منتدى العمق

تعنيف 10 آلاف إطار بمراكش وقمة المناخ !

إن لغة التهميش والإقصاء التي تنهجها الدولة المغربية في حق الأساتذة وحاملي الشواهد العليا, كانت سببا رئيسيا في خوض هؤلاء لمجموعة من الاحتجاجات السلمية والحضارية تمثلت في خوضهم لأزيد من سبعة أشهر من النضال والاعتصام بشوارع المملكة. ولعل أبرزها, ما يحصل اليوم بمراكش الحمراء, حيث يعتصم الآلاف من خريجي 10 آلاف اطار تربوي وإداري ردا على سياسة التماطل واللامبالاة التي تنهجها الدولة في حقهم.

هذا الاعتصام يشكل تهديدا حقيقيا لسيادة الدولة, خاصة وأن مدينة مراكش تحتضن قمة المناخ في دورتها ال 22. هذه القمة التي يعول عليها المغرب كثيرا من أجل رسم صورة مفبركة تعكس تقدم المغرب واهتمامه بالشأن البيئي. واعتصام 10 آلاف اطار بساحة جامع الفنا, ما هو إلا فضح وتعرية لجرائم المغرب في حق ابناء الشعب.

يريدون عكس صورة مفبكرة للرأي العام الدولي, لكن اعتصام الأساتذة يشكل عائقا حقيقيا أمام الجهات المسؤولة التي تسعى بكل الطرق للتخلص منهم عن طريق تمرير معلومات مغلوطة حول هوية هؤلاء المحتجين. لنجد أن السلطات تنعتهم بالمشوشين والباحتين عن الفتنة.

لكن المشوش الحقيقي لتقدم المغرب هي هذه السياسات اللا شعبية واللا انسانية التي تقضي على امال ابناء الشعب من المستضعفين. 10 آلاف اطار هم نتاج لسياسة الدولة وعلى هذه الأخيرة تحمل المسؤولية واحترام البند القانوني المتمثل في الاتفاقية الإطار وذلك عن طريق ايجاد حل لهذه الفئة المشردة في الشوارع تحت قسوة البرد والمطر.

ان السلطات المغربية جد متخوفة من هذا الاعتصام وتحاول جاهدة وضع حد له, لكن عزيمة هؤلاء الشباب وصمودهم يجعلهم متشبثين بمطالبهم. وخير دليل على ذلك مبيتهم الليلي بساحة جامع الفنا. 10 آلاف اطار يربكون حسابات الدولة المغربية ويفضحون سياساتها وتخريبها للمدرسة العمومية.

كما أن خطة التعاقد أفاضت الكأس ودفعت العديد من التنسيقيات الى الالتحام والاحتجاج ضد هذه السياسات التخريبية التي تهدد مستقبل التعليم العمومي ومستقبل أبناء الشعب. وقد انعكس هذا التلاحم في المسيرة التي عرفتها مدينة مراكش أمس الأحد والتي شارك فيها أزيد من 15 الف أستاذ وطالب وتلميذ وكل من له غيرة على المدرسة العمومية. ان هذه الأطر التربوية تعرف كل أشكال الاقصاء والظلم والتمييز وقد كان الشارع الحل الوحيد للمطالبة بحقوق دستورية جعلت منها الجهات المسؤولة وهما وضربت كل شيء عرض الحائط.

هذا ويستمر مسلسل التخريب والإقصاء من الوظيفة العمومية. فمن بين المفارقات العجيبة, هو أن الوظيفة العمومية أصبحت حكرا على أبناء الوزراء وناهبي الثروة. وعلى أبناء الشعب من حاملي الشهادات العليا بيع السجائر في المقاهي لتوفير قوتهم اليومي. هي اذن سياسات اقصائية دفعت بهؤلاء الى الخروج الى الشارع ومواجهة كل أشكال الظلم والتمييز في حقهم.

ويشار الى أن السلطات العمومية تدخلت اليوم بشكل عنيف لفض هذا الاعتصام, مما أدى الى اصابة العشرات من الأطر. تدخل السلطات بزي مدني يعكس نية الدولة في معالجة هذا الملف بطرق لا عقلانية وباستعمال الشطط في السلطة في بلد يدعي حماية حقوق الانسان.