اقتصاد، سياسة

تمديد “البراق” وتطوير المطارات والموانئ ومناطق الزلزال.. هذه تفاصيل الشراكة الجديدة بين المغرب والإمارات

تمديد خطوط القطار فائق السرعة “البراق” من القنيطرة إلى مراكش، وتطوير المطارات والموانئ والسدود، وإعادة إعمار مناطق زلزال الحوز، ومشروع أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، كانت من أبرز المشاريع التي تضمنها إعلان الشراكة الموقع بين المغرب والإمارات، هذا اليوم.

ففي عاصمة الإمارات، أبو ظبي، وقع الملك محمد السادس، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، إعلان “نحو شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة”.

ويهدف هذا الإعلان إلى الارتقاء بالعلاقات والتعاون الثنائي إلى آفاق أوسع، عبر شراكات اقتصادية فاعلة، تخدم المصالح العليا المشتركة وتعود بالتنمية والرفاه على الشعبين الشقيقين.

وشدد قائدا البلدان على طموح الدولتين لإقامة شراكات اقتصادية استراتيجية مشتركة رائدة على مستوى الأسواق الإقليمية والدولية، لاسيما مع الفضاء الإفريقي.

مشاريع ضخمة

وترتكز عناصر الشراكة والتعاون، بحسب نص الإعلان الموقع من طرف قائدا البلدين، على إعطاء الأولوية لعدة مجالات، وفقا لتفاهم مشترك.

ويتعلق الأمر بفرص الاستثمار في مشاريع البنيات التحتية، من خلال تمديد خطوط السكك الحديدية، بما في ذلك على وجه الخصوص والأولوية القطار فائق السرعة القنيطرة-مراكش.

وينص إعلان الشراكة على تطوير المطارات، بما في ذلك مطارات الدار البيضاء، ومراكش، والداخلة (Dakhla Hub)، والناظور.

كما ينص على تهيئة الموانئ والاستثمار في تدبيرها، خاصة ميناء الناظور-غرب المتوسط، وميناء الداخلة الأطلسي، إلى جانب مشاريع أخرى يتفق الطرفان لاحقا على جدواها.

ويتمحور المجال الثاني على استكشاف فرص الاستثمار في قطاعات الماء والطاقة والتنمية المستدامة.

ويشير الإعلان إلى مشاريع تحويل المياه وإنجاز السدود الموجهة للماء الصالح للشرب وللفلاحة، والسدود الكهرومائية الحالية والمستقبلية

كما يتحدث إعلان الشراكة على الطاقات المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بجانب نقل الطاقة، ولاسيما إنجاز واستغلال خطوط نقل الكهرباء، مع أي مشاريع ذات الصلة، يتفق الطرفان لاحقا على جدواها.

وفي المجال الثالث، اتفق البلدان على بحث فرص التعاون الاستراتيجي في مجال الأمن الغذائي، عبر استكشاف إمكانيات الشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط في مجال الأسمدة.

كما اتفقا على بحث تطوير مشاريع مشتركة في المجالات السياحية والعقارية، لا سيما على ساحل البحر الأبيض المتوسط وفي جهتي الداخلة وطرفاية.

وفي التعاون الانمائي وإمكانيات إنجاز مشاريع سوسيو اقتصادية، نص الإعلان على فرص المساهمة في إعادة إعمار وتهيئة المناطق المتضررة من زلزال الحوز.

وأشار إلى استكشاف إنجاز وتمويل مشاريع في مجال إنشاء المؤسسات التعليمية والجامعية والصحية.

كما اتفق الطرفان على دراسة إنجاز وتمويل مشاريع في مجال الاتصالات والاقتصاد الرقمي، مع مشاريع أخرى ذات بعد اقتصادي والتعاون في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص.

إلى جانب ذلك، اتفق الطرفان على استطلاع إمكانيات التعاون في مجال الصناعة والفلاحة والصناعات الغذائية، وتشجيع مساهمة هذه القطاعات في الرقي بالعلاقات الاقتصادية والتجارية؛

كما نص إعلان الشراكة على دراسة فرص وإمكانيات التعاون في المجال المالي وأسواق الرساميل.

وفي المجال الثامن، نص الإعلان على بحث التعاون واستكشاف الآفاق في الشراكة بين الصناديق السيادية والاستثمارية لكلا البلدين.

كما اتفق الطرفان على دراسة إمكانيات التعاون في مجال الشراكة الاقتصادية وتطوير البنيات التحتية والطاقية مع الدول الإفريقية وفقا للنظم القانونية والتشريعية.

وبحسب نص الإعلان، فإن تطوير البنيات التحتية والطاقية مع الدول الإفريقية، يشمل على وجه الخصوص، مشروع أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، والمشروع المندمج للداخلة “Dakhla Gateway to Africa”، مع إحداث وتدبير أسطول بحري تجاري.

إعلان الشراكة الذي وقعه الملك محمد السادس، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أشار إلى أن هذه المجالات تشمل أيضا مشاريع ذات الصلة، يتفق الطرفان لاحقا على جدواها.

أهداف الشراكة

وبحسب نص هذا الإعلان، فإن أهداف الشراكة المبتكرة والمتجددة والراسخة بين المغرب والإمارات، تتمثل في ترجمة التكامل بين البلدين إلى تعاضد نوعي واستثمار مستدام.

ويأتي ذلك قصد الرقي بعلاقاتهما الثنائية الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والصناعية إلى مستوى روابطهما السياسية والشعبية العميقة، وذلك خدمة لأهداف التنمية والرفاه المشتركة.

وتهدف الشراكة إلى إرساء نموذج تعاون اقتصادي واستثماري شامل ومتوازن، منفتح على القطاع الخاص ويعود بالفائدة والتنمية على الجميع، وفق نص الإعلان.

كما تروم تفعيل تعاون عملي وملموس، عبر مشاريع مهيكلة تستجيب لمصالح الطرفين، خاصة في القطاعات السوسيو اقتصادية ومجالات البنيات التحتية، والنقل، والماء الموجه للشرب وتنمية القطاع الفلاحي، والطاقة، والسياحة، والمشاريع العقارية، وفي مجالات التكوين والتشغيل.

ويرتكز الطرفان في تعاونها على 3 مبادئ، وفق المصدر ذاته، تتجلى في إعطاء دفعة قوية ومتجددة للشراكة والتنمية الاقتصادية والاستثمارية للبلدين، طبقا لتشريعاتهما سارية المفعول، وكذا التزاماتها وتعهداتهما الدولية.

ويتمحور المبدء الثاني في استحضار المصالح العليا والاهتمامات المشتركة للطرفين، وتثمين الثقة المتبادلة لتحقيق تعاون ملموس يخدم التنمية والمصالح المتبادلة طبقا لمبدأ الربح المشترك.

كما سيتم، في المبدء الثالث، تفعيل نماذج تعاون عملية ومبتكرة وفقا للتفاهم المشترك، لدعم وتنفيذ المشاريع النوعية وتوفير الدعم المالي لها من خلال تعبئة التمويلات والشراكات بين القطاع العام والقطاع الخاص، ورؤوس الأموال الاستثمارية.

مذكرات تفاهم

وأورد الإعلان ذاته، أن الطرفان سيعملان عبر المؤسسات المعنية، على دراسة المشاريع الاستراتيجية في هذا الإعلان.

وأوضح المصدر ذاته، أن المشاريع المشار إليها أعلاه وغيرها، ستكون موضوع مذكرات تفاهم خاصة بتفاهم مشترك يحقق رغبات وأهداف الطرفين.

كما ستحدد مذكرات التفاهم مواصفات المشروع وأشكال تمويله والحيز الزمني اللازم لتنفيذه، وكذا التزامات كافة الأطراف المساهمة فيه.

وأشار نص الإعلان إلى أنه سيتم دراسة وإبرام هذه المذكرات في أجل لا يتعدى 3 أشهر من تاريخ هذا الإعلان.

التمويل والتنفيذ

وأشار إعلان الشراكة إلى أن الطرفان سيعملان على الاتفاق المشترك حول طرق تمويلات المشاريع وفقا للتصورات المحددة بين الطرفين، بمعية شركائهما المحتملين عند الاقتضاء.

ويتفق الطرفان على أن هذه التمويلات الاستثمارية ستكون مزيجا بين رؤوس الأموال، وقروض تسهيلية، وقروض تجارية تنافسية، وأدوات تمويل مبتكرة، إلى جانب هبات.

ونص الإعلان على أن الطرفان سيحدثان، عبر مذكرة تفاهم خاصة، آلية لتنفيذ وتتبع المشاريع التي ستتم برمجتها وفقا لمقتضيات هذا الإعلان.

وتتكون هذه الآلية من ممثلين عن الطرفين، ويتم تحديد تشكيلتها من قبلهما، حسب الحاجة.

كما تجتمع هذه الآلية في تشكيلة متفق عليها بين الطرفين، بصفة منتظمة، بالتناوب في المغرب والإمارات العربية المتحدة وترفع تقاريرها للجهات ذات الاختصاص، وفق المصدر ذاته.

واليوم الإثنين، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بـ”قصر الوطن” بأبوظبي، الملك محمد السادس الذي يقوم بزيارة عمل وأخوة للإمارات، اليوم وغدا، بدعوة من بن زايد.

وأبرز نص إعلان الشراكة، على أن هذه الزيارة تأتي تثبيتا للروابط العميقة بين البلدين، والتي أرسى قواعدها الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، “والتي تقويها وتسمو بها أواصر الأخوة الحقة والمحبة الصادقة بين قائدي البلدين”، الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد.

وخلال مباحثاتهما الثنائية التي طبعتها ثقة تامة وانسجام كامل في الرؤى حول فرص وإمكانات التكامل والتعاون العملي بين البلدين في إطار تعاضد وتكاتف متبادل، يضيف نص الإعلان، “جدد القائدان عزمهما الأكيد والملح على الارتقاء بالعلاقات بين البلدين والتعاون المشترك إلى آفاق أوسع، عبر شراكات اقتصادية فاعلة، تخدم المصالح العليا المشتركة وتعود بالتنمية والرفاه على الشعبين الشقيقين”.

وانطلاقا من مدخل القصر، وإلى غاية “بوابة زايد” قامت فرقة من الخيالة بخفر الموكب الملكي على طول هذا المسار، وهو تقليد يخصص لاستقبال كبار ضيوف دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن “بوابة زايد” إلى غاية “بوابة الحصن”، استعرض موكب الملك محمد السادس فرقا فولكلورية إماراتية أدت أغان ورقصات ترحيبية.

وبهذه المناسبة، حلق سرب من الطائرات العسكرية للفريق الوطني الإماراتي للاستعراضات الجوية (الفرسان)، فوق القصر ورسم في السماء خطوطا بألوان العلم المغربي حمراء وخضراء، تزامنا مع إطلاق المدفعية لـ21 طلقة ترحيبا بزيارة الملك.

ولدى وصوله إلى “بوابة الحصن”، وجد الملك في استقباله محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أدى قائدا البلدين تحية العلم على نغمات النشيدين الوطنيين، قبل أن يستعرض الملك ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة تشكيلة من القوات البرية والبحرية والجوية الإماراتية أدت لهما التحية الرسمية.

ويضم الوفد المغربي الرسمي المرافق للملك، مولاي عبد الله العلوي ومولاي يوسف العلوي، إلى جانب مستشار الملك فؤاد عالي الهمة، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، ووزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، ووزير التجهيز والماء نزار بركة، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات محمد صديقي.

كما يضم الوفد وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، ووزير النقل واللوجيستيك ومحمد عبد الجليل، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية محسن جازولي والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية فوزي لقجع، والحاجب الملكي، سيدي محمد العلوي.

ويضم الوفد، أيضا، أحمد التازي سفير المملكة لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، ومحمد بنشعبون المدير العام لصندوق محمد السادس للاستثمار، وعبد اللطيف زغنون المدير العام للوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، وعبد الحميد عدو الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الملكية المغربية.

كما يضم أمينة بنخضرة المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، ومصطفى التراب الرئيس المدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، وعبد الرحيم حافظي المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ومحمد ربيع الخليع المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، وفيصل العرايشي الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة صورياد دوزيم.

إضافة لذلك، يضم الوفد المغربي كريم بوزيدة المكلف بمهمة في الديوان الملكي، وحسن العسري مدير الشؤون القانونية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وعبد الوهاب الكرومي مدير التمويلات بصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذا شخصيات رفيعة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *