أخبار الساعة، سياسة

عودة العلاقات بين المغرب وإيران .. هل تدخل البوليساريو في عزلة حقيقية؟

أثار تعبير وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، عن رغبة بلاده في “تطبيع العلاقات مع المملكة المغربية”، التي تم قطعها سنة 2018 بسبب اتهام الرباط لطهران بتقديم الدعم المسلح لجبهة البوليساريو الانفصالية، تساؤلات بشأن مستقبل الجبهة، إذ أن أي عودة محتملة للعلاقات الديبلوماسية بين المغرب وإيران سيكون حتما عبر مراجعة إيران لموقفها من قضية المغاربة الأولى.

وكان المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران في 2018، بعد اتهامات لـ”حزب الله” اللبناني المدعوم إيرانيا بالانخراط في علاقة “عسكرية” مع جبهة البوليساريو عبر سفارة إيران بالجزائر، ما عدته الرباط تهديدا لأمنها. وقبل قطع المغرب علاقاته مع إيران، سبق له أن اتخذ قرارا مشابها عام 2009 ردا على تصريحات إيرانية طالبت بضم مملكة البحرين إلى أراضيها، وهي القطيعة التي استمرت حتى 2016، بعدها عين المغرب سفيرا له في طهران.

عزل البوليزاريو

بحسب أستاذ العلاقات الدولية، عبد النبي صبري، فإن عودة العلاقات بين المغرب وإيران إلى مجاريها بعد انتفاء سبب قطع العلاقات، سيكون آخر مسمار يدق في نعش البوليزاريو ومن ورائه الجزائر، معتبرا أن هذه الخطوة المحتملة من شأنها أن تسرع في طي النزاع المفتعل.

وأوضح في تصريح لجريدة “العمق”، أن الخطوة التي أقدم عليها المغرب بخصوص قطع علاقته بإيران قبل سنوات، يؤكد بالبرهان على أن هناك عناصر ذات توجه إيراني داعمة لميليشيات البوليساريو، وأن الحجج الدامغة التي قدمها المغرب آنذاك تنكرت لها إيران وادعت أن لا علاقة لها بذلك لكن الواقع يؤكد هذه المعطيات.

واعتبر أن إيران كانت تريد التمدد في شمال إفريقيا وكانت تعتقد على أن شمال إفريقيا والقارة الإفريقية لقمة سائغة يسهل التمدد فيها كما هو الأمر في الخليج العربي وفي المشرق العربي ككل، مشيرا إلى تورط الجزائر في جرها إلى هذه الورطة التي سقطت فيها دون دراسة لخفايا هذا الأمر.

وأكد أن “التحدي الخاطئ الذي كانت قد رفعته إيران بأن تخترق القارة الإفريقية ارتطم أولا بصعوبة في المجال الديني إذ أن محاولتها إيصال المد الشيعي إلى إفريقيا اصطدم بالمد السني والمذهب المالكي والدور الذي يقوم به المغرب على مستوى الديبلوماسية الروحية وتكوين الأئمة الأفارقة، وهو ما وجدت معه نفسها في موقف أربك أوراقها من الناحية الإيديولوجية التي هي تتأسس عليها”.

تغييرات النظام الدولي الجديد

وفي قرائته لتعبير إيران عن رغبتها في عودة العلاقات مع المغرب إلى سابق عدها، يرى أستاذ العلاقات الدولية، عبد النبي صبري، أن “عودة العلاقات السعودية الإيرانية كان مرده إلى تحولات استراتيجية همت بنية النظام الدولي حيث تغيرت الهيمنة العالمية تبعا لتغير مركز القرار العالمي بفعل ما يجري في شرق أسيا والحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات جائحة كورونا، إذ أن كل هذا شكّل ما يعرفه النظام الدولي اليوم من تعقيدات جيوسياسية وما يعرفه الجيوبلوتيك الدولي من تداعيات على هذا المستوى”.

وأشار صبري إلى أن “إيران أدركت، أخيرا، أن المغرب متفوق على المستوى الأمني والاستخباراتي وله تجربة واسعة الانتشار في الميدان وله الخبرة والكفاءة وتمكن من إدراك طبيعة المحيط بنجاحاته وإخفاقاته وإحباطاته، في حين أن الجزائر مع الأسف لا تملك أدوات القرار أولا ثم ثانيا جعلت من إلهاء الداخل الجزائري مطية لاستدامة الوضع وإبقائه على ما هو عليه”، يضيف صبري.

وأكد أن مناورات الأسد الإفريقي هي الأخرى أربكت حسابات إيران وجعلتها تعيد التفكير مليا في الخطوات التي قامت بها، مشيرا إلى أنه قبل الدورة الأخيرة للمناورات أكد الرئيس الأمريكي عبر معطيات دقيقة أن ميليشيات البوليزاريو توصلت بأسلحة ومسيرات إيرانية، مضيفا أن هذا الأمر في غاية الحساسية لا سيما وأن الوضع في الساحل والصحراء.

واعتبر أن الجزائر أرادت أن تجر روسيا وإيران وحلفائها مُعتقدة أنها ستصل بهم أو من خلالهم إلى لي ذراع المغرب، لكن الذي تبين لإيران وحلفائها ولمن ورّطها ولمن أراد أن يورطوها بشكل أكبر أن هذا الأمر لم يعد يجري الآن، مبرزا أن هناك إجماع عالمي على أن السلوك الخارجي الإيراني سلوك عدواني اتجاه ليس فقط تجاه دول الجيران والدول إسلامية، ولكن حتما مع دول أخرى، معتبرا ان إيران أدركت الخطورة والأخطاء الجيواستراتيجية التي ارتكبتها في الماضي.

وشدد على أنه من الصعب على إيران الاستمرار بأن تغامر وتقامر على بلد هو في الأصل قابل للاشتعال في أي لحظة، مشيرا أن داخله يغلي وينتظر الفرصة السانحة من أجل أن ينتفض.

حسابات إيرانية خاطئة

وعبر صبري عن استغرابه من اتصال الرئيس الجزائري بالرئيس الإيراني، وبث بلاغ حول الموضوع وإذاعة أن الجزائر وإيران يطمحان في أن تكون العلاقات أقوى بينهم، في الوقت الذي سبقه إعراب إيران عن طموحها عودة العلاقات مع المغرب، معتبرا أن هذا الاتصال ليس اتصالا عاديا ولا يدخل في الممارسة اليومية والممارسة الدبلوماسية والأعراف الدولية، لاسيما وأن العلاقة قائمة بين البلدين في الأصل.

وأوضح أن “الجزائر تعمل على جر إيران إلى المستنقع وقد أدخلتها لتساعد القذرين”، في الوقت الذي تريد فيه إيران أن تتغذى من بؤر التوتر التي توجد في بعض المناطق، لأن في بؤر التوتر تكون الدول ضعيفة ويسهل اختراقها، مشددا أن على أن “الحسابات الجيوسياسية التي ربطت بين إيران والجزائر على مستوى شمال إفريقيا كانت تسعى لإضعاف المغرب، غير أن إيران وجدت بأن المغرب يصعب إضعافه لأنه بلد له تاريخ وله قرون وحضارة”.

وأوضح أن “إيران عندما حاولت إضعاف المغرب قطع علاقاته معه، لتجد فيما بعد أنها تورطت مع طرف ضعيف ولا يملك القدرة ولا يملك القرار”، مشيرا إلى أن “إيران كانت ربما تعول على أن الجزائر تملك أدوات القرار، لتدرك فيما بعد أنها تنوب عن شريك تقليدي كانت في ما مضى مُستعمرة سابقة له، إذ هو الذي يتصرف بها متى يشاء وكيفما يشاء وعلى النحو الذي يشاء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • قارئ
    منذ 10 أشهر

    المرجو تعديل الخريطة وضعتم علم ايران على دولة العراق

  • العلوي حسن
    منذ 10 أشهر

    شكرا لكم على هذه المعلومات القيمة