منوعات

طبيبك في المستقبل: روبوتات بحجم ميكروب تسبح داخل جسمك!

تَعِد الابتكارات الحديثة في عالم الروبوتات في المجال الطبي بإحداث ثورة حقيقية تغير المفاهيم الأساسية في عالم الطب بما فيها المتعلقة بالطبيب نفسه.

وتسجل أحدث الابتكارات في هذا المجال قرب تحويل قصص بعض أفلام الخيال العلمي، التي تقوم فيها الروبوتات المجهرية بدور الطبيب المنقذ، إلى حقيقة واقعية مهيمنة. ويصبح “الطبيب المجهري” الذي يسبح في أجسامنا ليكنس الجلطات من أدق الشرايين، ويعالج التعفنات، ويتعقب خلايا السرطانات، أمرا عاديا.

وقد سبق لدراسات في هذا المجال أن أكدت أننا لن نكون في المستقبل بحاجة إلى شرب الدواء لمعالجة موضع محدد بالجسم، لأن الروبوتات بإمكانها حمل الدواء إلى ذلك الموضع مباشرة.

في هذا المستقبل الواعد قد يختفي الطبيب ببذلته البيضاء كما نعرفه اليوم، ليفسح المجال لأجهزة يديرها تقنيون خبراء في الصحة.

روبوتات مجهرية تنتظر الذكاء

ما الذي يتطلبه الأمر لإنشاء روبوت ذكي يمكنه العمل بشكل مستقل؟

أوضح تقرير مجلة “نوابل” (Knowable Magazine) ، حسب الجزيرة نت، أن عالم الروبوتات برادلي نيلسون من المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في زيورخ (ETH Zürich) -والذي قضى حياته المهنية في العمل على إنشاء أجهزة مجهرية- يؤكد أن المهندسين قاموا بالفعل ببناء روبوتات لا تزيد على حجم الميكروب، ويمكنها التحرك والاستشعار ببيئتها.

ويقول نيلسون “التحدي الرئيسي التالي هو إضفاء نوع من الذكاء على هذه الآلات حتى تتمكن من أداء وظائفها بشكل مستقل، مما يؤدي إلى إخراج المشغلين البشريين من المعادلة تماما”.

وحسب نفس المصدر، طُرح سؤالان آخران: كيف يمكن استخدامه في العالم الحقيقي؟ وما الوظائف الطبية التي يمكن أن تقدمها لنا مثل هذه الآلات الدقيقة؟ وقد تضمنت هذه الأسئلة ورقة علمية مرجعية نشرت عام 2010 بدورية “أنيوال ريفيو أوف بيوميديكال إنغينيرنغ” (Annual Review of Biomedical Engineering).

ويري الباحثون أن الروبوت بشكل عام، من أي حجم كان، يعمل في بيئة غير معروفة، ويتكيف مع ما يحيط به، ويمكنه التحرك لتحقيق الهدف.

والطريقة الكلاسيكية للتفكير أن هناك 3 ركائز للروبوتات: أولا: استشعار على الروبوت القيام به بطريقة ما ليجمع معلومات حول ما يحيط به. ثانيا: هناك حركة يجب أن يكون لها نوع من آلية تشغيل حتى يمكنها التفاعل مع هذا العالم المحيط. ثالثا: هناك عملية حاسوبية يجب عليها معرفة الإجراءات التي ستتخذها في أي وقت.

يصف نيلسون هذه الآلات الصغيرة قائلا “في عملي، أحاول عادة بناء تلك العناصر في آلات بحجم خلية واحدة يصل عرضها إلى بضع مئات من الميكرونات”. وأوضح أنه بمجرد أن تصل إلى أقل من ميكرون، تتغير أنواع الفيزياء التي تهيمن على البيئة المحيطة بالروبوت، فهناك أشياء مثل الحركة العشوائية للذرات والجزيئات ستؤثر عليه، لذلك يصبح العمل أشبه بدراسة الكيمياء أكثر من الروبوتات.

التأثير المحتمل للروبوتات الطبية الدقيقة

بحسب دراسة نشرت في دورية “أنيوال ريفيو أوف كنترول روبوتيكس أند أوتونومس سيستمز” (Annual Review of Control, Robotics and Autonomous Systems) فإن الروبوتات الطبية الدقيقة أو الميكروبوتات (Microrobots) لديها القدرة على إحداث ثورة في العديد من جوانب الطب.

ومع تقدم التكنولوجيا، يمكننا أن نتخيل روبوتات دقيقة قادرة على تنفيذ عمليات معقدة متسلسلة، ومن المحتمل أن تقوم بوظائف بسيطة نسبيا في كثير من الحالات تحت إشراف أو مراقبة مباشرة من قبل الطبيب.

ويمكن استخدام الروبوتات الدقيقة للتوصيل الموضعي للمواد الكيميائية والبيولوجية، وتوصيل الأدوية الموجه لزيادة تركيز الدواء في منطقة الاهتمام، وتقليل مخاطر الآثار الجانبية في بقية الجسم. كما يمكن استخدامها في وضع مصدر مشع بالقرب من خلايا الورم، وتؤدي الطاقة المشعة إلى موت الخلايا القريبة من المصدر المشع.

كما يمكن أن تساعد الروبوتات الدقيقة في زرع الخلايا الجذعية المتمايزة وتعزيزها في الجسم الحي، حيث تمتلك الخلايا الجذعية إمكانات هائلة للعلاجات المستقبلية (على سبيل المثال، تجديد حاسة السمع والبصر المفقودة).

ويمكن استخدام الروبوتات الدقيقة أيضا لإزالة المواد بالوسائل الميكانيكية بطريقة الاجتثاث، مثل عمليات إزالة الرواسب الدهنية من الجدران الداخلية للأوعية الدموية، أو الاستئصال بالموجات فوق الصوتية لتدمير جسم مثل حصى الكلى.

فلا عجب أن نرى تنبؤات الخيال العلمي تتحقق عما قريب، ونجد أن جراحي المستقبل الذين يعالجون أمراضنا هي ميكروبوتات ذكية صغيرة تسبح بأجسامنا، وتعمل بشكل مستقل، ومن المؤكد أن لديها القدرة على إحداث ثورة في الطب، وزيادة جودة الرعاية الصحية مستقبلا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *