منتدى العمق

لك الله يا أستاذ

مازلت أذكر ردة فعل والدي الإستنكارية و هو يسمع مني و من إخوتي في أحد الأيام حال تعليمنا اليوم و ما وصل إليه الأستاذ من مهانة داخل قسمه الذي كان إلى وقت قريب يعد مملكته الخاصة ، حيث له كل الحق في إتخاذ ما يحلوا له من قرارات ، والدي نفسه الذي كان شاهدا على واقعة مرة أمام عينيه ، أيام كان يلج المدارس العمومية في سنوات الخمسينات ، حيث قام أحد المعلمين آن ذاك بإوجاع أحد تلامذته ضربا لمجرد حلاقة لم تعجبه ليأتي بعد ذلك والد التلميذ للإستفسار حول الواقعة ما جعل الأستاذ يتخذ قرارا بعدم قبول إبنه مرة أخرى داخل القسمه ، الشيء الذي إضطر معه الوالد للإعتذار متحججا بأنه جاء فقط لمعرفة حقيقة ما قام به ولده لكي يقوم هو الأخر بدوره بإعطاء إبنه “طريحة ” أخرى من الطراز الرفيع ، و لولا تدخل المدير و أصحاب النوايا الحسنة لما رجع هذا التلميذ إلى القسم مرة أخرى .

عندما أستشهد بمثل هذه الواقعة فإني لا أريد أن أزكي ما قام به المعلم آن ذاك لما فيه من الشطط ، ولكن فقط لأبين لكم قيمة الأستاذ أيام العز مقارنة بما أصبح عليه وضعه اليوم ، وما يعنيه من طغيان بعض المشاغبين و مدمني المخدرات من التلاميذ الذين لا يجدون مكانا لتنفيس عن مكبوتاتهم الإجتماعية سوى القسم .

مناسبة كلامي هذا هو ذاك الفيديو الذي إنتشر مؤخرا في الوسائط الإجتماعية ، و الذي يظهر بشكل جلي ما وصل إليه حال الأستاذ داخل قسمه و كيف أصبحت تداس كرامته تحث النعال ؟؟؟؟ و هو من قيل في حقه ” كاد المعلم أن يكون رسولا ” أي رسول هذا الذي أصبح مجرد تلميذ في سن أولاده يرفع يده عليه هذا ناهيك عن الكلام الساقط و هلم جرة .

و لكم أن تسألوا المعنين بالأمر عن ما يعانوه فعلا مع هذا الجيل قليل الأدب و التربية إلا من رحم ربي خصوصا عندما لايجدون أحدا يحميهم ، و لكم كذلك أن تعلموا أنه و في حالة ما إذا أراد تافه مماثل لهذا التلميذ صاحب واقعة ضرب الأستاذ أن ينتقم يكفيه شهادة طبية ب 50 درهما ، و هذه حالات وقعت بالفعل و منها ما وصل إلى المحاكم بل من التلاميذ من قام بإتهام الأستاذ بالتحرش من إجل إبتزازه و منهم من أخد أمواله لمجرد التنازل عن واقعة ضربه بالله عليكم أليس هذا هو الهراء بعينه ؟؟؟؟

لقد أصبح الأستاذ فعلا صيدا ثمين لكل من أراد الربح السريع في الوقت الذي يستدعي منا جميعا التساؤل ماذا سيخسر التلميذ إذا ما تم فعلا كشف سوء نيته سوى تغيير القسم أو المؤسسة أو في أقصى الحالات التوقيف عن الدراسة لسنة و بعد ذلك سيتم إعادة تمدرسه بطلب بسيط منه ، أما الأستاذ ففي حالة ما لم يستطع نفي التهمة عن نفسه فإعلموا أنه في أقل الحالات سيفقد عمله هذا إن لم نقل أنه سيحجز مكانا في السجن مع تغريمه بتهمة الضرب و الجرح .

إن الأستاذ برمزيته الدينية و الدنوية و التي لا يمكن بأي حال إختزالها في بضع كلمات نظرا لما يؤديه من رسالة عظيمة لا يوزيها سوى عمل الرسل و الأنبياء و الذي يجب فورا رد الإعتبار إليه ، أولا من خلال إعطائه سلطات أكثر تحث الإشراف المباشر لمدير المؤسسة و لما لا تركيب كاميرات مراقبة داخل الفصول إضافة إلى تطبيق نظام شبه عسكري داخل المؤسسات مع تكثيف التواجد الأمني داخل و خارج المؤسسات التعليمية حتى يتمكنوا من التدخل الفوري في بعض الحالات كمستعملي الأقراص المهلوسة ، دون أن ننسى فك مشكل الإكتضاض و دراسة الحالات الإجتماعية للجانحين من التلاميذ و إحالتهم إلى الإصلاحيات و تطبيق القوانين بكل صرامة في حق كل تلميذ يمارس أي شكل من أشكال التعنيف سواء المعنوي أو الجسدي على الأستاذ و هذا جزء بسيط فقط أما ما عند الأساتذة و المعلمين فحدث و لا حرج .

إن تعليم مثل هذا الذي نعيشه اليوم في مغربنا لا يمكن بأي حال أن ينتج لنا من يصنع الحضارة و يجسد قيم النبل و الثقافة ، لكن كونوا متأكدين أنه سينتج لنا فقط عاهات كثيرة من أمثال مول البندير مثلا الذي يقال أنه حاصل على شهادة مساوية لديبلوم الهندسة لكنه إختار” تشياخة” عوض التحصيل العلمي و البدل في سبيل إعلاء رايته لأنه رأى بأم عينه أن التعليم على حد قول إخواننا المصريين ” ما بيأكلش عيش” و يعيش ممتهنوه حالة يندى لها جبين كل ذي مبادئ .

رسالة أخيرة إلى هؤلاء الحمقى من التلاميذ الذين لا يحسنون من التعليم سوى الطغيان و حب الظهور على أكتاف الأستاذ الذي هو بمتابة أب ثاني لك ، سوف تمر الأيام تلوى الأيام و سوف تسترجع الذكريات و سترى حقارة ما فعلت بالأمس و لكن كيف السبيل لتغير ما مضى ؟؟؟؟ و على حد قول أم كلثوم قل لزمان إرجع يازمان .