المغرب العميق

أطفال وشباب يقضون عطلة الصيف في “فك العزلة” عن مداشرهم بورزازات

هم أطفال في عمر الزهور، لم تمنعهم شمس غشت الحارقة، التي لفحت أجسادهم الصغيرة، من قضاء عطلة الصيف وسط الجبال من أجل “فك العزلة” عن مداشرهم، بعد أن أعدوا العدة وشَمَّروا على ساعد الجد، لتعبيد مقطع طرقي يفصل دواويرهم المعزولة بإحدى الجماعات القروية التابعة لنفوذ إقليم ورزازات.

هنا بقرية أيت لحسين ودواوير آخرى تابعة لجماعة إمين نولاون، لا صوت يعلو فوق صوت التهميش والعزلة، بإعتبار أن هذا المقاطع الطرقية هي المنافذ الوحيدة التي تربط هذه القرية التي تقع وسط جبال المغرب العميق بالعالم الخارجي.

حسن لحسيني، رئيس جمعية إمرسالن للتنمية والأعمال الإجتماعية، قال في تصريح لجريدة “العمق”، إن “الوضع مُقلق للغاية بالنسبة إلى ساكنة هذه المنطقة، ويتعيّن التفكير بجدية في سبُل إنقاذ هذه الساكنة من براثن العزلة والتهميش، وما يُرافقها من معاناة يومية، بإعتبار أن مسلك أيت لحسين بجماعة إمي نولاون، يعد واحدة من إحدى المعضلات التي تعرفها هذه القرية النائية، علما أن مسافة هذا المسلك لا تتعدى 800 متر ”.

وأشار لحسيني ، أنهم “لم يسبق لهم أن وجهوا أي شكاية كتابية إلى السلطات، إلا أن المنتخبين قدموا لهم الوعود خلال موسم الإنتخابات الماضية، لإنجاز هذا المسلك وغيرها من المطالب الأخرى، ولو من أموالهم الخاص إذا اقتضى الأمر، لكن بعد الإنتخابات تبخر هذا الحلم، وبقيت دار لقمان على حالها إلى حدود الساعة ”.

وأوضح الفاعل الجمعوي، أن “ساكنة المنطقة قامت بشق هذا المسلك بوسائلها البسيطة، واليوم يحتاج الى توسعة، ليستوعب الشاحنات، خاصة ما يتعلق بمواد البناء، بسبب تضاعف التكلفة، خصوصا السلع التي تنقلها الشاحنات من ورزازات أو تندوت  حتى تقترب من الدوار، حيث يضطرون إلى نقلها مرة ثانية بواسطة سيارة من نوع ميرسيديس 207”.

وطالب المتحدث ذاته السلطات، بـ“فك العزلة عن المنطقة عبر تهييئ المقطع الطرقي الذي يربط الدوار بالطريق الرئيسي أمزري توندوت، والممتد على مسافة حوالي 800 متر، باعتباره شريان التنمية في المنطقة، مشيرا إلى أنه يشكل معاناة لساكنة هذه الرقعة الجغرافية، وخاصة المتمدرسين ”.

من جانبه، قال أيت علي يوس عمر، في إتصال هاتفي مع “العمق”، إن “المقطع الذي يربط إمين ولاون بإمضراس على مسافة 16 كلم، يربط أيضا عددا من الدواوير الجبلية، منها أماسين، أنومتر، أساكا وإمضراس، مشيرا أن الدراسة التقنية لهذه الطريقة تمت منذ 2006، إلا أنه لم ينجز إلى حدود الساعة، وموخرا تداولت الأخبار بالمنطقة بكونه سيتم تشييده خلال سنة 2023، لذلك فنحن ننتظر بفارغ الصبر ”.

وأشار الفاعل المدني بالمنطقة، أن “الساكنة تعيش وضعا مأساويا مع هذه المسالك الطرقية والمنافذ المخصصة للولوج إلى المراكز الإدارية والاقتصادية والإجتماعية والاستشفائية في المنطقة، خصوصا في فصل الشتاء، بسبب التساقطات الثلجية وهطول الأمطار الغزيرة وما يرافقها من فيضانات وأوحال، لاسيما وأن هذه المسالك بها منعرجات ومنحدرات تكاد لا تنتهي ”.

ولفت أيت علي يوس أن “العزلة والتهميش هما الطابعان  المميزان لهذه المنطقة، والسبب في ذلك هو غياب الطريق الذي يعتبر أولوية من الأولويات، ومطلبا مهما من بين كل المطالب التي ننادي بها، لذلك فإن تشييد هذا المقطع الطرقي أصبح ضرورة ملحة على القائمين على الشأن المحلي، حيث سبق لنا أن نظمنا وقفة احتجاجية للتنديد بالمعاناة التي تمر بها الساكنة، وعقدنا لقاء مع السلطات الاقليمية، إلا أن مطالبنا ما تزال معلقة ”.

وختم المتحدث ذاته تصريحه بالقول، أن “المطلب الأساس الذي ترجوه ساكنة المنطقة هو تشييد هذا المسلك الطرقي الذي يعتبرا منفذا وصلة وصل بينها وبين المراكز الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والاستشفائية لتتمكن ساكنة العالم القروي من الوصول لأماكنها والخدمات اللازمة للحياة اليومية ”.

وتفاعلا مع الموضوع، قال محمد بعدي، رئيس المجلس الجماعي إمين نولاون، إن “الجماعة بصدد البحث عن حلول آنية لتعبيد المقطع الطرقي ايت لحسين الذي يبلغ طوله 800 متر، الذي يعتبر واحد من بين مقاطع طرقية آخرى، يبلغ طولها 16 كلم لم يتم تعبيدها إلى الآن، ويبلغ عددها حوالي 10 مقاطع طرقية، أي بمسافة إجمالية تقدر بـ102 كلم ”.

وأشار بعدي أن “الجماعة قامت بإعداد دراسة تقنية لجميع الطرق المتواجدة بنفوذ الجماعة، مع إعطاء الأولوية للمناطق التي تتواجد بها مقاطع طرقية طويلة وتجمعات سكانية كبيرة، خصوصا المقطع الطرقي إمين نولان -إمضراس الذي يربط عددا من الدواوير التي تعرف عزلة تامة والتي يبلغ مجموعها 7 دواوير ”.

 وختم المسؤول الجماعي تصريحه بالقول، أن  “جماعة إمين ولاون تشتغل ضمن برنامج محدد الاهداف، حيث تقوم بتوفير الدراسة التقنية لهذه الطرق، ووضعها لدى المصالح المعنية، في انتظار إيجاد شركاء لهذه المشاريع، التي تكلف ميزانيات كبيرة، خصوصا وأن الأشغال تتم في مسالك جبلية وعرة ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *