خارج الحدود

90  % من المدرسين البريطانيين لم يتلقوا تكوينا ضد عنصرية “الشعر الأفريقي”

مرت 5 سنوات على اعتماد الأمم المتحدة يوم 15 سبتمبر من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للشَّعر الإفريقي World Afro Day، وذلك لمحاربة التمييز العنصري القائم على شكل الشعر ولونه، وخاصة في المدارس، حيث بادرت العددي من الدول، ومنها بريطانيا، لوضع سياسات لتغيير الطريقة التي ينظر فيها الناس إلى أصحاب هذا الشعر.

ورغم ذلك ما تزال المدارس البريطانية تسجل حالات من التمييز العنصري الموجه لأصحاب الشعر الإفريقي، والذي أرجعت دراسة حديثة أسبابه إلى ضعف تدريب المعلمين على طرق ومناهج لحماية المساواة مع التلاميذ دوي الشعر الأفريقي.

معلمون بدون تدريب في بريطانيا

وحسب اندبندنت عربي، كشف تقرير بريطاني جديد مدعم بأدلة دامغة عن أن ما يقرب من 90 في المئة من المعلمين في المملكة المتحدة، لم يتلقوا تدريباً على طرق حماية “قانون المساواة” Equality Act الأفراد من ذوي الشَّعر الأفريقي، وهي ظاهرة متنامية من التمييز العنصري في المدارس، وتقع ضمن سياسات الزي الموحد.

وفيما بدا أن أكثر من نصف المشاركين (52 في المئة) في استطلاع أجري على أكثر من 500 معلم من مختلف أنحاء البلاد، كانت لديهم ثقة عالية للغاية أثناء مناقشة قضايا العرق والإثنيات مع طلابهم، لم يتمكن نحو ثلث المستجوبين (29 في المئة) في البحث، من أن يحددوا على نحو صحيح السيناريو الذي ينطوي عليه التمييز ضد ذوي الشعر الأفريقي.

وحسب نفس المصدر، فالدراسة الاستقصائية التي جاءت تحت عنوان “التعليم: تنوع وشمولية” Teaching: Diversity & Inclusion، والتي أجرتها مؤسسة “شيفت إنسايت” Shift Insight (وكالة متخصصة بأبحاث السوق في ما يتعلق بالتعليم والاستدامة) بالتعاون مع “اليوم العالمي للشعر الأفريقي” World Afro Day (يهدف إلى مساعدة أصحاب البشرة الملونة على الشعور بإيجابية تجاه شعرهم الطبيعي، ومواجهة أي تمييز يتسبب بإحساسهم بالدونية)، توصلت إلى أن 8 في المئة فقط من المشاركين في البحث، يعتقدون أن سياسات الزي المدرسي لديها إمكانات عالية أو عالية جداً للتمييز ضد الطلاب، في ما يتعلق بعرقهم أو بخلفيتهم الإثنية.

وفي تعليق على هذه النتائج، رأت ميشيل دو ليون، مؤسسة “اليوم العالمي للشعر الأفريقي” أن “التقرير يظهر بوضوح أن إطلاق تدريب جديد لجميع المعلمين على التنوع والمساواة والإدماج، يمكن أن يشكل حلاً ناجعاً لإنهاء مسألة التمييز ضد ذوي الشعر الأفريقي في مدارس المملكة المتحدة.

وأضافت ليون: “نأمل بعد عقود من معاقبة الأطفال السود والقول لهم إن شعرهم لا يليق بالحضور إلى المدرسة، وعواقب ذلك على الصحة العقلية للشباب، أن يعمل القيّمون على التعليم بسرعة، على إجراء التدريب المطلوب لجميع موظفي المدارس، كي يتمكن الأطفال ذوو الشعر الأفريقي من اختبار تحصيل تعليمي كامل، يتم خلاله الترحيب بهويتهم وإدماجهم في المدارس”

تجدر الإشارة إلى أنه تم في الأعوام الأخيرة تسجيل عدد من القضايا البارزة لأطفال سود تعرضوا للتمييز بسبب شعرهم في المدارس.

فجوة الشعر الافريقي

وفيما يشكل الشعر الأفريقي جزءاً جوهرياً من العرق الذي هو سمة محمية بموجب “قانون المساواة” الصادر في عام 2010، فإن الشعر لم يتم إدراجه بنداً صريحاً بعد مثل لون البشرة، ما أدى إلى تزايد التفاوت بين القانون والسياسات المدرسية المعتمدة.

وتقول جاين باول، المديرة الإدارية لمؤسسة “شيفت إنسايت” إن “فهم المعلمين للإمكانات التمييزية لسياسات الشعر، هو مجال لا يخضع للبحث الكافي، لذا يسعدنا حقاً أن نكون قادرين على المساهمة في إثراء قاعدة الأدلة من خلال هذه الدراسة”

وتضيف باول قائلة: “إن البحث الذي أجريناه بشراكة مع “اليوم العالمي للشعر الأفريقي”، يسلط الضوء على الفجوة القائمة والمتمثلة في نقص الفهم لدى المعلمين. ونأمل في أن يتمكن كبار القادة وصانعو السياسات من العمل الآن على سد هذه الفجوة”.

