منوعات

الهولوغرام .. تكنولوجيا تلغي المسافات وتربط جسرا بين الأحياء والأموات

تتقدم التكنولوجيا بخطى سريعة في عالم الفن والثقافة، ومن أحدث التطورات تقنية “الهولوغرام” التي أثارت ضجة كبيرة بفضل قدرتها على إحياء عروض الفنانين الراحلين بتفاصيل مبهرة ثلاثية الأبعاد.

وأدخل مهرجان “موازين” في دورته التاسعة عشر تقنية “الهولوغرام” للمغرب لأول مرة من خلال تنظيمه لحفلين موسيقيين لكوكب الشرق أم كلثوم بمسرح محمد الخامس بالرباط، وقد حظيت المناسبتين بإقبال جماهيري كبير حيث بيعت تذاكرهما بالكامل بعد ساعات قليلة على طرحها.

وخلقت التقنية التي تسعى إلى إحياء التراث الفني من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة نقاشا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي انقسم روادوها بين مرحب بالفكرة وداعم وآخر منتقد لها ويحذر من سلبياتها.

ما هو الهولوغرام؟

الهولوغرام أو التصوير التجسيمي هي تقنية تتيح إنشاء صور ثلاثية الأبعاد باستخدام أشعة الليزر، حيث تقوم بتسجيل الضوء المنبعث من جسم ما وعرضه بطريقة تظهر الأبعاد الثلاثة للجسم فتبدو الصورة وكأنها تطفو في الهواء كمجسم هلامي يحتوي على طيف من الألوان.

ويعود تاريخ هذه التقنية إلى عام 1947 على يد عالم الفيزياء دينيس جابور، وظهرت أول صورة هولوغرامية عام 1962 على يد العالمين إميت ليث وجوريس أوباتنيكس، من جامعة ميشيغان الأمريكية، اللذين صنعا مجسمات هولوغرامية لقطار لعبة وعدد من الطيور، فتوالت بعد ذلك التطبيقات حتى ظهر أول هولوغرام لصورة إنسان عام 1967، وفي عام 1971 حصل غابور على جائزة نوبل في الفيزياء عن العمل الذي قام به في أربعينات القرن الماضي.

“الهولوغرام” فرصة لمعاصرة عمالقة الفن

تمثل تقنية “الهولوغرام” نافذة سحرية تفتح أمامنا عوالم جديدة مليئة بالإبداع والتفاعل، فمن خلالها يمكن الاستمتاع بمشاهدة أساطير الفن الذين سمعنا عنهم ولم نتمكن من مشاهدتهم بشكل مباشرة أو معاصرتهم.

وفي هذا الصدد، قال الناقد الفني محمد بنعزيز، إن “تقنية الهولوغرام تجربة فنية مثيرة، فظهور أم كلثوم على خشبة مسرح محمد الخامس قرب عشاقها منها، وكان حضورها الرقمي بشكل متعملق يمنحها تأثيرا أشد في مكان مغلق”، وفق تعبيره.

وأضاف محمد بنعزيز في تصريح لـ”العمق”، أن “وسائل التكنولوجيا استطاعت تجسير المسافات بين بقاع العالم، وهي الآن تربط جسرا بين الأحياء والأموات”، معتبرا أنها “فرصة للجيل الذي لم يعاصر عمالقة الفن القديم للتمتع بإبداعاتهم”.

وتابع ذات المتحدث، أن الجمهور تحمس لهذه التقنية التي بات يتم الاعتماد عليها في عدة مناسبات “فقد شاهدنا مباراة كورة قدم للاعب مارادونا، وأسدا يقفز في بيونس ايرس، وعاصفة شمسية تهز العالم، وحوت أزرق يطير، كل ذلك بفضل الهولوغرام الذي يلغي المسافات”، مشيرا إلى أن القلق الذي خلقته يعود إلى “خوف المجتمع من تأثيرات الذكاء الاصطناعي”.

شبح مصطنع يفتقر للروح

قال الموسيقار المغربي مولاي أحمد العلوي، إن عروض “الهولوغرام” تفتقر إلى التفاعل الحي بين الفنان والجمهور، وهي الميزة التي تميز العروض وتمنحها الدفئ، معتبرا أنها “صناعة مفبركة من عمق الواقع ترتكر على غياب الفنان المبدع وصنعه من الخيال”.

وأضاف العلوي في تصريح لـ “العمق”: “ليس هناك اتصال روحي حقيقي وفني بين الفنان المصطنع والجمهور، فالكلمات تخاطب العقل والموسيقى تخاطب الوجدان وهذا التجاوب الروحي مفقود بين المتلقي والشبح المصنوع”، متسائلا عن ما إذا كان بمقدرو الشبح الاستجابة لطلبات الجمهور وإعادة المقاطع الموسيقية؟.

واعتبر العلوي، أن تقنية “الهولوغرام” هي مسألة تجارية يستفيد منها صانعها فقط، مشيرا إلى أن عائلة الراحلة أم كلثوم يطالبون بحقوقهم من التقنية التي تستغل سمعتها وصورتها، ومشددا على أن “الناس يحضرون لمثل هذه الحفلات بسبب فضولهم”.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *