منتدى العمق

رجلا أسودا ..

جرت العادة أن المسلم يدعو على أعداء الأمة، فيقول (اللهم أرنا فيهم يوما أسودا)، لكن الصهاينة في معركة طوفان الاقصى، لم يروا فقط يوم واحد أسودا، بل عاشوا أياما سوداء قتل كبار ضباط الجيش، وهناك رعب صواريخ المقاومة وذوي صفارات الإنذار، مما اضطر ملايين الصهاينة إلى الاختباء في الملاجئ، اقتصاد منهار وفرار الآلاف خارج الكيان، ولأول مرة يتم تهجير آلاف الصهاينة داخل الكيان، ليشرب الصهاينة من نفس كأس اللجوء الذي شرب منه الفلسطيني.

لكن ثالثة الأتافي هي انبعاث رجلا أسودا ، فلا هو بالعربي المسلم ولا هو من دول الطوق ، حيث يبعد آلاف الكيلومترات عن فلسطين وغزة ، لكنه بعمله التضامني هذا يعد الأقرب للفلسطينين من كل العرب ، إنه الرجل المناضل الشهم (رامافوزا ) ، رئيس حزب المؤتمر الحاكم في جنوب افريقيا ، والذي صرح بأنه يشعر بفخر غامر ، وذلك بعد تقديمه الكيان الصهيوني للمحاكمة.

في الحقيقة لم يتوقع الصهاينة اندلاع حرب قانونية بهذه الشراسة ، وأن تكون جنوب افريقيا هي الطرف الرئيسي فيها ، وكأن هذه الضربات المتتالية على رأس المحتل لا تكفي ، لقد كان هم أمريكا و من يدعم الصهاينة ، يتركز حول منع اتساع رقعة الحرب إلى خارج غزة ، لكن حرب قانونية موازية لمعركة طوفان الأقصى ، هذا أمر لم يكن في الحسبان ولم يستعد له الصهاينة بما يكفي.

صحيح أن أمريكا تدخلت في مجلس الأمن و أفشلت عدة قرارات ، حيث كان الفيتو بالمرصاد لكل قرار منصف للفلسطينين ، لقد تعود الكيان على حماية أمريكا له من تمرد حكام العرب ، مع إرغامهم على الخضوع بل تقديم مساعدات للمحتل ، لكن جاء رجل من جنوب افريقيا يسعى ، وبفضله تمت جرجرت وإذلال الكيان أمام المحكمة الجنائية الدولية.

أنا شخصيا لا أنتظر الكثير من هذه المحاكمة على أهميتها ، لأن التجارب السابقة مع الأسف الشديد لا تبشر بخير ، فقد تعودنا على أمر إفلات الصهاينة من العقاب ، وذلك بفضل تدخل أمريكا وبريطانيا و دول أوروبية أخرى ، لأن في نهاية المطاف اسرائيل هي صنيعة الغرب ، وتعتبر رأس حربة في مشروع الإستعمار الإمبريالي ، باختصار مسرور المراكشي يقول لكم : ( ذاك الجرو من ذاك الكلب ) ، لأن كل ما يضر الكيان يضر أمريكا ، ومع ذلك فهذه المحاكمة فيها كثير من الدلالات المهمة.

إن وقوف جنوب افريقيا في وجه الصهاينة أمر رائع ، فهذا يذكر العالم بمسألة التمييز العنصري ، إن جنوب افريقيا مارست هذا الفعل البغيض سابقا ، والصهاينة يمارسون حاليا سياسية الميز العنصري ، وعنوان هذا الفعل هو ما يسمى ب (جدار الفصل العنصري) ، مسألة أخرى هي الجرأة في انتقاد الصهاينة علانية ، لقد تم تجاوز إرهاب قانون معاداة السامية ، وهذا يؤشر على بداية عهد جديد يطوي صفحة استعلاء الكيان.

وهذا بعد توفيق من الله يرجع لهزيمة المحتل عسكريا ، وهذه المحاكمات والإدانات هي من تبعات انكسار هيبة المحتل ، فهناك موجة عالية و عالمية من التضامن مع الشعب الفلسطيني ، سيكون لها ما بعدها بعد تحولها لدعم مادي و أدبي ، وستجد أمريكا خاصة والغرب عامة صعوبة كبيرة ، وذلك من أجل إقناع الناس بسلمية الكيان و تحضره ، مسرور المراكشي يحي جنوب إفريقيا على موقفها ، ويدعو شمال إفريقيا للإلتحاق بركب العزة✌🏼

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *