مجتمع

أرقام مقلقة.. تشغيل الأطفال يهدر فرصهم في التعليم ويوسع رقعة الانتهاكات

26 ألفًا و770 هو عدد الأطفال ضحايا الاعتداءات والانتهاكات في سنة 2023، بحسب معطيات رسمية أعلنت عنها رئاسة النيابة العامة، مبرزة أن خلايا التكفل بالنساء والأطفال في النيابات العامة تسهر على استقبال الوافدين عليها من مختلف فئات الأطفال، والاستماع إليهم وتقديم ما يلزمهم من دعم ومساعدة ومرافقة.

رقم مقلق ينضاف إلى الأرقام التي كشفتها المندوبية السامية للتخطيط، والتي أكدت أنه خلال سنة 2023، من بين 7,775,000 طفل تتراوح أعمارهم بين 7 و17 سنة، بلغ عدد الأطفال النشيطين المشتغلين بالمغرب 110,000 طفل، وهو ما يمثل 1.4% من مجموع الأطفال الذين ينتمون إلى هذه الفئة العمرية. وتبلغ هذه النسبة 2.8% في الوسط القروي (88,000 طفل) مقابل 0.5% في الوسط الحضري (22,000 طفل).

وبحسب مندوبية الحليمي، تنتشر ظاهرة الأطفال المشتغلين بين الذكور أكثر من الإناث، وغالبًا ما ترتبط بالانقطاع عن الدراسة، مبرزة أن 85.6% من الأطفال المشتغلين هم من الذكور، و91.5% منهم ينتمون للفئة العمرية 15 و17 سنة، ويعيش 79.9% في المناطق القروية. بالإضافة إلى ذلك، يشتغل 8.6% من الأطفال بالموازاة مع تمدرسهم، و89.1% غادروا المدرسة بينما لم يسبق لـ 2.3% منهم أن تمدرسوا.

هذه الأرقام، بحسب عبد العالي الرامي، رئيس منتدى الطفولة، تطرح تساؤلات حول السياسات العمومية والمجهودات المبذولة لمحاربة تشغيل الأطفال في مختلف المهن. وسجل المتحدث ذاته وجود عدد مهم من الأطفال في حالة تسرب دراسي، مبرزا أن التعليم هو أحد الأسس لمحاربة تشغيل الأطفال، داعيًا إلى تفعيل مبدأ إجبارية التعليم بالنسبة للأسر التي لا تلحق أبنائها بالمؤسسات التعليمية.

من جهة أخرى، قال الرامي إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأسر يفرض وجود أطفال يشتغلون في مجالات الفلاحة خاصة في العالم القروي، مشيرًا إلى أن الفئة المصدرة لظاهرة تشغيل الأطفال غالبًا تأتي من المناطق الهامشية.

وفي هذا الإطار، شدد على ضرورة التفكير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعدالة المجالية، كمداخل لمعالجة الظواهر الماسة بكرامة الطفولة، وكذا اشتغال الجهات على مشاريع تنموية، ودعم الأسر، مبرزا أنه لا يمكن التفكير في الطفل بدون التفكير في محيطه الأسري وتوفير العيش الكريم.

هذه الأرقام التي أصدرتها مؤسسات رسمية تعكس، بحسب نجاة أنوار، رئيسة جمعية “ما تقيش ولدي”، واقعًا مريرًا يعيشه بعض سكان المغرب، يتعلق باستغلال الأطفال في خرق لمقتضيات الدستور التي تنص على حماية الأطفال، مسجلة بأسف ما اعتبرته جشع بعض أرباب العمل الذين يختارون الأطفال كعمال بسبب ضعفهم وحاجتهم وعدم قدرتهم على ممارسة العمل النقابي.

وشددت المتحدثة ذاتها على أن الهيئة التي ترأسها طالبت مرارًا بمراقبة مواقع العمل والتحري عن طبيعة الشغيلة وجنسها، وحول ما إذا كان يتم احترام القانون، مضيفة: “نحن نريد فقط كرسي مدرسة لكل طفل”.

وتسجل الجمعية، بحسب المتحدثة، حالات اعتداءات واستغلال للقاصرين، سواء جنسيا، أو استغلال بتشغيلهم في ظروف لا إنسانية، كما تم الوقوف على حالات يتم فيها استغلال قاصرات كعاملات منزليات، “مع ما يعني ذلك من استباحتهن وتوظيفهن في الممنوع والمحظور”.

الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، أشار مؤخرا في كلمة له بمناسبة انعقاد اللقاء الوطني لتتبع تنزيل مخرجات المناظرة الوطنية حول حماية الأطفال في تماس مع القانون – الواقع والآفاق، إلى أن المغرب تبنى نهجًا تشريعيًا يروم توفير الوقاية والحماية الشاملة للأطفال، انطلاقًا من كون الآثار الإيجابية للارتقاء بأوضاع الطفولة لا تقتصر على الطفل ومستقبله فحسب، وإنما تمتد لتشمل الأسرة والمجتمع ككل، وهو ما سعى دستور سنة 2011 لضمانه من خلال إعطاء دفعة قوية لحماية الأطفال والتكفل بهم، حيث نص في الفصل 32 منه على أن “الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *