خارج الحدود

تقرير جديد.. الأمم المتحدة قلقة من تزايد القيود المفروضة على الحريات في الجزائر

عرّجت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، اليوم الخميس، على أوضاع حقوق الإنسان في كل من الجزائر وتونس و ليبيا والعراق واليمن والأراضي الفلسطينية المحتلة، وغيرها، خلال الدورة التاسعة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان. وأكدت أن الأمم المتحدة تقف إلى جانب حقوق شعوب العالم: حقها في المشاركة بصنع القرار والتعبير عن الرأي، والعيش بكرامة، بعيدا عن الخوف والعوز.

وحسب الموقع الإخباري للأمم المتحدة يتضمن تقرير باشيليت عن حقوق الإنسان الذي قدمته إلى المجلس عددا من المواقف المهمة التي تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة.

الجزائر: قيود على الحريات الأساسية

قالت باشيليت في تقريرها، “في الجزائر، يساورني القلق من تزايد القيود المفروضة على الحريات الأساسية، بما في ذلك زيادة عمليات توقيف واحتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء المجتمع المدني والمعارضين السياسيين”.

ودعت باشيليت الحكومة إلى تغيير المسار واتخاذ جميع الخطوات الضرورية لضمان حق الناس في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.

تونس: قلق من تعليق عمل البرلمان

وحسب نفس المصدر أعربت باشيليت عن شعورها بقلق بالغ إزاء تعليق عمل البرلمان وما وصفته بالتآكل السريع للمؤسسات الرئيسية، على وجه الخصوص قرار الشهر الماضي بحل مجلس القضاء الأعلى وهذا “يقوّض بشكل خطير سيادة القانون، والفصل بين السلطات واستقلال القضاء.”

وقالت باشيليت: “أحيط علما بالإعلان في كانون الأول/ديسمبر عن خارطة طريق لعام 2022 تتضمن استشارة وطنية لجميع التونسيين، يليها استفتاء في تموز/يوليو وانتخابات برلمانية في كانون الأول/ديسمبر من هذا العام.”

وأعربت عن قلقها من الإعلان الأخير عن خطط لمنع مجموعات المجتمع المدني من تلقي أي تمويل من الخارج وهو حكم يهدد بإلحاق ضرر عميق في القضاء المدني والديمقراطي الأساسي على حد تعبيرها.

وتابعت مفوضة حقوق الإنسان: “سوف نتابع عن كثب هذه التطورات. يؤمن المكتب إيمانا راسخا بأن التقدم الكبير الذي أحرزته تونس في العقد الماضي نحو تعزيز حقوق الإنسان وإعمالها يمكن بل وينبغي الحفاظ عليه.” مؤكدة على دعم جهود الإصلاح التي تتماشى مع التزامات تونس بموجب القانون الدولي.

سوريا: وضع متقلب

أعربت باشيليت في تقريرها عن قلقها إزاء ما وصفته بالوضع المتقلب في شمال شرق سوريا – في المناطق التي تخضع لسيطرة مجموعات مسلحة موالية لتركيا، وقوات سوريا الديمقراطية.

وفي عرضها للتقرير، أشارت إلى الهجوم على سجن في الحسكة من قبل داعش في كانون الثاني/يناير، والذي سلط الضوء على “الحرمان التعسفي غير المقبول” لحرية العديد من الأشخاص المحتجزين في مرافق الاعتقال والمخيمات.

وقالت: “أحث مرة أخرى بشدة البلدان الأصلية على إعادة مواطنيها، ولاسيّما النساء والأطفال، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.”

كما أشارت إلى الحاجة الملحة لمعالجة مسألة عشرات الآلاف من السوريين المفقودين والمختطفين أو المحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي. “يجب على أسرهم أن تعرف الحقيقة عن مكان وجودهم ومصيرهم.”

اليمن: تكثيف الأعمال العدائية

في اليمن، تتصاعد الأعمال العدائية. في كانون الثاني/يناير 2022، تم تسجيل 1,623 ضربة جوية من قبل التحالف بقيادة السعودية و40 هجوما عبر الحدود من قبل أنصار الله.

“يمثل ذلك ارتفاعا بنسبة 275 في المائة في ضربات التحالف عن معدلها الشهري العام الماضي. وقد ارتفعت هذه الأعداد بشكل حاد في أعقاب عدم تجديد ولاية فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين في تشرين الأول/أكتوبر، مما يؤكد أهمية الدور الرئيسي الذي لعبه (الفريق) في رصد الوضع.”

وأكدت باشيليت أن جميع أطراف النزاع تواصل الانخراط في انتهاكات وتجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان. وتسببت الهجمات العشوائية أو المتعمدة التي تستهدف المناطق المدنية والبنية التحتية المدنية “والتي قد تشكل جرائم حرب” في زيادة الخسائر في صفوف المدنيين في الأشهر الأربعة الماضية، وقد شكلت الأرقام الأولية لشهر كانون الثاني/يناير نصف الإجمالي الكامل لعام 2021.

وقالت باشيليت: “يمثل الحصار طويل الأمد لميناء الحديدة عقابا جماعيا ضد اليمنيين العاديين.”

وأجبِرت العمليات الإنسانية التي تساعد ملايين اليمنيين والمهاجرين، بما في ذلك الصحة والتغذية وبرامج كسب العيش، على الإغلاق أو تم تقليصها بشكل حاد بسبب خفض التمويل ونقصه.

وأضافت المفوضة السامية لحقوق الإنسان: “هذا يزيد من يأس الناس بعد سنوات من الحرب وعدم وجود إشارة للسلام. كما أكرر دعوتي لأنصار الله للإفراج عن موظفي المفوضية السامية لحقوق الإنسان واليونسكو، الذين تحتجزهم بشكل غير لائق.”

الأرض الفلسطينية المحتلة: ارتفاع في عدد القتلى الفلسطينيين في 2021

أعربت باشيليت عن قلقها من تدهور الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الارتفاع الكبير في عدد الفلسطينيين الذين يُقتلون على يد القوات الإسرائيلية: 320 في عام 2021، مقارنة بـ 32 في عام 2020.

وقالت: “يزداد عنف المستوطنين، ليس فقط في عدد الحوادث ولكن أيضا في شدتها.”

كما أشارت إلى ارتفاع الاعتقالات بالضعف تقريبا في عام 2021، وارتفاع نسبة الاعتقال الإداري بدون محاكمة أو توجيه تهمة بـ 30 في المائة.

وقالت: “أشعر أيضا بقلق عميق إزاء الإجراءات القمعية التي اتخذتها إسرائيل ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والجهات الفاعلة في المجتمع المدني بناء على مزاعم غامضة ولا أساس لها من الصحة، ومن المحتمل أن يكون لها عواقب بعيدة المدى على نشاطها.”

كما ذكرت أنها أشارت في تقريرها إلى أفعال السلطة الفلسطينية التي تقوض الفضاء المدني.

ليبيا: انزعاج من إرجاء الانتخابات

قالت باشيليت إنها منزعجة من إرجاء الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 24 كانون الأول/ديسمبر، وسط تصاعد التوترات السياسية والاعتداءات على الأشخاص بناء على آراء متصورة أو انتماءات سياسية، فضلا عن الاعتداء على القضاء.

وقالت: “يجب أن تقوم انتخابات حزيران/يونيو على أساس الاحترام الكامل للحقوق السياسية لجميع المرشحين، بما في ذلك الحق في رفع أصواتهم دون خوف.”

وأكدت أن الجماعات المسلحة والميليشيات المرتبطة بالحكومة ووحدات الجيش الوطني الليبي لا تزال ترتكب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وتابعت تقول: “لا يزال التعذيب والقتل غير القانوني والاختفاء القسري والعنف الجنسي والاعتقال والاحتجاز التعسفي منتشرا على نطاق واسع، مع الإفلات شبه الكامل من العقاب.”

وأكدت أن معاناة المهاجرين من أشكال مروعة من الانتهاكات تتواصل في ليبيا.

العراق: مخاطر على حقوق الإنسان

رحبت المفوضة السامية باهتمام السلطات العراقية بتعميق شراكة بنّاءة ومستدامة مع المفوضية، بما في ذلك من خلال المزيد من التبادل بين مكتب حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، والهيئات الحكومية ذات الصلة.

وقالت: “استمرار الإفلات من العقاب على أعمال القتل والاختفاء التي يتعرّض لها النشطاء المدنيون، فضلا عن الاعتقالات والتهديدات والهجمات عبر الإنترنت ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، لا تزال تؤثر بشكل خطير على حقوق الإنسان.”

