منوعات

شركة “إريكسون” السويدية تواجه القضاء الأمريكي بسبب “تمويل الإرهاب”

الغاية لا تبرر الوسيلة” حين يتعلق الأمر بالتعامل مع المنظمات الإرهابية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ولعل هذا هو التوصيف الأنسب للورطة الجديدة التي يواجهها العملاق السويدي للاتصالات في مواجهة القضاء الأمريكي في تهم تتعلق بوصول رشاوى إلى عناصر تنظيم داعش في العراق.

في الملف الجديد تواجه شركة إريكسون السويدية تهما ثقيلة حول فساد محتمل في العراق دخل على خطها تحقيق إعلامي واسع نشرت نتائجه الأحد الماضي.

وحسب “ميدل إيست اونلاين”، اعتبر القضاء الأميركي المعلومات التي سلمتها له مجموعة إريكسون في ملف فساد محتمل في العراق بما في ذلك شبهات بدفع رشاوى لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، “غير كافية”، حسبما أعلن العملاق السويدي الأربعاء.

وأعلنت الشركة السويدية العملاقة للاتصالات الأربعاء، حسب نفس المصدر، أنها مستهدفة من جديد من القضاء الأميركي، بعدما أُرغمت سابقا على الإقرار علنا بأفعال فساد محتملة في العراق، بينها رشاوى يشتبه بأنها انتهت بين أيدي عناصر من التنظيم المتطرف.

وتراجع سهم المجموعة المصنفة ثانية عالميا في مجال أجهزة الاتصالات والذي كان تضرّر أصلا بسبب هذا الملف في الأسابيع الأخيرة، بأكثر من 11 بالمئة في المبادلات في بورصة ستوكهولم صباح الأربعاء.

وظهرت القضية الشهر الماضي إلى الواجهة قبل نشر تحقيق صحافي موسع نسقه الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية وكُشف الأحد.

وأرغم هذا التحقيق ‘إريكسون’ على نشر خلاصات تحقيق داخلي يتحدّث عن أفعال فساد محتملة على مدى سنوات مرتبطة بالأنشطة العراقية للمجموعة.

وتتضمن تلك الأفعال الاشتباه بدفع الشركة أموالا من أجل عمليات نقل بري في مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش، ويعتقد أنها انتهت في جيوب الجهاديين.

وحدّد مراقبو المجموعة وقوع انتهاكات “جسيمة لقواعد الامتثال للقوانين وأخلاقيات العمل للمجموعة”، خلال الفترة بين 2011 و2019، كما أقرّت ‘إريسكون’ منتصف فبراير/شباط مستبقةً تحقيق الاتحاد الدولي الذي نشر في نحو 30 منصة إعلامية الأحد.

وقالت الشركة إن التحقيق مع ذلك لم يكشف “التورط المباشر” لأي موظف “في تمويل مجموعات إرهابية”.

وتضع المعلومات الأخيرة الشركة السويدية في موقف حرج، لا سيما أنها ليست المرة الأولى التي تواجه فيها القضاء الأميركي، ففي ديسمبر/كانون الأول من العام 2019، دفعت ‘إريكسون’ مليار دولار للقضاء الأميركي لإغلاق ملاحقات في قضايا فساد في خمس دول أخرى هي مصر والصين وفيتنام وإندونيسيا والكويت، في إطار صفقة عُرفت بـ”اتفاق الادعاء العام المؤجل”.

وقالت الشركة الشهر الماضي إنها سبق أن سلمت تحقيقها الداخلي حول العراق إلى القضاء الأميركي في إطار تحقيقات قديمة، لكن وزارة العدل الأميركية أبلغت ‘إريسكون’ الثلاثاء أن المعلومات التي حوّلت إليها “غير كافية”

وبالإضافة إلى ذلك، ارتأت الوزارة الأميركية أن الشركة “انتهكت اتفاقية التسوية” بافتقارها للشفافية في التحقيقات منذ إتمامها في أواخر عام 2019

وذكرت شركة ‘إريكسون’ أنها على اتصال مع وزارة العدل حول الملف وتعتبر أنه “في هذه المرحلة من السابق لأوانه التنبؤ بنتائجه”

وخلال اجتماع عبر الهاتف تمت الدعوة إليه بشكل عاجل، رفض المدير التنفيذي للمجموعة التي تضمّ نحو 100 ألف موظف، إعطاء تقييم للمخاطر المالية التي تواجهها الشركة

وقال المدير بورجي إكهولم “نأخذ كل ذلك على محمل الجد”، مضيفا أن الشركة تقوم بجهود “ثقافية” لمكافحة الفساد. ومنذ الإعلان الأول الذي قامت به الشركة بصدد هذا الملف، فقد سهمها نحو ثلث قيمته

وأطلقت ‘إريكسون’ في العام 2017 خطةً أنعشت الشركة بعدما سجلت تراجعا منذ العام 2010 أمام صعود شركة ‘هواوي’ الصينية التي سلبت منها مركز أول شركة معدات اتصالات في العالم

وتخوض الشركة حاليا معركة صعبة مع هواوي وشركة نوكيا الفنلندية لبناء شبكات خطّ الجيل الخامس للإنترنت في العالم، على خلفية توتر جيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين يتعلق بموضوع الجيل الخامس ومعداته الحساسة.

وهذا القطاع هو واحد من القطاعات التكنولوجية القليلة في العالم التي لا تهيمن عليها الولايات المتحدة الأميركية منذ اشترت ألكاتيل الفرنسية شركة لوسنت الأميركية وقبل أن تصبح ألكاتيل نفسها بيد نوكيا في العام 2016

وهذه ليست أول قضية فساد مرتبطة بالجماعات الجهادية تظهر إلى العلن، ففي سبتمبر/أيلول من العام الماضي، اتهم القضاء الفرنسي موظفا أردنيا سابقا في مصنع مجموعة ‘لافارج اس آ’ الفرنسية الرائدة في مجال صناعة مواد البناء، بـ”تمويل الإرهاب” في سوريا. وجاء ذلك في إطار تحقيق قضائي يتعلق بنشاط المجموعة حتى العام 2014 في سوريا.

وسيطر تنظيم داعش على مساحات شاسعة في شمال العراق وفي سوريا المجاورة في العام 2014، استولى فيها على كلّ مفاصل الحياة والقطاعات في تلك المناطق، قبل أن يتمّ دحره في العام 2017

وقتل زعيمه حينها أبوبكر البغدادي بضربة أميركية في إدلب السورية في العام 2019. ومطلع فبراير/شباط، قتل خلف البغدادي أبو إبراهيم الهاشمي القرشي بعدما فجر نفسه خلال عملية إنزال نفذتها وحدة كوماندوس أميركية على منزل في سوريا كان يقيم فيه مع عائلته.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *