البطالة في المغرب: أرقام مقلقة وحلول ممكنة

تعد البطالة من أخطر التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه المغرب، إذ تشير الإحصائيات الأخيرة إلى تسجيل نسب بطالة مرتفعة خصوصًا في صفوف الشباب، حيث تفوق في بعض المناطق 30%. وتعود أسباب هذه الظاهرة إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، أبرزها ضعف ملاءمة نظام التعليم والتكوين مع احتياجات سوق الشغل، محدودية الاستثمارات الكافية لخلق فرص عمل، بالإضافة إلى التفاوتات المجالية التي تحرم بعض المناطق من دينامية اقتصادية حقيقية.
🔹ضرورة ملاءمة التدريس مع متطلبات سوق الشغل
لا يمكن مواجهة البطالة دون إصلاح عميق لمنظومة التعليم والتكوين، بما يضمن مواءمتها مع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية. ويتطلب ذلك إدراج تخصصات جديدة تلبي حاجيات القطاعات الصاعدة، مثل الرقمنة، الطاقات المتجددة، واللوجستيك، وكذا تحديث طرق التدريس بإدماج التعليم التطبيقي والمهارات الحياتية.
🔹التكوين المهني وتشجيع التدريب لاكتساب الخبرة
يعتبر التكوين المهني رافعة أساسية للتقليص من نسبة البطالة، إذ يزوّد الشباب بالمهارات العملية التي يحتاجها أرباب العمل. لذا من الضروري تكثيف برامج التدريب في المصانع والشركات والإدارات العمومية، مع إبرام اتفاقيات شراكة بين الدولة والقطاع الخاص لتسهيل ولوج المتدربين إلى المؤسسات.
🔹دعم المقاولات لفتح باب التشغيل أمام الشباب
يجب تحفيز المقاولات على مستوى الدعم المادي والإعفاءات الجبائية مقابل تشغيل وتدريب الشباب العاطل، وهو ما سيساهم في تخفيف الضغط الاجتماعي وتوفير فرص عمل قارة. كما يمكن خلق آليات لتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة على التوسع واستيعاب اليد العاملة المحلية.
🔹تكوين الشباب وتأهيلهم لممارسة الحرف والمهن المطلوبة
يظل الاستثمار في تأهيل الشباب في الحرف والمهن ذات الطلب المرتفع أداة فعالة لمحاربة البطالة، سواء في ميادين البناء، الصناعة التقليدية، الخدمات، أو الفلاحة. وينبغي كذلك إحداث مراكز جهوية متخصصة في التكوين حسب خصوصيات كل منطقة.
🔹الهجرة القانونية كحل بديل مربح للجميع
لا يجب إغفال الهجرة القانونية المنظمة كجزء من الحل، فهي تخفف الضغط على سوق العمل الداخلي وتساهم في إدماج الشباب في سوق شغل دولي، كما توفّر للدولة مداخيل مهمة من العملة الصعبة عبر تحويلات المهاجرين. ولهذا يجب وضع برامج لمواكبة الراغبين في الهجرة بشكل قانوني، بمساعدتهم في الحصول على عقود عمل في دول تعرف خصاصًا في اليد العاملة، وضمان حقوقهم وحمايتهم من الاستغلال.
🔹اقتراحات إضافية لتعزيز فرص التشغيل
✅ تحسين مناخ الأعمال وتسهيل إجراءات خلق المقاولات الناشئة؛
✅ الاستثمار في المناطق القروية والصغيرة لخلق فرص عمل محلية؛
✅ تطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني كمجال واعد لاستيعاب العاطلين؛
✅ تشجيع الابتكار والمشاريع الرقمية التي تتيح خلق وظائف جديدة؛
✅ تحفيز الشباب على ريادة الأعمال عبر برامج مواكبة وتمويل ملائمة.
خاتمة:
إن معالجة معضلة البطالة في المغرب تتطلب إرادة سياسية قوية ورؤية استراتيجية شاملة، ترتكز على تأهيل العنصر البشري، تشجيع الاستثمار، وخلق بيئة محفزة على الابتكار. فالشباب المغربي، بما يملكه من طاقات وإمكانات، قادر على الإسهام في بناء مغرب قوي ومزدهر إذا توفرت له الفرص والآليات المناسبة.
اترك تعليقاً