وتشجع باشيليت الحكومة الجديدة على تكثيف الجهود للتأكد من المساءلة على تلك الانتهاكات، كما حثت السلطات الفيدرالية في العراق وفي إقليم كردستان، على اتخاذ الخطوات الضرورية لحماية الفضاء المدني والديمقراطي، وخاصة فيما يتعلق باحترام التجمع السلمي وحرية التعبير، بما في ذلك في الفضاء الرقمي.

وتابعت تقول: “نواصل العمل مع لجنة تقصي الحقائق الوطنية المكلفة بالتحقيق في الانتهاكات في سياق المظاهرات، وأحث السلطات على توفير الموارد والدعم لتمكين اللجنة من القيام بعملها.”

الاعتقالات في روسيا

في الاتحاد الروسي، يتم تقييد مساحة المناقشة أو النقد للسياسات العامة بما في ذلك عملها العسكري ضد أوكرانيا بشكل متزايد وعميق. وتم اعتقال حوالي 12,700 شخص بشكل تعسفي بسبب مشاركتهم في احتجاجات سلمية مناهضة للحرب، ويُطلب من وسائل الإعلام استخدام المعلومات والمصطلحات الرسمية فقط.

وقالت باشيليت: “لا زلت قلقة بشأن استخدام التشريعات القمعية التي تعرقل ممارسة الحقوق المدنية والسياسية وتجرّم السلوك غير العنيف.”

وأشارت إلى وجود مزيد من التشريعات التي تجرّم حالات “تشويه سمعة” القوات المسلحة. إضافة إلى استمرار تقويض الحريات الأساسية وعمل المدافعين عن حقوق الإنسان من خلال الاستخدام واسع النطاق لما يُسمّى بقانون “الوكيل الأجنبي” لعام 2012، “كما يتضح من الإغلاق القضائي لمنظمتين أنشأتهما مجموعة المجتمع المدني المرموقة ميموريال.”

أوضاع المهاجرين

أثنت باشيليت على ترحيب العديد من الحكومات والمجتمعات للأشخاص الفارّين من أوكرانيا، بما في ذلك القرار بالإجماع من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتفعيل الحماية المؤقتة ومنح الإذن بالبقاء في دول الاتحاد.

“في وجه مئات الآلاف من اللاجئين، فإن رد الفعل السريع هذا هو ضوء ساطع في وضع حزين للغاية.”

لكنها قالت إن الأمر يتناقض بشكل صارخ مع معاملة المهاجرين من دول أخرى على الحدود الأوروبية، وفي مناطق أخرى في العالم.

وقالت: “لا ينبغي أن يكون النهج الإنساني والقائم على المبادئ هو الاستثناء: يجب أن يكون هو القاعدة. من المهم أن تفي جميع الدول بالتزاماتها تجاه جميع المهاجرين بصرف النظر عن لون البشرة أو الجنسية أو الدين.”

وقد توفي أو فُقد أكثر من ألفي مهاجر في البحر المتوسط العام الماضي مما رفع العدد الإجمالي منذ عام 2017 إلى أكثر من 10 آلاف.

وقالت باشيليت: “هذه الخسارة المأساوية ليست حتمية. يمكن معالجتها من خلال العمل المنسق للبحث عن المهاجرين وإنقاذهم في البحر؛ وضمان إنزالهم في أماكن آمنة.”

التمييز ضد الأشخاص من أصول أفريقية

أشارت ميشيل باشيليت في تقريرها إلى استمرار وفاة الأشخاص من أصول أفريقية على يد قوات إنفاذ القانون بشكل غير متناسب والتي تحدث بمستويات عالية في العديد من الدول.

ففي الولايات المتحدة، قدمت مجموعات المجتمع المدني رقما يشير إلى مقتل 266 شخصا من أصل أفريقي على يد الشرطة في عام 2021 في إشارة إلى أنهم “أكثر عرضة للقتل على أيدي الشرطة بثلاث مرات تقريبا من الأشخاص البيض” فيما تشير أبحاث أخرى إلى أن العدد قد يكون أعلى.

وفي البرازيل، 79 في المائة من الأشخاص الذين قُتلوا خلال تدخلات الشرطة في عام 2020 كانوا من أصول أفريقية، بحسب منظمة غير حكومية.

وقالت باشيليت: “أحث السلطات الوطنية في جميع مناطق العالم على ضمان المساءلة السريعة والفعّالة عن الوفيات على أيدي سلطات إنفاذ القانون.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *