أخبار الساعة

7 سنوات على حرب الفرقان بغزة.. القتلة بلا محاكمة

بعد مرور سبع سنوات على ما عُرف بـ”حرب الفرقان”، التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2008؛ ما زال ضحايا الحرب بانتظار تحقيق السلطة الفلسطينية لوعودها بتقديم قادة الاحتلال إلى العدالة الدولية.

واستمرت الحرب 22 يوما متتالية، استشهد خلالها نحو 1420 فلسطينيا، ودمر ما يزيد على ثمانية آلاف منزل تدميرا كليا وجزئيا، وشرد قرابة نصف مليون فلسطيني، فيما أكد التقرير الدولي للقاضي ريتشارد غولدستون، أن الاحتلال ارتكب جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين.

وقال أمين مقبول، أمين سر حركة فتح، وعضو اللجنة الوطنية العليا التابعة للسلطة الفلسطينية والمكلفة بالمتابعة مع محكمة الجنايات الدولية، إن اللجنة “قدمت تقارير كاملة حول جرائم الاحتلال بشكل رسمي لمحكمة الجنايات، والتي بدورها تعرضها على هيئتها القضائية”، موضحا أن “إجراءات المحكمة طويلة ومعقدة”.

مزايدات!

وأضاف لـ”عربي21“: “نحن نتابع هذه الإجراءات على أمل أن يكون تقديم هؤلاء المجرمين من قادة الاحتلال إلى المحاكم الدولية قريبا”.

وذهب إلى أن الحديث عن “تقصير” السلطة الفلسطينية من قبل بعض الحقوقيين ما هو إلا “مزايدات فارغة، والسلطة لم تقصر إطلاقا في هذا المجال”.

ونفى مقبول علمه بأن يكون الاحتلال قد مارس أية ضغوط على السلطة الفلسطينية من أجل ثنيها عن تقديم هذه الملفات لمحكمة الجنايات، مؤكدا أن مؤسسات الاحتلال “تحضر نفسها لمثل هذه المحاكمات”، على حد قوله.

غياب الإرادة

من جهته؛ قال مدير مركز المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بغزة، رامي عبدو، إنه “لا توجد حتى الآن إرادة سياسية لمحاسبة قادة الاحتلال، لا على مستوى السلطة الفلسطينية، ولا المستوى الدولي أو العربي”.

وأضاف لـ”عربي21” أن “غياب تلك الإرادة يترافق مع توظيف الجرائم التي ارتكبت بحق الضحايا؛ لتحقيق نفعية سياسية عبر تجاوز فكرة محاسبة الاحتلال، وتمكينه من الإفلات من العقاب”.

وبين أن “دولا غربية وفرت الغطاء لقادة الاحتلال للإفلات من المحاسبة عبر التعديل في قوانينها، لتجنب استخدام الولاية القضائية التي تتيح محاسبة مرتكبي جرائم الحرب”، في إشارة منه إلى تغيير بريطانيا مبدأ الولاية القضائية في 14 دجنبر 2011، والذي كان يتيح ملاحقة منتهكي حقوق الإنسان، بغض النظر عن مكان الجريمة أو جنسية المجرم أو الضحية.

وأوضح عبدو أنه يمكن اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية من خلال ثلاث وسائل؛ “الأولى من خلال مجلس الأمن، وإلى الآن لم يقم المجلس بتحويل أي ملف يتعلق بجرائم الاحتلال للمحكمة، والثانية أن تقوم الدولة العضو (السلطة الفلسطينية) بالتوجه للمدعي العام بطلب فتح تحقيق، وهي الخطوة التي لم تحدث أيضا”.

وتابع: “أما الوسيلة الأخيرة، فهي أن يقوم المدعي العام للمحكمة بنفسه بفتح تحقيق، وهذا أمر ترك للمدعي الذي فتح تحقيقا أوليا، ولم يفتح تحقيقا جنائيا”.

تبعات سياسية

واستبعد أن يقوم المدعي العام بفتح مثل هذا التحقيق، حيث لم تتقدم السلطة الفلسطينية بطلب فتحه، وهي صاحبة الملف، مشيرا إلى أن المدعي “يدرك أن هذا الأمر ربما تكون له تبعات سياسية؛ تؤثر على تركيبة المحكمة ذاتها”.

وحول التراخي في تعاطي السلطة الفلسطينية مع هذا الملف؛ ألمح عبدو إلى أن لدى السلطة “حسابات سياسية، فهي لا تريد مواجهة الاحتلال؛ لأنها تدرك أن قرارها السياسي مرتهن بالإرادة الدولية التي لا تريد أن تحاسب قادة الاحتلال”.

ولفت إلى أن القرار السياسي والمالي الفلسطيني “مرتهن بسيطرة الاحتلال، وهو ما يمنع السلطة من الإقدام على الكثير من الأمور التي هي أبسط من اللجوء لمحاكمة قادة الاحتلال”.

لم تحاكم دجاجة!

من جانبه؛ قال أستاذ القانون الدولي حنا عيسى، إن “الاعتراف بفلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة نهاية عام 2012، أتاح المجال أمام السلطة الفلسطينية للانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية”.

لكنه أكد لـ”عربي21” أن محكمة الجنايات “قانونية شكليا، ولكنها في جوهرها سياسية، حيث تتحكم فيها موازين القوى العالمية”، لافتا إلى أن “إسرائيل ارتكبت منذ عام 1938 وحتى الآن؛ ما يزيد عن 250 جريمة حرب، ولم يحاسبها العالم حتى اللحظة، وذلك لأنها ربيبة الولايات المتحدة في المنطقة، وصنيعة أوروبا”.

وتابع عيسى: “نحن بحاجة لمائة خطوة كي نتمكن من تقديم قادة الاحتلال للمحاكمة، وكل خطوة تحتاج منا إلى خمس سنوات على الأقل”، معتقدا أن السلطة الفلسطينية “قامت بواجبها في هذا النحو، لكن الذي يتحكم في العالم هو موازين القوى التي ترجح لصالح كفة الاحتلال”.

وأضاف أن “هناك من يطالب دول العالم بمحاكمة الاحتلال، لكن هذه الدول ستتراجع عندما يصبح الأمر قيد التنفيذ”، مشيرا إلى أن “الدول الكبرى – وهي أمريكا وروسيا والصين والهند – ليست أعضاء في محكمة الجنايات”.

وقلل عيسى من أهمية محكمة الجنايات الدولية بقوله: “منذ نشأتها لم تحاكم دجاجة، وهي عبارة عن مرآة للحديث عن العدالة، لا أكثر ولا أقل”.

عن عربي 21