وجهة نظر

الاستبداد عدوان الحياة بعد قرار منع حزب الأمة.. ماذا بعد؟

دائما ضحايا المنع والإكراه من حقوقهم لهم إحساس زائد بحرياتهم ، لذلك من المستحيل أن ينكفؤوا إلى الوراء وينظموا إلى الأغلبية الصامتة!!!

المخزن لا يكف عن عاداته القديمة، فالأحزاب هي مجرد أدوات إسنادية، يستخدمها للخدمة، وهي مجرد متون على الهامش، وأسماء إضافية على اللائحة، قابلة للاستعمال المبتذل، والإبدال الحاط بالكرامة عندما تنتهي صلاحيتها!

ولابد لنا كفاعلين سياسيين، وضحايا المنع والحظر، أن نبدع مفاهيمنا؛ ونفكر بشكل مختلف، إذا أردنا أن نكون قيمة مضافة، أما إعادة مقول القول، فهي تجعلنا نمطيين.. لا بد أن نفكر في الهامش الذي يبدد مقولات المركز، في كثير من الأحيان تخدعنا السطوح، فنحسبها أعماقا كسراب بقيعة!.. فالابداع ليس في الاتصال ولكنه في الانفصال والتجاوز.. الابداع يوقدنا من سباتنا العميق، ويجرنا لرؤية حقائق غير تلك التي تعودنا على سماعها ببلاهة واستغفال.

فحزب الأمة ب”جنونه العظيم” ورغبته في التأسيس المستقل، وانتزاع شهادة ميلاد وليس شهادة وفاة، قد كشف المخبوء والمسكوت عنه، وأسقط الأقنعة المبرقعة، وأزال الحجارة عن باب المغارة، وجعل الأوهام وعشاقها المذمنون عليها يستحمون في العراء..
كل هذه السنوات التي تكاد تتجاوز عقدا من الزمن، وكل هذه الأحكام القضائية المكارثية التي تدعي أنها تطارد “الساحرات”، حتى لا يفسدوا اللعبة التي صنعها الكبار، ليضلوا كبارا يحرسون أحواضهم السياسة الراكدة، حتى لا تتسرب لها نفحة هواء تثيرها وتحركها.

حراس المعبد السياسيون لا يطيقون الإصغاء إلى صوت الحقيقة، لأنها تستفزهم، فيعمدون دائما إلى إرادة القوة. ليفرضوا حالة السبات الطويل، ويريدون من رعاياهم أن يظلوا في حالة الجهل المركب والبلاهة العمياء والغباء المذل، يبلعون بلا مضغ وجبات سريعة تقدم لهم، وكأنها اعتقادات راسخة، على الرغم من أن أساسها متهافتا، بلا أدنى درجة من المعقولية أو الحكمة. ليتحول الوطن بمن فيه وما فيه إلى ماخور يشبه بيت عنكبوت.

إلا أن “جنون حزب الأمة الجميل”، لم يصل حتى الآن لدرجة تخطي الأسوار العقلانية، لأنه ما يزال يحمل برغم شدة الألم فسيلة الأمل، وينتطر من كل اصحاب العقول الحكيمة التدخل لتصحيح المعادلات المختلة.

ولكن المدى يتسع، وضربات الجلاد تعلمنا، أن العقلانية السياسية ليست “كاتلوكا” يحفظ عن ظهر قلب، ويمارس بلا معنى، لأن الإدمان على التكرار هو جهل مركب، ووهم منتشر، يجب أن نتحرر منهما، فلم تعد الروح المتخنة بالجراح، تطيق سماع نغمة إعادة التأسيس الجديد ولو افتراضا، لأنها متاهة، وهل تدرون ما المتاهة؟!! .. إنها عقلية الدائرة الضيقة التي تعيد إنتاج المبتذل والمتلاشي.

ربما نحن بحاجة إلى “جنون خلاق”، يبدع الإبداع، ويستأصل الأوهام، حتى يستطيع صيانة حقه في التعبير والتنظيم، بحاجة إلى عقلية السهم المنطلق، وليس عقلية الدائرة المتاهة.

ونقول لصانعي مأساتنا؛ أن “جنوننا الخلاق” هو جنون لا ينضب من المعاني، لا تظنوا أنكم بإصداركم حكما بإعدام حقنا واغتيال وجودنا، تستطيعوا أن تكبثوا رغبتنا الساكنة في أعماقنا، إننا نقول: اقضوا ما أنتم قاضون فاستبدادكم هو تعدي على الحق في الحياة، ونضالنا هو تشبث بشريانها، وستعلمون أن الجنون الخلاق له نتيجة واحدة هي أن ننتصر أو ننتصر!

المعركة يا سادتي لم تنتهي بعد، فإذا كانت قوانينكم المحلية لم تنصفنا، فلنا في المحافل الدولية وعند كل الضمائر الحقوقية المنصفة متسع، وحذاري أن يقول قائل: إننا نسقط ورقة التوت عن ظهر الوطن، ترى ماذا تركتم أنتم للوطن من أوراق ليستر بها عواره؟!.. ولنا في تمتين علاقاتنا مع كل الفضلاء الديمقراطيين، والارتقاء بها إلى مستوى القطب الديمقراطي، الممانع والمناهض للاستبدادكم وفسادكم وتبعيتكم، حياة هي أكبر وأنجع بكثير من أي تأسيس مستقل، فهذه حاجة كانت دائما في وعينا، أنتم الآن والهنا بقراراتكم العمياء ترقون بها إلى أن تصبح ضرورة.. ولنا في حمى شعبنا وحراكه الاجتماعي والمدني أفاقا أكبر من جحوركم الضيقة وأحلامكم التي تشبه أحلام الصغار.. ولعله خير ينتظرنا، فللتاريخ دائما مكره الذي يجعل المتغطرسين يعضون اصابيع الندم ولكن بلا فائدة!..
فنحن هنا باقون على صدوركم كالجدار.. لن نترك الميدان ولتشهد الدنيا.. لن نتوب عن وعد الهوى المحبوب.. حملنا دمنا على أكفنا وما نكسنا أعلامنا.. هنا لنا ماض وحاضر ومستقبل.. حاصروا حصاركم لا مفر …

وأخيرا وليس أخيرا.. لأننا نحب وطننا لن نتوقف ولن نتراجع ولن نسلم، وسنقاتلكم بالحب، لأنه سلاحنا الذي نؤمن به لحد الاذمان والتعصب.