أما جيف بارتون، الأمين العام لـ”جمعية قادة المدارس والكليات” Association of School and College Leaders (تمثل أكثر من 21 ألفاً و500 من قادة المدارس والكليات في المملكة المتحدة)، فرحب بالموضوع وقال: “يسعدنا دعم “اليوم العالمي للشعر الأفريقي” وغاياته وأهدافه”

وأضاف: “تشير تجربتنا إلى أن المعلمين والقادة يركزون بشكل كبير على تعزيز التنوع والمساواة والاندماج، وسيرحبون بالأفكار الثاقبة التي يقدمها هذا التقرير الممتاز”

وأكد بارتون أنه “كلما تمكنا من القيام بالمزيد لرفع مستوى الوعي في شأن احتمالات التمييز ضد ذوي الشعر الأفريقي، كان ذلك أفضل. إن “(جمعية قادة المدارس والكليات) تلتزم العمل مع منظمي (اليوم العالمي للشعر الأفريقي) من أجل تحقيق هذه الغاية”

تحرك برلماني وحقوقي

في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت مجموعة من البرلمانيين البريطانيين ومنظمات وناشطون، أنهم سيعملون مع “لجنة المساواة وحقوق الإنسان” Equality and Human Rights Commission (هيئة عامة أنشئت بموجب “قانون المساواة لعام 2006″، مهمتها تعزيز المساواة وعدم التمييز في المملكة المتحدة)، للنظر في تعزيز التوجيهات الوطنية لمكافحة التمييز ضد الأفراد ذوي الشعر الأفريقي

هذه الخطوة أتت بعد أن بعثت هذه الأطراف رسالة أسهمت في إعدادها “المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب للمساواة العرقية في التعليم” All-Party Parliamentary Group for Race Equality in Education، تشير إلى أن مثل هذه التوجيهات يمكن أن تشجع الحكومة على تحديث “قانون المساواة لعام 2010” كي يصار إلى الاعتراف بالشعر باعتباره إحدى الخصائص المحمية، ما يجعل من السهل معاقبة هذا الشكل من أشكال العنصرية

وكان من بين الداعمين لهذه الخطوة، اللورد سايمون وولي العضو في مجلس اللوردات، وويرا هوبهاوس البرلمانية العضو في مجلس العموم، وإيما دابيري التلفزيونية والمؤلفة، ومجلة “غلامور” Glamour، و”دوف” Dove، ومنظمة “ذا هالو كوليكتيف” The Halo Collective التي تناهض التمييز ضد شعر الأفراد. وكانت روبي ويليامز الطالبة في لندن التي قيل لها في مدرستها الثانوية، إن شعرها ذا الطابع الأفريقي حجمه “كبير للغاية”، وينتهك سياسة الزي المدرسي، هي أيضاً ضمن مجموعة الموقعين على الرسالة.

وتأتي الدعوة إلى التحرك بعد أن كشف تقرير عن أن طالبةً سوداء عملت الشرطة على تعريتها لتفتيشها، عندما كانت في فترة الحيض، وذلك بعد الاشتباه في حملها حشيشة القنب.

التفتيش “الصادم” الذي قام به أفراد من “شرطة العاصمة البريطانية” Metropolitan Police حصل في مدرسة للفتيات تقع في ضاحية هاكني (شرق لندن)، في أواخر عام 2020 – من دون حضور شخص بالغ آخر، علماً بأن الطالبة كانت في دورة حيضها الشهرية.

وقد خلص التقرير إلى أنه ما كان ينبغي أبداً أن يحدث التفتيش بتعرية الفتاة، وأن الإجراء كان غير مبرر، وأن العنصرية فيه “من المرجح أن تكون عاملاً مؤثراً”.

قصة اليوم العلمي للشعر الأفريقي

الشعر الإفريقي هو نمط يميز الثقافة الإفريقية وتاريخ هذه القارة منذ آلاف السنين. وتعتبر ميشيل دي ليون (Michelle De Leon)  صاحبة فكرة اليوم العالمي للشعر الإفريقي، فهي تتميز بشعرها الإفريقي، والذي عانت بسببه حين كانت صغيرة، فقد تعرضت للتنمر من قبل الأطفال الآخرين وواجهت التحيز في كثير من الحالات، وقررت أن تقوم بعمل شيء كيلا تتكرر معاناتها مع ابنتها الصغيرة والأطفال الآخرين الذين يملكون شعراً إفريقياً، وبالفعل، قادت دي ليون حملة لاعتماد هذا اليوم العالمي، ونجحت في تحقيق ذلك عام 2017، حيث تم اعتماده من قبل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وكذلك من قبل مكتب عمدة لندن. وتمت دعوتها لإلقاء كلمة في مبنى الأمم المتحدة في جنيف لتقدير جهودها المبذولة في سبيل الدعوة إلى تقبل الاختلاف بين البشر.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *