منتدى العمق

تنافسوا على الكراسي لكن افهموا الوطن

تعلمت في الحملة الانتخابية السابقة ما لم أتعلمه طوال حياتي.

فقد رأيت المواطن المقهور الذي لا يلقي بالا للحوارات و النقاشات الدائرة في تلك الجزيرة المعزولة التي نسميها الفيسبوك , فعلمت أننا في هذا العالم الازرق نعاني من وهم ادعاء معرفة كل شيء و لا نفهم الشعب الذي نريد الدفاع عن مصالحهمواطن همه كله أن يجد أين ينام دون أن يعاني من فيضان الواد الحار و أن يجد إضاءة ترشده الى بيته حين رجوعه من ساعات الليل الطويلة في مصنع عفن و بأجر متدني , هذا العامل الذي لا يعرف معنى التداول السلمي للسلط و لا الإنتقال الديمقراطي و لا تلك المعاني التي تأثث صالونات النخبة المترفة , بالنسبة إليه الوطن حيث يأتي مساءا و يجد خبزا و ابتسامة من اطفاله.

هذا المواطن لا يعرف لاهاي و لا الأمم المتحدة سوى في النكات و لكنه يعرف المقدم و القايد لأنهما من وقت لآخر ينغصان عليه سير حياته العادية حين يريد أن يضيف بابا او نافذة في مسكنه بدعوى أنها غير قانونية , علما انه يسكن في السكن العشوائي فاين هي القانونية في كل هذا.

رأيت مواطنا شابا بالنسبة له الحملة الإنتخابية ليست تنافسا بين الأحزاب و لكنها فرصة كي يسترزق فقد ضاع أمله في الوطن و الشيء الوحيد الذي يربطه به أنها أرض الأجداد و لا يمكن أن يفرط في تراب ضحى أجداده من اجله.

كنت أصل الى أحياء أستحيي أن أذكر مصطلح ديمقراطية لأنها صدقا آخر ما يحتاجون إليه هناك , خصوصا حين رحبت بي عائلة من خمسة افراد في بيت مساحته خمسة عشر متر مربع , كلهم يقطنون هناك و ينامون هناك حيث يصعب أن تنام و انت تمد رجليك دون ان تصادف بطن او ظهر الآخر.

استحييت حين وصلنا إلى كاريان وسط فيلات عين السبع , رأى الناس أعلامنا و رمز المصباح فخرجوا يرحبون بنا , استحييت لأننا لم نقدم لهم ما يجعلنا نستحق قلوبهم لكنهم رغم ذلك احتضنونا بدفء و أخبرونا أنهم كانوا في انتظارنا و لحد الآن أتساءل كيف استحقينا هذا.

وصلنا إلى أحياء استقبلنا فيها الناس و أخبرونا أن نعود كي نرتاح فلا حاجة كي نحدث الناس هنا فهم يؤمنون بنا و في أغلب الأحيان أكثر مما نؤمن بأنفسنا استغربت حين أرسلت مرشحة في “حزب” أحد سكان الدور العشوائية و بدأ في تكسير كؤوس الزجاج أمامنا كي نخاف و نعود أدراجنا , فلحق بنا نفس الشخص ليعتذر و يخبرنا أنه سيصوت للمصباح و لكنه خاصو يدبر على راسو لأن “مشغلته ” كانت حاضرة هناك و لما سمعتنا آتين بشعارتنا أمرته أن يبعدنا بأي طريقة , المهم الحداثة والمدرسة و داكشي
طوال الحملة ضحكت من أعماقي في موقفين لا غير , حين أرسل أحد المرشحين شخصا و قال لي واش دائما العدالة لي كاينة أو ممكن أن تنضمي لمكان آخر فأجبته بنظرة واحدة , و حين سهرنا حتى الثانية صباحا في مراكز الاقتراع و لم تخيبنا الساكنة و رأينا نتيجة عرقنا و تعبنا تجنى.

المغرب ليس صندوق المقاصة , المغرب ليس التقاعد , المغرب ليس الاستحقاقات الانتخابية التشريعية و لا ما يجاور هذه الكلمات الرنانة.
المغرب هو حين تضمك امرأة بعمر الثمانين سنة و تخبرك أنها تحبك لأنها رأت الصدق في عينيك , المغرب حين يأتي أطفال حي ما كي يطوفوا معك في حملتك حتى لا يأتي من يؤذيك في حيهم و أنت لم تطلب منهم , المغرب حين مررنا من زقاق ضيف في كاريان فأطل الناس علينا من نوافذهم و هم يهتفون.

المغرب حين نكون هناك من أجل الناس, من أجل الوطن, و من أجل ترابه