمكانية نشوب حرب عالمية ثالثة تستعمل فيها الأسلحة النووية”.
وأعربت المملكة المغربية عن أسفها إزاء التصعيد العسكري بين روسيا وأوكرانيا، و”الذي خلف، مع الأسف، إلى حدود اليوم، مئات القتلى وآلاف الجرحى، والذي تسبب في معاناة إنسانية للجانبين، بالإضافة إلى أن هذا الوضع ينعكس على مجموع السكان ودول المنطقة وغيرها”.
اترك تعليقاً