وجهة نظر

الإلتراس في المغرب ومصر.. بين السياسة والشغب والحظر

اجتمع كل من وزير العدل والحريات مصطفى الرميد و ووزير الداخلية محمد حصاد ووالي الأمن عبد اللطيف الحموشي رفقة الجنرال حسني بنسليمان رئيس اللجنة الاولمبية وفوزي القجع رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم و سعيد الناصري رئيس رابطة المحترفين لمدارسة ظاهرة الشغب بالملاعب وكيفية الحد منها خصوصا بعد الاحداث التي شهدها دربي الدار البيضاء، وكان ابرز قرار خرج به هذا الاجتماع هو حل روابط الالتراس وتصنيف انشطتها داخل خانة الإجرام .

القرار الذي أُعلِن عنه جاء موافقا لاسبوع يحمل ذكرى سوداء على المصريين بمجزرتين .

من الجهة الاولى بعد يومين فقط من الذكرى الرابعة لمجزرة بورسعيد بمصر التي راح ضحيتها 72 شهيداً في صفوف التراس اهلاوي بعد تآمر الداخلية الفرعونية رفقة بقايا نظام مبارك و بلطجية جمهور نادي المصري على جمهور نادي الأهلي ، حيث أنه تم السماح لجمهور المصري بادخال كافة الأسلحة والمفرقعات النارية الى الملعب بدون مراقبة . و بعد ان اعلن الحكم نهاية المباراة تم اقفال جميع ابواب الخروج في وجه الاهلاويين ماعدا باب صغير واحد و اقتحم المئات من جمهور المصري الملعب و هاجموا بشكل وحشي مدرجات الاهلي تحت انظار الأمن والإعلام . وبعد المجزرة صدرت بعض التقارير الطبية التي تؤكد ان بعض الشهداء لم يقتلوا بالاسلحة البيضاء فقط بل بالرصاص الحي وقنابل الغاز الخانقة أيضاً ، فيما جاء في بلاغ وزارة الداخلية وأقوال بعض الشخصيات السياسية والرياضية على أنها اعمال شغب ناتجة عن عداء بين الجمهورين.

ما نعرفه أن التراس اهلاوي و التراس الوايت نايتس التابعة للزمالك كانوا من المساهمين في تأطير ثورة 25 يناير . وأن نزول جمهور المصري بتلك الطريقة بعد انتهاء المباراة و عدم تدخل ذلك العدد الهائل للعسكر لحماية جمهور الأهلي ما هو الا دليل ورسالة واضحة على أن المجزرة كانت مخططة من قبل.

ومن جهة أخرى فبعد اقل من 4 أيام ستحل الذكرى الثانية لمجزرة الدفاع الجوي التي راح ضحيتها 22 مشجعا من جمهور الزمالك المصري بعد ان منعهم الأمن من دخول الملعب وحجزهم في القفص الشائك وهو الدخيل الذي وضعه الأمن قبل هاته المباراة تحت حجة التأكد من أن الجماهير تتوفر على تذاكر المقابلة . هنا يطرح سؤالان : لم تم وضع القفص الشائك ؟ ولم تم تأخير دخول الجمهور ؟

هذان السؤالان أُجيب عنهما بعد حصول تدافع في القفص الشائك وشروع الأمن في إطلاق القنابل الغازية و ضرب الجمهور الذي لم يجد مكانا للفرار ووجد نفسه محاصراً في الققص.

سقط 22 شهيداً في هاته الحادثة بسبب الاختناق الذي سببه الغاز فيما صدر بلاغ الداخلية يؤكد أن الوفيات كانت نتيجة التدافع.

ومن الضروري أن نسجل أنه قبل هاته المقابلة قال مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك أنه يُعَِد مفاجأة لجمهوره.

الغريب في الأمر أن هاتين المجزرتين حصلتا في وقت قريب لذكرى 25 يناير و استهدفتا الاهلاويين والزملكاويين المشاركين في تأطير المظاهرات المطالبة باسقاط حكم العسكر. وهذا برهان آخر على أن المجزرتين كانتا مدبرتين باحكام.

وبالعودة الى المغرب فقد سُجلت العديد من أحداث الشغب في الملاعب منذ ظهور الالتراس في المغرب في 2005 . وبعض الفصائل من الالتراس تعتبر الأخرى عدوتها فقط لتواجدها في مدينة آخرى أو لأنها تشجع فريقا آخر . إلا أن لا أحد ينفي ان الشغب والعداء بين الجماهير قد كان حتى قبل ظهور الالتراس.

والجدير بالذكر أن بعض روابط الالتراس انخرطت هي الأخرى في الحياة السياسية بمواقفها في كل مايجري في العالم من أحداث و برفضها للفساد والاستبداد ومطالبتها برفع القمع عن الأصوات الحرة وبتأطيرها لبعض الاحتجاجات الشعبية (مثال المظاهرات المنددة باطلاق سراح دانيال مغتصب الأطفال).

على أي، الالتراس هو تنظيم لا يخضع لأي قانون و يؤسسه مجموعة من مشجعي فريق كرة القدم وله مبادئ يلتزم بها أعضاؤه وينضبطون تحت لوائها. ومايميز هذا التنظيم هو ديموقراطيته المثيرة للاهتمام حيث أن جميع القرارات تكون جماعية. وأعضاء هذا الكيان يعتبرون الملعب هو منبرهم الوحيد للتعبير عن آرائهم وما يخالجهم و حظر الالتراس ما هي الا طريقة لقمع حريتهم في التعبير وقرار الحكومة المغربية بحلها ومنع انشطتها ليست اول محاولة، فقد رفع المحامي المصري أشرف فرحات دعوى قضائية في السنة الماضية لحل هذه التنظيمات و حظرها.

من المبادئ المتفق عليها عالميا للالتراس أنها ضد القانون ، فكيف من الممكن ان تصدر قرارات بحلها وهي أصلا لا تحكمها القوانين.

الإلتراس في المغرب ومصر… بين السياسة والشغب والحظر.