أخبار الساعة، مجتمع

عاشوراء .. مناسبة دينية وثقافية تنعش الاقتصاد وتحقق فيها مآرب أخرى

عاشوراء

عاشوراء مناسبة دينية يحتفى بها عند جميع المسلمين من كافة الدول، والمغاربة بدورهم يحتفلون بهذه المناسبة كل عام ولهم في هذا اليوم عادات وتقاليد خاصة.

عاشوراء مناسبة دينية

اليوم العاشر من شهر محرم من التقويم الهجري أو ما يسمى عند المسلمين بيوم عاشوراء، حسب المعتقدات الدينية الإسلامية السنية يصادف هذا اليوم الواقعة التي نجى الله فيه موسى من فرعون لذلك يعتبره المسلمون السنيون يوم فرح وبهجة، بينما تعتبره الطائفة الشيعية يوم عزاء وحزن لكون هذا التاريخ يصادف اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي حفيد الرسول محمد في معركة كربلاء.

هذا كما وقعت العديد من الأحداث والوقائع التاريخية الأخرى في نفس اليوم. لذلك فالعديد من المسلمين يستقبلون هذا اليوم في أجواء خاصة ويستغلونه من أجل التقرب إلى الله عز وجل؛ من صلاة ودعاء وقراءة للقرآن وإقامة مجالس لذكر الله، كما أن صيام هذا اليوم مستحب عند أهل السنة والجماعة، فصيامه حسب السنة النبوية يكفر ذنوب سنة كاملة، لذلك فإن أغلب المسلمين والمغاربة خصوصا يحرصون على صوم يوم عاشوراء.

أما التجار والفلاحون فإن عاشوراء هي مناسبة لإخراج زكاة المال وتسمى “بالعشور”.

عاشوراء مناسبة سوسيو-ثقافية

تعتبر عاشوراء لدى المغاربة مناسبة للفرح واللعب والفرجة، تتميز بعادات وطقوس خاصة ومتنوعة، حيث تبدأ الإحتفالات تدريجيا مع فاتح شهر محرم إلى بلوغ اليوم العشر، فالليلة التاسع-العاشر من شهر محرم تكون ليلة استثنائية لدى المغاربة، حيث تجتمع النساء ويقمن حفلا يغنين فيه ويمرحن ويحضرن أشكالا متنوعة من الأطباق التقليدية، بينما يضرم الأطفال والشباب النار في الأحياء الشعبية وتسمى “الشعالة”، ويطوفون حولها ويقفزون فوقها بفرح كبير، رغم ما تكتنفه هذه الممارسات من مخاطر، بينما ترقص الفتيات على إيقاعات “الطعريجة” و”البندير”، ويوزع الأجداد والجدات “الفاكية” على الأبناء والأحفاد.

أما “بابا عيشور” وهو شخصية أسطورية ذات حضور قوي في الذاكرة الشعبية المغربية؛ فيؤثت مهرجان عاشوراء، ويتجول في الشوارع رفقة الأطفال يطرقون الأبواب ويطلبون الهدايا التي قد تكون عبارة عن مال أو “فاكية” أو حلوى.

وتضل الإحتفالات على هذه الشاكلة إلى غاية وقت متأخر من الليل، وبمجرد طلوع شمس اليوم العاشر إلا وتبدأ طقوس جديد وتسمى بـ “زمزم”، حيث تتحول الشوارع إلى ساحة معركة رصاصها الماء البارد، يلاحق فيها الأصدقاء والجيران بعضهم البعض لرشهم بالماء.

إلا أن هذه السنة ستمر هذه المناسبة بدون “زمزم” عقب منع السلطات التراشق بالمياه، نظرا لندرة هذه المادة الحيوية والجفاف الذي يعيشه المغرب.

انتعاش اقتصادي خلال فترة عاشوراء

وخلال فترة عاشوراء تشهد الأسواق الوطنية انتعاشا ملحوظا، فرغم تضرر القدرة الشرائية للأسر جراء جائحة كورونا وارتفاع الأسعار، إلا أن ذلك لم يمنعهم من الإقبال على أسواق الفواكه الجافة في هذه الأيام، من أجل اقتناء الجوز والجوز الهندي واللوز والفستق والتمور و”الشريحة”، وهذا ما أكده تجار سوق درب عمر بالدار البيضاء، كريم وهو تاجر، صرح قائلا: “الحمد لله، الفواكه الجافة بكل أنواعها موجودة في السوق، إذ ليس هناك خصاص من هذه الناحية”.

وأضاف “الفواكه التي يحرص المغاربة على شرائها هي التمور واللوز والشكولاته” وقال أيضا “بالنسبة للأثمنة فهي مناسبة، فاللوز مثلا يتراوح ثمنه بين 75 درهما و140 درهما، أما الجوز فيتراوح ثمنه بين 100 إلى 150 درهما حسب الجودة”.

هذا وتعد المملكة تاسع منتج للجوز في العالم بـ9300 طن في العام الواحد، بينما يصل إنتاج اللوز إلى حوالي 100 ألف طن، أي حوالي 20 في المائة من المكسرات، حسب بيانات رسمية.

ويوفر المغرب جزءا من العرض من الفواكه الجافة عبر الاستيراد، حيث استورد إلى غاية يونيو الماضي 74 ألف طن من التمور، مقابل 93 ألف طن في الفترة نفسها من العام الماضي.

ويوضح مكتب الصرف في تقريره الشهري الذي أصدره أول غشت الجاري، أن المشتريات من الخارج من الفواكه الجافة والطرية، وصلت إلى 81 ألف طن في النصف الأول من العام الحالي، مقابل 85 ألف طن في الفترة نفسها من العام الماضي.

إلى جانب الفواكه الجافة تعتبر “الطعريجة” من أساسيات هذه المناسبة، وهي آلة موسيقية، تصنع من الطين وجلد المعز، ويتم تزيينها بزخرفات مختلفة تتميز حسب كل منطقة. يقول إدريس وهو بائع “الطعارج” في أحد الأسواق بالدار البيضاء: “أزاول هذه المهنة كل سنة، وهناك إقبال على شراء الطعريجة خصوصا في 3 أيام الأخيرة” وأضاف قائلا: “أثمنة الطعريجة مناسبة، تبدأ من 5 دراهم، وهناك 15 درهما، وقد تصل إلى حدود 20 درهما حسب الأحجام وجودتها”.

وخلال هذه المناسبة يبرز أيضا إقبال ملحوظ للعائلات المغربية على شراء الألعاب لأطفالهم من أجل إدخال السرور والبهجة عليهم. إلا أن الإقبال خلال فترة ما بعد كورونا شهد تراجعا كبيرا بمقارنته مع ما قبل سنة 2019، هذا التراجع ليس بسبب الجائحة فقط بل يربطها البعض أيضا بأسباب أخرى كارتفاع الأسعار.

يقول محمد وهو تاجر بيضاوي: “بالنسبة للإقبال هذه السنة لم يعد كما كان في السنوات الماضية. فتزامن المناسبة مع فترة عيد الأضحى والإقبال على الدخول المدرسي، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار، جعل القدرة الشرائية للمواطن متضررة”، مؤكدا أن “المغاربة يحرصون على إحياء تقاليدهم في مناسبة عاشوراء، ومن الضروري أن يقتنوا الفواكه الجافة، لكن يشترون بكميات قليلة”.

ومن المواد التي تعرف إقبالا أيضا في هذه الفترة، المفرقعات أو ما يعرف بـ”القنبول”، فقبل أيام قليلة من يوم عاشوراء تغزوا هذه المواد الأسواق المغربية بالرغم من حظر بيعها، نظرا لتسببها في حوادث خطيرة قد تفقد الشخص حياته أو تخلف لديه عاهة مستديمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *