سياسة

من تحدي المشاركة السياسية إلى إدارة الشأن الداخلي.. يتيم يعيد قراءة تجربة العدالة والتنمية (ح4)

يُقدم القيادي بحزب العدالة والتنمية والوزير الأسبق محمد يتيم، قراءة مفصلة لتجربة حزبه السياسية والتنظيمية، انطلاقا من تحديات المشاركة السياسية وتدبير الشأن العام خلال الولايتين الحكوميتين السابقتين، إلى تحديات تدبير الشأن الداخلي للحزب، وذلك بناء على تشخيص يقوم على إبراز المنجزات والمكتسبات ورصد مكامن للخلل والإخفاقات بناء على رؤية تحليلية من الداخل، وهي القراءة التي خصّ بها يتيم جريدة “العمق المغربي”، على أن يتم نشرها ضمن سلسلة من الحلقات.

وفيما يلي نص الحلقة الرابعة: 

   حزب العدالة والتنمية في مرمى الاستهداف ورفع شعار مواجهة التحكم

يبدو أن نجاح الحزب في تدبير معركة “الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية” من خلال المسيرة المليونية ليوم 12 آذار (مارس) 2000 قد عزز هواجس بعض خصومه من تصاعد حجمه السياسي، وهو ما جعله مستهدفا إلى درجة أنهم قد روجوا لخطاب “المسؤولية المعنوية” للحزب عن الإرهاب.
وخلال هذه المرحلة رفض الحزب التنازل عن (المرجعية الإسلامية) مع العمل في نفس الوقت على القيام بعدد من المراجعات الفكرية تتعلق بفهمه للمرجعية الإسلامية باعتبارها مرجعية وطنية شاملة أي مرجعية للدولة والمجتمع، مع تدقيق تصوره للعلاقة بين السياسي والديني، وبين الحزبي والحركي الدعوي، والفصل التنظيمي بين العمل الدعوي والعمل الحزبي السياسي، ومراجعات على مستوى الخطاب أي اعتماد خطاب سياسي يتناسب مع وظائف ومهام الحزبي.

ولقد تمت ترجمة هذا التوجه في أدبيات الحزب ووثائقه التي أصبحت تعرف حزب العدالة والتنمية بأنه “حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية”.
ومن جهة ثانية كرس مؤتمره السادس أطروحة النضال الديمقراطي انسجاما مع تحليل الحزب الذي عرفته البلاد في العشرية الأولى من الألفية الثانية، حيث اعتبر الحزب أن البلاد قد عرفت اتجاها تراجعيا، وانسجاما أيضا مع موقعه في المعارضة.

خلال الانتخابات التشريعية في 27 أيلول (سبتمبر) 2002 حصل على 42 مقعدا بمجلس النواب محتلا المرتبة الثالثة، ومشكلا أكبر كتلة برلمانية في المعارضة. وحسب تقديرات متقاطعة فإن الرقم الحقيقي للمقاعد التي كان سيحصل عليها الحزب أكبر بذلك بكثير.
سيختار الحزب المعارضة، وسيجد نفسه خلال هذه المرحلة أي ما بين سنة 2003 وسنة 2011 في مرمى الاستهداف، وفي مواجهة ما اصطلح عليه بـ “التوجهات الاستئصالية”، حيث تم توظيف الأحداث الإرهابية التي عرفها المغرب لتحميله بما سمي “بالمسؤولية المعنوية” عن الحدث الإرهابي الذي عرفته مدينة الدار البيضاء يوم 16 أيار (مايو) 2003.

     ارتدادات سياسية وحقوقية بعد احداث 16 ماي

سيشهد المغرب خلال هذه المرحلة ارتدادات سلبية لتلك الأحداث على الجو السياسي العام الذي دخله المغرب من الناحية السياسية والحقوقية، وهو ما وصل إلى حد التلويح بحل الحزب والحركة، أي حركة التوحيد والإصلاح.

وعرفت هذه المرحلة ضغوطا شديدة على الحزب، وعلى عدد من رموزه مما دفع برئيس الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب آنذاك الأستاذ مصطفى الرميد  لتقديم استقالته من تلك الرئاسة، وانتخاب الأستاذ عبد الله بها  رحمه الله خلفا له.

ونفس الشيء بالنسبة للدكتور أحمد الريسوني الذي اضطر  لتقديم استقالته من رئاسة الحركة بسبب تصريح له لإحدى الجرائد الفرنكوفونية حول إمارة المؤمنين باللغة العربية أثارت ترجمته المجلة الفرنكوفونية ، نتج عنه سوء فهم كبيير ، وغضب لدى عدد من المسؤولين.

و أصدر الريسوني حينها  بلاغا يكذب ما جاء فيه، مبررا ذلك، أن الحوار تم باللغة العربية وليس بالفرنسية ، مما دفعه لتقديم استقالته من رئاسة حركة التوحيد والإصلاح في يونيو 2003 بعد التشاور، وتم انتخاب الأستاذ محمد الحمداوي رئيسا للحركة لولايتين متتاليتين.

حركة كل الديمقراطيين أو الوافد الجديد

في هذه المرحلة ستتبلور حركة سياسية بثوب مدني يوم 17 كانون الثاني (يناير) 2008 بتأسيس “حركة لكل الديمقراطيين”، والتي ستشكل الحاضنة التي سينمو فيها  حزب الأصالة والمعاصرة أو ما سمي حينها بـ “الوافد الجديد

الحركة، حسب بيان التأسيس، رفعت شعار العمل من أجل “وعي ديمقراطي متجدّد وتُـؤمن بالثوابت الوطنية مَـرجعا لها وتنتصر للقِـيم الديمقراطية منهجا وتعتز بمقوِّمات الهوية حيث جاء في بيان التأسيس:

“تأسيسا على خُـلاصات مشاوراتهم، وإيمانا منهم بالضرورة القُـصوى لتحسين وتقوية ما راكمه المغرب من مُـكتسبات وإنجازات في مجال الديمقراطية والتحديث،   وشعورا منهم بتراجُـع مساهمة النّـخب الوطنية بمختلف مشارِبها ومواقِـعها إزاء مُـهمّـات تأطير المواطنين وتعبِـئتهم وإشراكهم في صياغة حاضِـرهم ومستقبلهم، واستشعارا منهم بالتحدّيات التي تواجهها بلادنا ولجسامة المسؤوليات المُـلقاة على عاتق الجميع: مجتمعا ودولة”.

وحسب مؤسسي الحزب فإن المشهد السياسي المغربي يعرِف وجود قُـطب يساري (يسار ديمقراطي وماركسي راديكالي) وقُـطب يميني (أصولي إسلامي ومحافظ)، لكن المشهد يفتقد إلى وجود قُـطب ليبرالي ديمقراطي. التأسيس علله أصحابه بعزوف المواطنين عن العمل السياسي المعبّـر عنه بحجم مقاطعة الانتخابات التشريعية، التي جرت في البلاد يوم 7 أيلول (سبتمبر) 2007.
وفي المقابل قابلت الأحزاب المغربية التأسيس لهذه الحركة برفض صريح تارة ومبطن تارة أخرى..

وفي منتصف يوليو 2007، أي قُـبيل تشريعات سبتمبر 2007، جاء في قصاصة لوكالة الأنباء المغربية الرسمية، أن العاهل المغربي قبِـل طلب فؤاد الهمّـة بإعفائه من مهامِّـه الرسمية كوزير منتدب في الداخلية، لرغبته في النشاط في العمل العام وخَـوض هذه الانتخابات كمرشح مُـستقل في دائرة الرحامنة، مسقط رأسه. التي فاز بها فوزا ساحقا، وكانت لائحته التي حملت شعار التراكتور (الجرار)، اللائحة الوحيدة التي فازت بكاملها (3 مقاعد).

وسيتم بعد ذلك تشكيل فريق برلماني بمجلس النواب من أحزاب لم تتمكّـن من تشكيل فريق أو نواب خاضوا الانتخابات كمرشحين مستقلين، واحتل الفريق المرتبة السادسة وخاض معركته الأولى داخل مجلس النواب من أجل الحصول على رئاسة لجنة العلاقات الخارجية والدفاع والشؤون الإسلامية والثقافية، وليكون أيضا ضمن الأغلبية للحكومة، بعد خروج الحركة الشعبية إلى صفوف المعارضة.

وفي غشت من سنة 2008، أعلن عن ميلاد حزب الأصالة والمعاصرة وعقد مؤتمره التأسيسي في فبراير 2009 ليصبح في فترة قصيرة قوة سياسية في الساحة المغربية ، عصفت بميراث عدد من الأحزاب، حيث سيتم بناؤه على تجميع خمسة أحزاب تصنف في الأحزاب الصغيرة : وهي الحزب الوطني الديمقراطي وحزب العهد ، وحزب البيئة والتنمية ، وحزب رابطة الحريات، وحزب مبادرة المواطنة والتنمية، التي “قررت” أن تندمج داخل الوافد الحزبي الجديد إلى جانب شخصيات سياسية ارتبط بروزها بـ “حركة كل الديمقراطيين”.

البيان التأسيسي للحزب قال إن قرار التأسيس يأتي في “إطار الديناميكية الإيجابية التي يعرفها الحقل السياسي الوطني ” ، والتي عرفت تِـباعا تشكيل فريق نيابي داخل مجلس النواب، ثم فريقا ثانيا داخل مجلس المستشارين تحت اسم الأصالة والمعاصرة، انصهرت فيهما فعاليات برلمانية تنتمي إلى مشارب وتنظيمات حزبية مختلفة.. وتجاوبا مع العرض السياسي، الذي تقدّمت به الحركة لكل الديمقراطيين، قصد المساهمة في تأهيل الحقل السياسي الوطني والعمل على تجاوز واقع البلقنة التي يعرفها المشهد الحزبي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • سعيد نزاطى
    منذ أسبوعين

    فى الحقيقة سي يتيم و من معه هم من اوصلوا حزب العدالة و التنمية الى الحالة التى يوجد عليها الآن وذلك بتصرفاتهم الغير المسؤولة التى جعلت المواطن المغربي ينفر هذا الحزب الذى كان أمله الوحيد لتغيير الأوضاع و اذا به يجد نفسه فى حلم لان كل الوعود التى قدمها مسؤولو هذا الحزب كانت كاذبة بل انشغل هؤلاء المسؤولين بمشاكلهم الشخصية و نسوا المهمة التى انتخبهم المواطن من اجلها .وهذه التصرفات الغير المحسوبة كانت هى السبب فى انهيار مصداقية الحزب و أرسله المغاربة الى مزبلة التاريخ و لن يعود الحزب الى مجده ما دام هؤلاء المسؤولين الخونة مصرون على البقاء و لو على حساب استرجاع الحزب لمصداقيته .مناضل حزب العدالة و التنمية يطالبون هذه الوجوه البءيسة بالانسحاب و ترك المكان للنزهاء