مجتمع

بوحوت: السياحة بورزازات تعيش مشاكل هيكلية ومشاريع متعثرة وآفاقها مظلمة

كشف الخبير السياحي الزوبير بوحوت، أن ورزازات تمر بوضع دقيق ومتأزم رغم الانتعاشة التي بدأ يسجلها القطاع السياحي على المستوى الوطني مند شهر ماي 2022، كما تم تسجيل زيادة بنسبة + 17% في عدد الوافدين على المستوى الوطني، مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019 ، في حين سجلت ورزازات تراجعا بناقص 15%، رغم احتضانها لتصوير بعض الأفلام العالمية التي كان من المفروض أن تضمن لها نسبة نمو تتجاوز المعدل الوطني، كما هو الحال في سنوات ماضية.

وأبرز الخبير السياحي، في رسالة جديدة إلى كل من رئيس الحكومة، ووزير الداخلية، أن “ورزازات بعد أن سجلت ثاني أكبر نسبة نمو في عدد ليالي المبيت على المستوى الوطني سنة 2017، بزيادة + 37% في حين بلغت نسبة النمو على المستوى الوطني حوالي + 15% فقط، لكن ابتداءا من سنة 2018، بدأت ورزازات تسجل تراجعا مستمرا، حيث تدنت الأرقام بصفة مقلقة وأصبحت تحتل مراتب متأخرة مقارنة مع وجهات صاعدة كانت ورزازات تتجاوزها في السابق، بإعتبار أن النشاط السياحي تراجع بشكل مقلق ولم يعد بإمكان ورزازات التنافس كما في السابق مع الوجهات الكبرى كمراكش وأكادير والدار البيضاء ولا المتوسطة كطنجة، والرباط وفاس، بل تجاوزتها وجهات صاعدة كالمضيف الفنيدق والداخلة والجديدة ومكناس إلخ…”.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن “المهنيين بدأوا يشعرون في بداية سنة 2023 بنوع من الأمل بعد عودة تصوير الافلام السينمائية التي كان لها الأثر الكبير على النشاط السياحي -رغم أن ورزازات فقدت فرصة لتصوير فيلم عالمي ضخم نهاية 2022 بسبب مجموعة من المشاكل- لكن يبدو أن فرحة المهنين لم تكتمل بسبب المشاكل التي بدأت تطفو على السطح مؤخرا بسب تقلص الطاقة الإيوائية الناتجة عن إغلاق الفنادق ناهيك عن غياب الرؤية الثاقبة والجدية لدى المسؤولين محليا.

وأوضح بوحوت أن ورزازات بحاجة أساسا إلى تقوية الطاقة الاستيعابية والنقل الجوي وتجويد الخدمات السياحية، كما أنها بحاجة إلى مسؤولين حقيقيين يعملون بكد من أجل المصلحة العليا للبلد بعيدا عن أي مصلحة ذاتية أو طموحات على حساب مصلحة ورزازات والمغرب بصفة عامة.

وسجل المصدر ذاته أن ورزازات سبق لها أن استقبلت تصوير أفلام سينمائية ضخمة من قبيل لورونس العرب، ومملكة الجنة وصراع العروش وكليوباترا، واستيريكس أوبيليكس وكلادياتور 2 (في طور التصوير)، حيث أصبحت تتمتع برأسمال رمزي وإشعاع دولي، لكن ضعف أداء مسؤوليها طيلة الخمس سنوات الماضية كان السبب في تفاقم مشاكل القطاع السياحي والسينمائي على وجه الخصوص بالإضافة إلى مشاكل أخرى تخص القطاع الصحي والرياضي وقطاعات أخرى.

ولفت إلى أن لامبالاة المسؤولين، جعلت منظمي ماراثون الرمال في دورته السابعة والثلاثين يعيشون كابوسا حقيقيا رغم تفضل مولانا حفظه الله، بإعطاء الرعاية السامية لهذا الحدث الرياضي الهام والذي من المنتظر أن يعرف مشاركة أكثر من 1600 شخص من 54 جنسية، بمن فيهم 1200 مشارك و400 منظم وحوالي ثلاثين صحفيًا محليًا ودوليًا.

وأضاف المتحدث ذاته أن وكالة الأسفار المنظمة لهذا الحدث، حسب مقال نشر بإحدى الجرائد الاليكترونية، أثارت هذا الإشكال مع السلطات الإقليمية لورزازات من خلال مراسلة عامل الإقليم، بتاريخ 1 فبراير 2023، كما تم توجيه مراسلة تذكيرية بتاريخ 13 فبراير 2023، لطلب التدخل، لكن يبدو أن الحلول المقترحة تبقى ترقيعية وستخلف استياءا لمنظمي التظاهرة الرياضية ومنتجي الأفلام كما ستنتج عنها أضرار جانبية مسيئة للوجهة.

وكشف أن السبب في هذا المشكل، هو النقص الكبير في البنيات السياحية بمدينة ورزازات، لا سيما بعد تسارع إغلاق الفنادق، حيث تفيد المعطيات أن حوالي 20 فندقا أغلقت أبوابها في غضون السنوات الماضية،(نصف الطاقة الإيوائية  بالمدينة)، وهو ما خلق مشكلا  كبيرا حيث يتزامن تنظيم هذا الحدث الرياضي الهام مع تصوير أحد أكبر الأفلام السينمائية العالمية.

وأبرز الخبير السياحي أن التلكؤ في إيجاد حل للمشاكل في الوقت المناسب والتعامل باللامبالاة معها، يجعل المسؤولين في ورطة حقيقية وهو ما سيخلق مشاكل كبرى قد تسيء أكثر إلى الوجهة على اعتبار الصورة السلبية التي ستبقى في دهن منظمي الماراثون ومنتجي الأفلام السينمائية، إذ أن ورزازات لم تعد قادرة على استقبال منظمي التظاهرات الرياضية وأطقم الإنتاجات السينمائية في نفس الفترة في فنادقها، ليتم اللجوء إلى مراكز الاستقبال للمؤسسات الاجتماعية.

وكشف بوحوث أن تحرك المسؤولين في الوقت بدل الضائع سيحتم على منظمي الماراثون ومنتجي الأفلام بقبول حلول ترقيعية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إضافة إلى إلغاء الحجوزات مع مجموعة من وكالات الأسفار التي تعودت على برمجة رحلاتها إلى ورزازات في هاته الفترة مع إمكانية اللجوء إلى مؤسسات إيواء بديلة وبمواصفات جودة أقل من التي اعتادت عليه هذه الوكالات وزبناؤها وهو ما سيترك انطباعا سلبيا لدى منظمي الماراثون ومنتجي الأفلام ووكالات الأسفار على حد سواء.

وأضاف أنه بدل الانكباب على التفكير في إيجاد المقترحات الناجعة والواقعية لتطوير القطاع من خلال إيجاد الحلول للفنادق المغلقة، واستقطاب مستثمرين جدد لتقوية العرض السياحي مع تقوية الربط الجوي والترويج، يتم تبديد الزمن في اقتراح برامج لا يمكن أن تأتي بالحل للمشكل الحقيقي والأساسي للسياحة مع تسجيل تعثر كبير في إنجازها، حيث بدأت تعرف تأخيرا كبيرا كان آخرها التأجيل الذي قرره عامل إقليم ورزازات يوم 27 مارس الماضي بصفته رئيسا للجنة تتبع تنويع العرض السياحي بمناسبة انعقاد اجتماع لهاته اللجنة، وهو مؤشر أولي لفشل المشروع.

المتحدث ذاته تطرق، في رسالته، إلى أن “الكلام عن مشروع تنويع العرض السياحي لورزازات بدأ ابتداء من 2018، حيث تم اعداده بطريقة فردانية دون استشارة المهنيين ومجموعة من المتدخلين الأساسيين، كما تم التوقيع على الاتفاقية الخاصة به سنة2021 مع مجموعة من الشركاء مع الإصرار على تغييب شركاء آخرين كوزارة الثقافة رغم أن كل مكونات المشروع لها ارتباط وثيق باختصاصات وزارة الثقافة، التراث، التنشيط، السينما، إلخ”.

في سياق متصل، استحضر بوحوث تغييب مجموعة من الجماعات الترابية رغم توفرها على مؤهلات سياحية هائلة، كجماعة أيت زينب التي يتواجد فوق ترابها قصر أيت بن حدو المصنف ك تراث لليونسكو مند 1987 والتي من المفترض أن تحتضن أحد المتاحف المدرجة في المشروع، بالإضافة إلى جماعة تارميكت التي تتواجد بترابها واحة فينت وبحيرة سد المنصور الذهبي ومؤهلات أخرى، كما تم تغييب جماعة سكورة وهي المعروفة كواحة متميزة بشجر النخيل والزيتون والقصبات والتنوع البيولوجي، هذا دون نسيان جماعات تازناخت الكبرى وتلوات وجماعة ايمونولاون التي تحتضن مشروع متحف الديناصور الموجود في طور الانجاز، وهو ما يستوجب إعادة النظر في هذه الاتفاقية لتشمل مجموعة من المتدخلين الذين ستكون لهم قيمة مضافة مؤكدة.

وأوضح أن الشركة المغربية للهندسة السياحية بصفتها حاملة للمشروع سبق لها أن أطلقت طلبا للعروض لإنجاز دراسة للمشروع في شهر نونبر 2021، حيث فاز تجمع لبعض مكاتب الدراسات بصفقة تبلغ131 مليون سنتيم، كما تم إطلاق صفقة أخرى من أجل إنجاز تطبيق للألعاب بمبلغ 120 مليون سنتيم، لكن بعد مرور سنة ونصف على ذلك، يبدو أن المشروع لم يراوح مكانه وهو ما جعل مهنيي السياحة يتدخلون في اجتماع 27 مارس بمقر العمالة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، خصوصا بعد قرار  عامل الإقليم تأجيل الاجتماع إلى غاية يونيو 2023،  فأقترحوا برنامجا جديدا عبارة عن تقليد مصغر لبعض الأنشطة المنظمة بساحة جامع الفنا بمراكش مع استقدام بعض كوميديي الحلقات وتأثيت الفضاء بأروقة لبيع بعض المنتجات المجالية والثمور إلخ.

وشدد على أن المبادرة التي تم إعدادها في وقت قياسي من طرف مهنيي القطاع السياحي وبعض  الطاقات المحلية، وعلى الرغم من أنها لا تقترح حلولا للمشاكل الهيكلية الخاصة بالطاقة الاستيعابية والنقل الجوي والترويح الرقمي الذي أصبح هو العنوان الأبرز لأي برنامج عمل في الميدان السياحي، إلا أنه  من شأنها أن تحقق نوعا من الرواج والتنشيط بساحة الموحدين شريطة الانخراط  الجاد للمجلس الجماعي لورزازات الذي توجد ساحة الموحدين ضمن مجال تدبيره، وهو ما يتطلب إجراءات قانونية ومسطرية لابد من القيام بها.

وأضاف المصدر ذاته، أنه في الوقت الذي يعرف المجلس الجماعي جمودا وبداية مخاض يندر بكارثة مؤكدة، كما أن فكرة وتصور  الكارنافال التي تم اقتراحه من طرف بعض الكفاءات المحلية، تعتبر بادرة مهمة وجب تشجيعها وتوفير كل الظروف لإنجاحها وخصوصا التمويلات اللازمة لتحقيقها إلى جانب الانشطة المقترحة بساحة الموحدين.

كما أشار الخبير السياحي، ضمن الرسالة ذاتها، إلى أن هناك اتفاقية بقيمة 38 مليون درهم تم التوقيع عليها سنة 2021 ، بمساهمة  مجموعة من الشركاء من بينهم الشركة المغربية للهندسة السياحية (حاملة للمشروع)، حيث  بدأت تتوصل بمساهمات بعض الشركاء في حين يجد المجلس الإقليمي لورزازات صعوبات في توفير التمويلات التي تم التوقيع عليها (6,5  مليون درهم)، نظرا لضعف ميزانيته ولغياب المبادرات الجادة من طرف الإدارة الترابية لتوفير الميزانية بالترافع لدى الإدارات المعنية، حيث لم تبدأ التحركات إلا مؤخرا وهو ما يؤكد أن اللامبالاة هو الأسلوب المعتمد  في التسيير من طرف المسؤولين محليا.

وجاء في ختام الوثيقة، أن ورزازات في حاجة إلى عمل جاد يبرز مواطن قوة المنتوج السياحي والفرص المتاحة لتثمينه، وهذا لن يتأتى إلا بتفحيص مدقق تقوم به لجان مركزية رفيعة المستوى للوقوف على المشاكل والوضعية الحقيقية التي يعيشها الإقليم بعيدا عن التقارير المنمقة والمضللة والتي لن تزيد الأمور إلا سوءا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *