منتدى العمق

الديمقراطية وردة الفعل

إتماما لمقال الأستاذ تهامي الوركة المعنون ب “مكانة الأشخاص وقدسية المبادئ” حزب العدالة والتنمية أنموذجا، والذي تطرق فيه إلى إمكانية التمديد لعبد الإله بنكيران لولاية ثالثة على رأس الحزب.

هنا طُرح سؤال هل الحزب سيبقى وفيا لمبادئه الديمقراطية، أم أنه سيدخل في ما يسمى برَدة الفعل السياسية؟ وبالتالي التخلي عن المبادئ والقوانين الداخلية للحزب، مع العلم أن المؤتمر هو سيد نفسه، لكن الذي يغفل عنه كثير من مناضلي حزب العدالة والتنمية أن المسألة هنا ليست مسألة تجديد لولاية ثالثة وإن بدا الأمر في ظاهره قانونيا أو كما يسمونه قرار حزبي مستقل منبثق من قواعده، بل الأمر هنا متعلق بالخروج من دائرة الاستثناء التي طالما تغنى بها مناضلو الحزب، ليدخلوا في خانة باقي الأحزاب الممجدة للزعيم الأوحد، قد نتفق أو نختلف حول كاريزما الأستاذ عبد الإله بنكران ودوره في قيادة الحزب بنجاح في المرحلة التي قاد فيها الحزب، لكن هذا المعطى لا يجعل منه فوق القانون الداخلي للحزب، بحيث يتم تغيير القانون ليلاءم وجود أو تواجد أشخاص في مكان معين، وإلا هنا يطرح سؤال آخر هو أليس في الحزب من هو قادر على قيادته؟ إن لم يكن للأفضل فعلى الأقل الحفاظ على المكتسبات التي حصل عليها في عهد سلفه، وإلا ما دور الهيئات الموازية للأحزاب إذا لم يكن باستطاعتها تخريج رجالات يحملون صفات القادة القادرين على قيادة الدولة بله الحزب.

للأسف فمعظم الأحزاب أصيبت بداء الزعامة الموهومة حتى لربما اقتربت من قداسة الزعيم الأبدي متناسية أن وجودها في الأصل مبني على الصراع الديمقراطي ودورها في بناء الدولة الديمقراطية المبنية على مبدأ تداول السلطة بين من يراهم الشعب أهل لقيادته، ناسين أو متناسين أن الفكرة و المبدأ هو الأصل وأن الأشخاص و الهيئات ما هي إلا أدوات ووسائل توصل إلى تحقيق الفكرة.

فلربما سنشهد نهاية آخر الديمقراطيات الحزبية تحت ذريعة ردة الفعل ومقاومة الفساد وبتالي اعتراف ضمني عن عجز هذا الحزب مسايرته للتطور الديمقراطي الذي طالما دعى إليه.