مجتمع

ادعاء المهدوية والنبوة هرطقة ودجل أم حالة مرضية تسدعي العلاج؟.. طبيب نفساني يجيب

تظهر بين الفينة والأخرى في الفضاء العام، حالات يدعي فيها أشخاص “عاديون” أنهم أنبياء ورسل من الله لدعوة البشر حاملين رسالة الإلهية، ويزعمون أنهم “المهدي المنتظر”، وأنهم مخلصي البشرية من الظلم والفساد الذي طغى في أرض الله.

ومع كل واقعة مشابهة، ينهال البعض على هؤلاء الأشخاص بوابل من السب والشتم، ويتم وصفهم بالدجل والهرطقة، أو يتم مسايرتهم في أفكارهم قصد السخرية منهم. 

حالة مرضية..

في هذا الصدد، يقول الطبيب النفساني، أحمد الكَرعاني، إن مثل هذه الأعراض قد تظهر لدى المصابين بمرض الذهان، والفصام، وهي أعراض كذلك يمكن أن نجدها في أمراض ثنائي القطب، خاصة مرض الهوس والهوس الحاد.

ويضيف الكَرعاني، في تصريح لجريدة “العمق” أن الشخص في هذه الحالة، تصبح لديه قناعات وأفكار لا تتزعزع ولا تتغير، ولا يمكن تغييرها بالمنطق والحوار، وتحتاج للدواء بشكل مستعجل. 

في الواقع، يقول الكَرعاني، إن هذه السلوكات “فكرة مرضية ناتجة عن اختلال عمل الدماغ، بعد أن يلحق نشاطه اضطراب ما، خاصة عندما تصاب الناقلات العصبية في الدماغ بخلل معين”.

تأويلات تخدم الأفكار..

ويوضح الطبيب المذكور، أن الشخص المصاب بمرض الذهان، يقوم بتأويل كل الأحداث الجارية حوله لتأكيد الأفكار التي يؤمن بها. فإذا كان المريض مقتنع بأن له رسالة إلهية أو مهدوية، وتم توقيفه بعد أن سبب ضجة في مكان عام، سيؤوِّل التوقيف بكونه مستهدف لأنه نبي جاء برسالة الحق، وهذا الأمر سيعزز أفكاره الخاطئة.

ويزيد الكرعاني، أن مثل هذه الأحداث تثير ضجة إعلامية دائما، وفي كل مناسبة، كأنها في كل مرة موضوع جديد، في حين أن أصحاب الاختصاص من الأطباء النفسانيين، لا يستغربون من مثل هذه المواضيع لأنهم يستقبلون مثل هذه الحالات يوميا وبشكل متكرر في مستشفيات الصحة النفسية.

سيرورة العلاج..

واسترسل الطبيب الكرعاني، أن هذا الموضوع “روتيني” في الصحة النفسية، ويتم التعامل معه بفاعلية، خصوصا إذا كانت الأسرة حاضرة  بوعي، وتساعد في العلاج وتتكفل بالشخص عند خروجه من المستشفى، وتراقب حصوله على الأدوية وتساعده في الاندماج الاجتماعي إلى حين استعادة نشاطه الحياتي بشكل عادي.

وعن سيرورة العلاج، يوضح الكرعاني أنه يتم علاج هؤلاء الأشخاص داخل مستشفيات الأمراض العقلية بالأدوية، وتظهر بوادر العلاج ابتداء من الأسابيع الأولى، إذ يستعيد عدد كبير عافيته العقلية والنفسية، ويستوعبون أن تلك الأفكار والقناعات تكونت عنده بسبب مرض معين، في حين أن آخرين يَنقص اعتقادهم بتلك الأفكار ويقل حماس الدفاع عنها.

مسببات أخرى..

وحسب الكَرعاني، فيمكن أيضا أن نجد مثل هذه الأعراض في أمراض ثنائي القطب، في حالة الهوس، أو الهوس الحاد، لأن الشخص المصاب هنا تكون لديه أفكار ذهانية ونشاط مفرط وفرح شديد. كما أنها يمكن أن تأتي بسبب تناول المخدرات التي تؤدي إلى الهيجان.

بل ويمكن أيضا، وفق كلام الطبيب ذاته، أن يكون المرض نتيجة أسباب عضوية، تتعلق أساسا ببعض الميكروبات التي تصيب الدماغ، أو التعفن الدماغي، وتحدث الأعراض التي تحدثنا عنها سابقا، وتصاحبها تعفنات وارتفاع درجة الحرارة. إضافة إلى كما أن تناول المخدرات وشرب الكحول المزمن كذلك يمكن أن يفضي إلى نفس الحالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *