مجتمع

عائدون (ح 8) .. “سامر” أسير “الوركزيز” يتذكر 25 سنة من الأسر بسجون البوليساريو والجزائر

لا تختلف قصة الضابط المتقاعد في القوات المسلحة الملكية، عبد الله سامر، ابن مدينة وجدة، كثيرا عن تجربة الأسير عدي عليلوش، إذ أن قاسمهما المشترك هو العذاب والمعاناة، فقد قضى سامر هو الآخر ربع قرن في معتقلات البوليساريو وسجون الجزائر، وذاق مختلف أنواع التعذيب والمعاناة، لا لشيء إلا لكونه حمل السلاح للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وعن مغربية الصحراء.

ويحكي الأسير عبد الله سامر ضمن برنامج “عائدون” على جريدة “العمق”، تجربته المريرة مع الأسر لمدة 25 سنة في معتقلات وسجون البوليساريو والجزائر، و ظروفَ اعتقاله وتعذيبه بشتى أنواع الأذى النفسي والجسدي بمخيمات “تندوف”، كما كشف حقائق لأول مرة عن استنطاقه من قبل مسؤولين جزائريين، ومحاولته الهروب في مرات عديدة بعدما كان يمني النفس بحلم العودة الذي لم يتأت له إلا بعد مرور ربع قرن من الزمن.

الحلقة 8: أسير جبال الواركزيز

حبه للرياضة وولعه بكرة القدم بالخصوص، قاده لاجتياز مباراة في الرياضة بالمدرسة العسكرية بالرباط، حيث تفوق في الاختبار بامتياز، وتخرج مدربا رياضيا بعد فترة تدريب دامت 3 سنوات، من 1975 إلى 1978، كانت مهمته هي التدريب الرياضي للتلاميذ الضباط و ضباط الصف وحتى الضباط السامون.

يتذكر عبد الله سامر وعلامات الفخر تملأ محياه، كونه كان محظوظا بأن أشرف على تدريب ضباط سامين منهم الجنرال الراحل عبد العزيز بناني والبروفيسور عبد العزيز الماعوني، الطبيب الخاص السابق للملك محمد السادس، وأيضا الجنرال المتقاعد حسني بنسليمان وغيرهم، قبل أن يتم تنقيله رفقة 7 مدربين آخرين، إلى ثكنات عسكرية بفاس والناظور وتادلة من أجل الإشراف على تكوين الجنود جسمانيا و رياضيا.

بعد ذلك جرى تنقيل عبد الله سامر إلى طانطان حيث كان الجيش المغربي يتهيأ للحرب، وقبلها شارك في مناورات بخريبكة وسيدي بيبي و مراكش، غير أن العملية التي لازالت راسخة في ذهن الضابط سامر عبدالله ودامت لأزيد من 17 يوما، كانت غداة حصار مدينة “الزاك” في النصف الأخير من سنة 1979، حيث حاولت مليشيات البوليساريو مدعومة بكابرانات الجزائر اقتحام المدينة التي كان بها آنذاك فيلق للقوات المسلحة الملكية و600 نسمة من الساكنة.

حصار مدينة “الزاك” والتي تقع خارج مجال الصحراء المغربية المسترجعة دفع المغرب إلى التحرك بحزم لمواجهة ما وصفه الضابط الأسير عبد الله سامر بـ”الحماقة غير المدروسة” للبوليساريو والجزائر.

بدأت الحرب فعليا بين الطرفين في 29 فبراير 1980، وانتهت في 17 مارس من نفس السنة. وفي تلك الأثناء، كان الملك الراحل الحسن الثاني يحتفل بعيد العرش (3 مارس) في الداخلة وسط القبائل الصحراوية، وهو ما اعتبره سامر دليلا على أن للصحراء المغربية حماتها من أُسُودِ القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والقوات المساعدة .

“كنا نحن 6 آلاف جندي، 3 آلاف دخلت الزاك عن طريق بطيح، و3 آلاف أخرى عبر أسا، وكنت ضمن هذه الأخيرة”، يضيف سامر، موضحا أن الجنود المغاربة صدموا بحجم الأسلحة المتطورة التي كان يستعملها العدو بالمقارنة مع تلك التي بحوزتهم، منها قاذفات الصواريخ “أورغ ستالين”، مرجعا ذلك إلى أن مليشيات البوليساريو كانت تمول بالسلاح من نظامي القذافي و”بوخروبة” وهو الاسم الأصلي لـ”هواري بومدين”.

ويتذكر سامر أن تلك الصواريخ التي يطلقها العدو كانت تضيء سماء جبال “الواركزيز”، بل إن قوتها تسببت في تدمير قمم هذه الجبار بالكامل، وبالمقابل يحكي المتحدث، أن المجموعة التي كان يقودها تتوفر على أسلحة بسيطة وبها كانت تدافع رفقة وحدات لبعض القبائل الصحراوية قبل أن تتم محاصرتهم.

“يا شلوحة هربو الرواكيز جاوكم”، كانت هذه العبارة تحذير من الوحدات الصحراوية التي انسحبت بعدما اشتد القصف، لمجموعة سامر، غير أن عدم إتقان هذا الأخير للهجة الحسانية، دفعه لمواصلة القتال مع مجموعته، قبل أن تنفذ دخيرتهم، ويتعرضون لإطلاق الرصاص من كل النواحي.

ويكشف سامر، أن الهجوم تسبب في وفاة ضابط يدعى “الخطابي” وجنود آخرين، يتذكر منهم واحد يدعى “المصباحي”، في حين أن الباقي ومن بينهم سامر وقعوا في الأسر رفقة جنود آخرين بعد أن نفذت ذخيرتهم وحوصروا من كل جانب…وهنا ستبدأ قصة عبدالله سامر مع الأسر في سجون نظام بوخروبة وصنيعته البوليساريو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *