سياسة، مجتمع، مغاربة العالم

أزمة مغاربة غزة تتواصل.. و”منع” الآباء من مرافقة أبنائهم يفاقم المأساة

تتواصل الأزمة الإنسانية للمغاربة العالقين في قطاع غزة، بعد مرور 94 يوما من العدوان الإسرائيلي على القطاع المنكوب، وسط مطالب ملحة بضرورة تدخل السلطات المغربية لتسريع عملية إجلاء العائلات العالقة، وعدم التفريق بين أفرادها.

وتحركت السفارة المغربية في كل من القاهرة ورام الله ومكتب الاتصال المغربي بتل أبيب، لتنفيذ 3 عمليات إجلاء منذ منتصف نونبر الماضي، إلا أن عدد المغاربة الذين تمكنوا من الخروج من القطاع ظل محدودا.

ورغم تمكن عشرات العائلات المغربية من الوصول إلى معبر رفح، إلا أن عدم تواجد ممثل عن السفارة المغربية في القاهرة، لوقت طويل، بالجانب المصري من المعبر، يحول دون إجلائهم، في ظل اشتراط السلطات المصرية حضور ممثل عن سفارة المغربية إلى المعبر، من أجل الشروع في عملية الإجلاء.

وكشف مصدر على تواصل مع مغاربة غزة، أن عدم ورود أسماء عدد من العائلات في اللائحة التي أعدتها ممثليات الدبلوماسية المغربية بمصر وفلسطين وإسرائيل، زاد من صعوبة إجراءات إجلائهم.

كما لا يزال المئات من المغاربة عالقين في غزة، بسبب عدم تمكنهم من الوصول إلى معبر رفح في ظل اشتداد القصف الإسرائيلي على النازحين.

وتضم اللائحة التي وضعتها السفارة المغربية بفلسطين يوم 13 نونبر الماضي، أزيد من 600 مغربي، ضمنهم 112 وردت أسماءهم في الدفعة الأولى من عملية الإجلاء (تتوفر “العمق” على أسمائهم)، إلا أن عددا منهم لم يتمكنوا من مغادرة القطاع.

استثناء الآباء

وفي هذا الصدد، كشف إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، عن توصله بحالات لعائلات مغربية تم إجلاء الأبناء والأمهات اللواتي يحملن الجنسية المغربية، فيما تم استثناء الآباء الذين يحملون الجنسية الفلسطينية، رغم أن أزواجهم وأبناءهم مغاربة.

وأفاد السدراوي في اتصال لجريدة “العمق”، بأن هذا الإجراء تسبب في تفريق وتشتيت أفراد العائلات، مشيرا إلى أن بعض الأسر رفضت هذا الإجراء وفضلت البقاء في القطاع تحت القصف على أن يتم تفريق أفرادها.

وبحسب المسؤول الحقوقي المتابع لملف المغاربة العالقين بغزة، فإن بعض العائلات التي تعرضت لهذا الإشكال صرحت بأن المسؤولين المغاربة عند معبر رفح، برروا الأمر بوجود تعليمات تقضي بإجلاء من يحملون الجنسية المغربية فقط.

واعتبر المتحدث أن هذا الإجراء يعتبر صادما وغير مبرر، ويُفاقم من مأساة المغاربة العالقين بقطاع غزة، خاصة وأنه لم يصدر أي إجراء من هذا القبيل من طرف باقي الدول التي قامت بإجلاء رعاياها وأسرهم من القطاع.

إقرأ أيضا: أزمة المغاربة العالقين بغزة.. حقوقيون يراسلون الديوان الملكي والرئيس المصري

وطالب السدراوي من وزارة الخارجية المغربية بالتدخل العاجل من أجل وقف عملية استثناء الأزواج أو الزوجات غير الحاملين للجنسية المغربية من الإجلاء إلى جانب عائلاتهم الحاملين للجنسية المغربية.

وشدد الحقوقي على أن السلطات المغربية يجب أن تكون نموذجا في التعاطي مع رعاياها في أوقات الأزمات، كما حصل في محطات سابقة، خاصة أن الأمر يتعلق بمسألة إنسانية محضة.

رئيس الرابطة الحقوقية المصنفة كهيئة استشارية بالأمم المتحدة، أشار إلى أن هيئته تتوفر على لائحة أولية تضم أسماء 400 عالق مغربي بقطاع غزة لم يتمكنوا من العبور عبر معبر رفح، أغلبهم أطفال ونساء.

وأبرز السدراوي أن العدد الحقيقي للمغاربة العالقين أكبر بكثير من ذلك ويلامس 2000 مغربي، موضحا أن ظروف الحرب والحصار وصعوبة التواصل، تجعل عملية جردهم صعبة للغاية.

مناشدات الأطفال

ومن ضمن العالقين، أطفال توصلت جريدة “العمق” بمناشدات وجهوها إلى الملك محمد السادس في وقت سابق، من أجل التدخل العاجل لتسريع عملية إجلائهم قبل تعرضهم للقتل.

ففي مقطع فيديو حصلت عليه “العمق”، ظهرت 3 طفلات مغربيات شقيقات من عائلة عودة، وهن يوجهن نداء استغاثة إلى السلطات المغربية من أجل التدخل لإنقاذهن من الحرب وتسريع عملية إجلائهن من القطاع المنكوب.

وقالت الطفلة ربا فرح عودة، إنها مغربية ووالدها مغربي وولدتها فلسطينية، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال قامت بتهجيرهم إلى جنوب غزة في مركز إيواء لا توجد فيه أدنى مقومات الحياة، مشيرة إلى أنهن ينمن على الأرض في غرفة صغيرة تضم 50 شخصا.

وأضافت: “توجهت رفقة أخواتي إلى معبر رفع تحت القصف الإسرائيلي 3 مرات، بعد ورود أسمائنا في لائحة السفارة المغربية، لكن دون أن يستقبلنا أحد من المسؤولين المغاربة”، مشيرة إلى أن والديها ليسوا في اللائحة.

وتابعت قولها: “القصف كان قريبا منا، ووالدي ودَّعنا مرارا تحت القصف. الآن ننتظر أحدا ليساعدنا على الإجلاء، وأتمنى أن تصل رسائلنا قبل أن يتم قتلنا”، وفق تعبيرها.

وفي مشهد مشابه، قال الطفل حامد لبد الذي كان مرفوقا بشقيقتيه تالا وماريا، إن والدتهم مغربية ووالدهم فلسطيني، مشيرا إلى أنهم توجهوا إلى معبر رفح بعد ورود أسمائهم في لائحة السفارة المغربية، إلا أن غياب تواجد أي مسؤول مغربي بالمعبر، حرمهم من المغادرة.

وأضاف الطفل في فيديو حصلت عليه “العمق”، إن الإسرائيليين هجروا أسرته من منزلها إلى مركز إيواء في جنوب قطاع غزة، يفتقد لأدنى مقومات حياة، مشيرا إلى أنه ينام رفقة أختيه على الأرض ولا يجدون المياه ولا الأكل، خاتما قوله: “نتمنى أن تصل رسالتنا للسفير المغربي”.

وبالعودة إلى لائحة المغاربة الراغبين في مغادرة غزة التي أعدتها السفارة المغربية في فلسطين بتنسيق مع نظيرتها المصرية، نجد تواجد أسماء عائلتي عودة من خلال الأطفال حامد وتالا وماريا ووالدتهم ريم، إلى جانب أفراد آخرين من نفس الأسرة، كما نجد عددا كبيرا من عائلة لبد إلى جانب عائلات أخرى.

غياب المسؤولين

والد الطفل المغربي حامد لبد، الفلسطيني محمد لبد، أوضح في شريط مصور، حصلت عليه “العمق” سابقا، أن زوجته وأبناءه المغاربة لا زالوا عالقين في القطاع بعد مرور 22 يوما من جرد أسماء أسرته في لائحة السفارة المغربية، مشيرا إلى أنهم يعيشون أوضاعا قاسية للغاية.

يقول محمد لبد: “رغم أن أسماء زوجتي وأطفالي الذين يحملون الجنسية المغربية، موجودة في كشف السفارة المغربية، إلا أنهم لم يتمكنوا من عبور معبر رفح”، مشيرا إلى أنهم ظلوا ينتظرون في العراء ويفترشون الأرض في المعبر دون جدوى.

وأوضح المتحدث، وهو صحفي فلسطيني، أن السلطات المصرية تشترط حضور ممثل للسفارة المغربية في المعبر من أجل السماح بمغادرة المعنيين بالأمر، كاشفا أن مسؤولا مغربيا من السفارة تواجد في الصالة المصرية من المعبر ليوم واحد فقط، منتصف نونبر الماضي.

وبحسب المتحدث، فإن عددا كبيرا من الجالية المغربية في غزة الموجودة أسماءهم في كشف السفارة ليوم 13 نونبر، لم يتمكنوا من الوصول إلى المعبر أثناء تواجد المسؤول المغربي، بفعل استمرار القصف العنيف والحصار، كاشفا أن هناك وعودا لإنجاز لائحة أخرى تضم باقي المغاربة العالقين.

وناشد لبد الملك محمد السادس، التدخل من أجل تحرك ممثلي السفارة المغربية بالقاهرة لإرسال مندوب عنها إلى معبر رفح، في ظل رفض السلطات المصرية إجلاء المغاربة بسبب غياب ممثلي سفارة المملكة.

وتابع قوله: “العائلات المغربية أمانة في رقاب المسؤولين المغاربة. غزة تتعرض للإبادة، والقتل منتشر في الشوارع وطائرات الاحتلال تقصف كل مكان. نرجو التحرك العاجل لضمان خروج من تبقى من المغاربة المسجلين في الكشف”.

أرقام “مرعبة”

وفي آخر للإحصائيات المتعلقة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كشف المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع بأن عدد الشهداء والمفقودين بلغ 29 ألف و835 شخصا، قضوا في 1519 مجزرة للاحتلال، وذلك طيلة 94 يوما من العدوان.

وكشف المكتب الإعلامي الحكومة بغزة، أن عدد الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفيات بلغ 22 ألف و835، ضمنهم 10 آلاف طفل و7000 سيدة، و326 من الطواقم الطبية، و45 من الدفاع المدني، و109 من الصحفيين، إلى جانب 7000 مفقود، 70% منهم من الأطفال والنساء.

وأشارت الأرقام الرسمية ذاتها، إلى أن هناك 58 ألف و416 مصابا، ضمنهم 6000 إصابة خطيرة للغاية بحاجة للسفر للعلاج لإنقاذ حياتهم، في وقت غادر فيه القطاع للعلاج بالخارج 650 مصابا فقط، بينمها يواجه 10 آلاف مريض بالسرطان خطر الموت.

وبحسب المصدر ذاته، فإن الاحتلال اعتقل 99 من الكوادر الصحية، و10 صحفيين، في وقت نزح فيه مليوني فلسطيني داخل القطاع، منهم 400 ألف مصاب بالأمراض المعدية نتيجة النزوح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *