وجهة نظر

أسود الأطلس دلالات تألق عالمي

يظل الإنجاز المتميز الذي قدمه أسود الأطلس في مونديال قطر 2022، علامة مضيئة في تاريخ المغرب المعاصر بصفة خاصة، والقارة الإفريقية بصفة عامة، بوصفه واحدا من أعظم الإنجازات التي حققها عن جدارة واستحقاق المنتخب الوطني لكرة القدم، منذ انطلاق البطولة الكروية الأكبر في العالم سنة 1930، وستظل أيام مونديال قطر 2022، ملحمة منقوشة بحروف من ذهب في ذاكرة الزمان، كما سيفتح هذا الانجاز التاريخي إمكانات جديدة للكرة المغربية وللفرق الإفريقية.

ولا شك أن جهود الناخب الوطني والمدرب المبدع وليد الركراكي، الذي ترك بصماته قوية في هذا المونديال بأسلوبه المتميز في تأطير الفريق الوطني وتوجيهه وتدريبه، وبطريقته في التواصل سواء مع الصحافة أو مع اللاعبين، لا شك أنها جهود قد أثمرت ظاهرة جديدة ومتميزة في تاريخ هذه الرياضة، ألا وهي ولوج فريق من بلدان الجنوب إلى المربع الذهبي لأول مرة في تاريخ المنافسات الدولية لكرة القدم، مع ما رافق ذلك من تضحيات جسيمة وروح وطنية وتفان من طرف اللاعبين والمدرب الوطني والطاقم التقني.

لقد منح الأسود لجميع مكونات الشعب المغربي داخل المغرب وخارجه الكثير من السعادة، حيث تراقصت قلوبنا فرحا، مع تراقص أمهات الأبطال في الملاعب وحضورهن الجميل والمؤثر، حيث خطفن الأنظار عالميا فبعد كل انتصار،تعم الاحتفالات كل مناطق المغرب، وكذا العديد من دول العالم، مع حضور ملفت للأمهات في تلك الاحتفالات، لأن تقاسم الفرحة مع الأم تبقى مصدر السعادة الحقيقية في ثقافة هذه البلدان.

وتظهر احتفالات الأمهات ودعاؤهن حضور المرأة المربية والمؤطرة للشباب المغربي، على قيم الوطنية حتى ولو كان في المهجر، مما يدلّ على أهمية حضور الأم ودورها الكبير في إنقاذ الشباب من أزمة الهوية ومن الظروف الصعبة للأحياء الهامشية، وجعلهم يحملون مسؤولية عظمى هي رفع راية الوطن عاليا.

إنها الأم المغربية التي تُعد كتلة جياشة من المشاعر، وزخما إنسانيا دافئا، الأم المغربية التي تعد خير سفير للعادات والتقاليد المغربية الإيجابية الراسخة في مجتمعنا المغربي عبر العصور، وبفضلها ترسخ الشعور بالانتماء في وجدان هؤلاء الشبان المخلصين لوطنهم بالرغم من ترعرعهم في بلاد المهجر.

في مونديال قطر، برزت الأم المغربية كخير مثال للتضامن والتماسك العائلي، فشكرا لها وإن كان من الصعب ردّ جميلها، ويكفيها فخرا أنها صانعة الأمجاد والأبطال في كل زمان ومكان.

ولقد كان الاستقبال الملكي لهؤلاء الأمهات بجانب أبنائهن خير التفاتة من العاهل المغربي الملك محمد السادس نصره الله، لدور الأمهات وقيمتهن في حياة المغاربة، وكذا قيمة مشاركتهن في مونديال قطر2022، كما أن الصور والرموز التي انتشرت عبر العالم لهؤلاء الأمهات تبرز بشكل واضح اهتمام الرأي العام العالمي بهذه الظاهرة التي أسس لها المغاربة وأشاعوها في العالم بما فيها من قيم جميلة وإشارات دالة، في زمن يعرف تفكك الأسرة وتدهور العلاقات العائلية في كثير من بلدان العالم.

فبفضل البنيات التحتية التي توفرت لكرة القدم المغربية في السنوات الأخيرة، ومنها إحداث أكاديمية محمد السادس لكرة القدم من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي أشاد بها الاتحاد الدولي لكرة القدم ” فيفا” والتي وصفتها ب ” جوهرة كرة القدم المغربية ومن أهم وأنجح المراكز الرياضية في العالم قاطبة”.

وبفضل التدريب الجيد والحضور الجماهيري لمختلف فئات الشعب المغربي المشجع صانع الفرجة بامتياز باعتباره أحد النجوم الساطعة في سماء المونديال ورمزا للوفاء للوطن، وخصوصا لحظة عزف النشيد الوطني لسبع مرات،وكذا مشجعين من مختلف الدول المحبة لأسود الأطلس، بفضل هذا كله استطاع الفريق الوطني المغربي استقطاب اهتمام الرأي العام العالمي طيلة مراحل مونديال قطر 2022.

النجاح الرياضي الكبير، يقول: إن المغرب ليس مجرد جغرافيا وسكان فقط، ولكنه حضارة وتاريخ وعطاء وأمجاد، وجدت فيه الكثير من الشعوب نموذجا لما تتوق إليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *