المناظرة الوطنية للإشهار.. دعوات لمنظومة قانونية وأخلاقية تحمي المستهلك وتشجع الإبداع

أكد سليم الشيخ، المدير العام للقناة الثانية “دوزيم”، خلال مشاركته في الجلسة الثانية للمناظرة الوطنية الأولى للإشهار بالدار البيضاء، أن قطاع الإشهار التلفزيوني يخضع لضوابط قانونية صارمة.
وقال إن “الإشهارات تنشر وفق ترسنة قانونية واضحة، وفي الشأن التلفزيوني لا نقوم أبدا بنشر أي إعلانات مضللة أو تكذيبية، وكل ذلك يتم استنادا إلى دفتر تحملات محدد يلتزم به الجميع، وفق القوانين المعمول بها”.
وأوضح الشيخ أن القناة تحرص على الالتزام بأعلى المعايير الأخلاقية والمهنية في هذا المجال، مشيرا إلى وجود قواعد صارمة فيما يتعلق بالرعاية الإعلانية، مؤكدا أنهم “يحترمون هذه القواعد بشكل جدي، مع توفير كل وسائل التكنولوجيا الحديثة لضمان تقديم منتوج إعلامي عالي الجودة يليق بالمشاهد المغربي”.
من جهة أخرى، أعرب المدير العام للقناة الثانية عن ملاحظاته حول واقع الإشهار في السوق المغربية، مشيرا إلى أن “معظم القنوات العمومية تحترم القوانين، ولم أر خروقات كبيرة في نشر الإعلانات على هذه القنوات”.
وشدد على وجود ثغرات تشوب الإطار القانوني، موضحا أن “القوانين التنظيمية الحالية تفتقر إلى العدالة المفروضة، حيث أن حوالي 70 في المائة من سوق الإشهار لا يخضع لهذه القوانين، مما يترك فراغا قانونيا واسعا”.
وأشار الشيخ أيضا إلى تحديات أخرى تواجه قطاع الإشهار في المغرب، منها “تقادم القوانين التي تحكم ‘الهاكا’، بالإضافة إلى وصول قنوات تلفزية أجنبية إلى المشاهد المغربي عبر الأقمار الصناعية، دون أن يستفيد المغرب من هذه الإيرادات”.
وأوضح أن هذه الظاهرة تفرض ضرورة تحديث الإطار القانوني والتنظيمي، لضمان حماية السوق المحلية وتعزيز استفادة الدولة والمواطنين من هذا القطاع الحيوي.
وشدد سليم الشيخ على أن احترام المعايير القانونية والأخلاقية، إلى جانب الاستثمار في التكنولوجيا والإنتاج الإعلامي الجيد، يظل المفتاح لضمان قطاع إعلاني متوازن وشفاف، قادر على تقديم محتوى موثوق للمشاهد المغربي، وفي الوقت نفسه تعزيز العائد الاقتصادي للمغرب من سوق الإشهار.
وأكدت إلادجا الزواش، مديرة تطوير الإعلانات والمحتوى الإعلامي في قناة TV5 Monde، أن الشركة تولي اهتماما بالغا بالالتزام بالقوانين التنظيمية على المستوى العالمي، حيث تعمل عبر خمس قارات وتواجه نماذج متعددة من التشريعات المحلية والدولية.
ورغم هذا التنوع القانوني، أشارت الزواش إلى أن القانون الفرنسي يبقى المرجع الأساسي في عملهم، نظرا لأن مقر القناة يقع في باريس.
وأوضحت الزواش أن الالتزام بالقواعد لا يقتصر على الجوانب القانونية فحسب، بل يشمل أيضا الأبعاد الأخلاقية للإشهار، مشددة على وجود مراقبة صارمة للمحتوى الإعلاني للتأكد من خلوه من الإعلانات الكاذبة أو التي تحمل رسائل أيديولوجية تتعارض مع أخلاقيات الإعلان.
وأكدت أن القناة تعمل على منع أي محاولة للتلاعب بالرأي العام أو الترويج لأفكار مغلوطة من خلال الإعلانات.
وشددت الزواش على أن التنظيم المهني للإشهار يتطلب إطارا مزدوجا يجمع بين القانون والأخلاق، موضحة أن أي محتوى إعلاني يتم استقباله يخضع لمراجعة دقيقة من الجانب القانوني، مع استشارة خبراء أخلاقيين لضمان توافقه مع المعايير المهنية المتعارف عليها.
وأشارت أيضا إلى أن كل هذه الإجراءات والمجهودات تهدف في النهاية إلى كسب ثقة المشاهدين، خاصة المواطنين الفرنسيين، وتقديم إعلانات عالية الجودة.
وسجلت أن الإرشاد والمراجعة يتمان في ظل إشراف وتدخل السلطات العمومية، لضمان أن تكون كل المواد الإعلانية صادقة وموثوقة، وتعكس قيم القناة المهنية والأخلاقية.
وأكد إلياس خروز، دكتور في قانون الملكية الفكرية ومشارك في تأسيس مكتب “لوال”، المتخصص في الصناعات الثقافية والإبداعية (ICC)، أن السوق الإعلاني في المغرب يواجه تحديات كبيرة على مستوى الإطار القانوني.
وقال خروز إنه “ليس هناك قانون شامل يغطي جميع جوانب الإشهار، إلا أن هناك مجموعة من القوانين التي تحمي المستهلك المغربي، وتوفر أدوات فعالة لوقف الإعلانات الكاذبة والمضللة”.
وأوضح خروز أن الفراغ القانوني لا يزال قائما في بعض المجالات، مشددا على ضرورة وضع تشريعات حديثة وذات جودة عالية، قادرة على حماية جميع الفاعلين في السوق الإعلاني، سواء كانوا منتجين أو مستهلكين أو وسائل إعلام.
وأضاف أن “تحقيق هذا الهدف يتطلب تنظيما مشتركا يتم بمشاركة الدولة المغربية، لضمان الإطار القانوني والأخلاقي المناسب لجميع الأطراف”.
وأشار المتخصص في الصناعات الثقافية والإبداعية إلى وجود فراغ مؤسساتي يعيق فعالية الرقابة والتنظيم، مؤكدا على أهمية تدارك هذا النقص في المستقبل القريب.
وزاد: “الأمر يتطلب إنشاء مؤسسات متخصصة تغطي هذه الثغرات، بما في ذلك تأسيس هيئة تنظيمية مشتركة، لضمان ضبط السوق وحماية المستهلكين والفاعلين على حد سواء”.
وشدد خروز على أن التوازن بين حماية المستهلك وتشجيع الابتكار في الإشهار يتطلب تطوير إطار قانوني ومؤسساتي متكامل، قادر على مواجهة التحديات المعاصرة في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية بالمغرب.
اترك تعليقاً