اقتصاد

تقديم أول سيارة مغربية.. انخراط ملكي في تحول المغرب لمنصة صناعية عالمية

الملك يترأس تقديم أول نموذج لسيارة من صنع مغربي

ترأس الملك محمد السادس، أمس الاثنين بالقصر الملكي بالرباط، حفل تقديم نموذج أول سيارة من صنع مغربي، والنموذج الأولي لمركبة تعمل بالهيدروجين قام بتطويرها مغربي، وهما مشروعان مبتكران من شأنهما تعزيز علامة “صُنع في المغرب”، وتدعيم مكانة المملكة كمنصة تنافسية لإنتاج السيارات.

وتنسجم هاتان المبادرتان الصناعيتان تمام الانسجام مع التعليمات الملكية الرامية إلى توجيه القطاع الخاص نحو الاستثمار المنتج، لاسيما في القطاعات المتطورة والمستقبلية، وتحفيز انبثاق جيل جديد من المقاولات في المملكة. كما يكرس هذان المشروعان، رؤية الملك محمد السادس بخصوص التنمية المستدامة وتعزيز الطاقات المتجددة، لاسيما في قطاع الهيدروجين الأخضر الواعد.

انخراط ملكي

في هذا الإطار، قال نوفل الناصري، الخبير اقتصادي والمالي المتخصص في السياسات الحكومية والاستراتيجيات التنموية، إن دلالة إشراف الملك محمد السادس على إطلاق نموذج أول سيارة من صنع مغربي هو تأكيد على انخراط عملي لأعلى سلطة في البلاد في إستراتيجية المغرب التي تهدف لكي تصبح المملكة المنصة الأولى الأكثر تنافسية في العالم بقطاع السيارات.

واعتبر الناصري ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن هذه الخطوة دليل واضح على تميُّز الإنتاج المغربي وتطور المنظومات الصناعية المحدَثة، وهو تتويج لتحول علامة “صُنِعَ في المغرب” إلى مرجع دولي مُعتمد، مبرزا أن منصة المغرب الصناعية للسيارات تصدر إنتاجها إلى أزيد من 74 بلداً عبر العالم، بنسبة اندماج محلي في حدود 69%. ويتم تصدير 90% من الإنتاج إلى كل أنحاء العالم.

تنافسية عالمية

وشدد الخبير الاقتصادي، على أن المغرب أصبح حاضرا في خطط كبريات الشركات الصناعية العالمية، وهو مؤهل لأن يصبح المركز الأكثر تنافسية في العالم في صناعة السيارات، مشيرا إلى أنه بحسب تقرير “الانتعاش الاقتصادي في المغرب”، الصادر عن مجموعة “أكسفورد بيزنس غروب” فإن القرب الجغرافي بين المملكة المغربية وأوروبا، أكبر شريك تجاري لها، حوّل المغرب إلى مركز عالمي لتصنيع السيارات على مدار العقود الأخيرة.

وزاد الناصري ضمن تصريحه للجريدة، أن “المجلة الأمريكية المتخصصة في صناعة السيارات “أوتوموتيف إنداستريز” أكدت أن المغرب مؤهل لأن يكون مركزًا لصناعة السيارات، وأنه يتجه لإنتاج مليون سيارة في المدى المتوسط”.

وبحسب المتحدث، فإن تقديم المغرب للنموذج الأولي لسيارة تعمل بالهيدروجين فهو يندرج في إطار إستراتيجية المغرب لكي يتحول إلى مركز عالمي أكثر تنافسية لصناعة السيارات، حيث تقوم هذه الاستراتيجية على 3 ركائز.

طاقات متجددة هائلة

الركيزة الأولى، تتعلق بحسب الناصري، برفع الاندماج المحلي إلى 80% (80% من أجزاء السيارات ستكون مصنعة في المغرب بمصانع مغربية) عن طريق تحسين تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز قدراتها التقنية والتدبيرية وتوفير الوعاء العقاري الصناعي الخاص بها وتسهيل حصولها على التمويلات المالية الكافية لتطوير استثماراتها وتحديث أنظمتها الإنتاجية لمواكبة التحولات العالمية وللاستجابة لمتطلبات المصنعين الكبار.

وأشار إلى أن الركيزة الثانية مرتبطة برفع القيمة التنافسية للمنتوج المغربي بتحقيق الحياد الكربوني في القطاع، على اعتبار أن المغرب يتوفر على أقوى الاستراتيجيات في التنمية المستدامة عالميا ويزخر بطاقات متجددة هائلة ومتنوعة وهو مؤهل للعب أدوار إقليمية وعالمية في هذا المجال على المدى المتوسط والبعيد.

وأوضح الخبير الاقتصادي والمالي في هذا الإطار، أن نزع الكربون من المنظومة الصناعية الوطنية يمثل الميزة التنافسية الكبرى للمغرب أمام الهند والصين، وسيسمح هذا الأمر للمصدرين المغاربة بولوج الأسواق الأوروبية التي تستعد لتطبيق ضريبة الكربون في الأشهر المقبلة.

في حين ترتبط الركيزة الثالثة، بحسب الناصري، بدمج رأس المال المغربي في هذه الصناعة المتطورة ودفع الاستثمارات المحلية للانخراط بشكل كبير في العمليات الإنتاجية، في إطار المشروع الرائد للإنعاش الصناعي لمرحلة ما بعد كوفيد -19.

منظومة متكاملة

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي إدريس الفينا في تصريح لجريدة “العمق”، إن وجود مستثمرين في مجال صناعة السيارات بالمغرب هو نقلة نوعية، لأن المستثمرين اعتادوا على الاستثمار في القطاعات السهلة أو ما وصفها بـ”قطاعات الريع”، والآن يتوجهون لقطاعات تعتمد على البحث العلمي والصناعة الحقيقية.

وأشار الفينا، ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن المغرب اليوم من خلال معمل “رونوا” بطنجة والدار البيضاء والقنيطرة، أصبحت لديه منظومة متكاملة لصناعة السيارات، والتي يمكن أن يستفيد منها المستثمرين المغاربة وحتى الأجانب، الذي يريدون الانخراط في مجال صناعة السيارات.

وشدد الخبير الاقتصادي المغربي، على أن “هذه التجربة المهمة ستسمح للمغرب بأن تكون لديه صناعة سيارات بقيمة مضافة عالية للاقتصاد الوطني”.

وحدة صناعية بعين عودة

قامت شركة “نيو موتورز” بإحداث وحدة صناعية بعين عودة (جهة الرباط-سلا-القنيطرة)، لتصنيع سيارات موجهة للسوق المحلية وللتصدير. ويتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية 27 ألف وحدة، بنسبة إدماج محلي تصل إلى 65 بالمائة. ويتوقع أن يبلغ الاستثمار الإجمالي في هذا المشروع 156 مليون درهم، مع إمكانية إحداث 580 منصب شغل.

وكانت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية قد منحت في فبراير 2023 المصادقة النهائية للمركبة الأولى. وأشرفت المقاولة على إطلاق السلسلة الأولية للإنتاج، وتعتزم تدشين هذه الوحدة الصناعية خلال شهر يونيو المقبل وإطلاق عملية التسويق.

وتشرف على هذا المشروع، الذي يعد إيذانا بميلاد أول علامة سيارات مغربية للعموم، كفاءات وطنية. ويعتمد خصوصا على منظومة محلية لتجهيز السيارات تطورها المملكة.

مركبة هيدروجينية

وفي ما يتعلق بالنموذج الأولي لمركبة الهيدروجين لشركة “NamX “نامكس، فقد تم تصميمه بشراكة مع المكتب الإيطالي المرموق للتصميم والمتخصص في هياكل السيارات (بينينفارينا). وقد تم إبداع التصميم الداخلي للمركبة من طرف كفاءات مغربية.

وسيتم تزويد نموذج مركبة الهيدروجين النفعية HUV (Hydrogen Utility Vehicle) بالهيدروجين بواسطة خزان مركزي سيتم تعزيزه بست كبسولات قابلة للإزالة، مما سيمكن من تأمين قدرة مهمة للبطارية وتسهيل شحن الهيدروجين في بضعة دقائق.

ويضع هذا المشروع الرائد المغرب في صلب الدينامية المتجددة، على المستوى العالمي، الرامية إلى تطوير أشكال جديدة للنقل تجمع بين النجاعة واحترام البيئة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *