وجهة نظر

لا رأس للسنة

لم أستطع بعد أن أعرف تفصيل جسد السنة لأعرف رأسها من رجليها. وإن كان لها رأس في الأصل أم أوهمونا بذلك.

أنا متأكد أن الناس في هوامش المغرب لا يعرفون شيئا عن احتفالات نهاية السنة.. كل ما يعرفون أن اليوم الأحد وغدا الإثنين، وسيسلمون أجسادهم للتعب بحثا عن لقمة عيش.. وبعض الأطفال سيتوجه خطأ إلى المدرسة – المعلم حتما لا يخطئ في مثل هذه المعلومات – قبل أن يضحك عليه زميل في طريقه إلى الحقل أو الرعي ويذكره أن المعلم أخبرهم أن “نهار الاثنين ما كايناش قراية”، وربما ذهب المعلم ليزور أسرته أو ليستنشق هواء المدينة ويتذكر أصدقاءه أو يلتقي صديقته القديمة.. وغالبا لن يتوجه إلى أي مكان بل سينام كثيرا، وما تبقى من وقته سيخصصه لتصحيح أوراق الفروض أو دفاتر التلاميذ.

وشخصيا لا يتبادر إلى ذهني غيأما ما يدور في ذهني الآن فهو تدوينة فيسبوكية نشرتها قبل سنتين، وأراها مناسبة مع بعض التعديلات والإضافات: ”
“لا أودع شيئا ولا أستقبل شيئا… لن يتغير عندي شيء -إذا قدر الله لي البقاء- سأنام كالعادة وأستيقظ كالعادة، سأشرب الماء والشاي والقهوة والحريرة، وأتناول الخبز والزيت والمرق والكسكس أو أي شيء مما يأكله المغاربة عادة. لن أشتري الحلوى ولا الشوكولاطا، لن أشتري تمثالا بلاستيكيا أحمر لرجل ذي لحية بيضاء، لن أهدي أحدا شيئا، ولا أظن أن أحدا سيهديني شيئا… لن أزعج رجل أمن، ولن أبحث عن كيس بلاستيكي أسود لأخفي قنينة، لن أكتب على حائطي سنة سعيدة لن أغادر البيت ليلا ولن أتابع سهرة رأس السنة على التلفاز… كل ما سيتغير أنه لو كتبت تاريخا سأستبدل 7 ب8.
هل هناك ما يستحق أن نحتفل به في عالم غارق في الدماء وضمير غارق في الوحل؟ هل أنجزنا شيئا في عام آخر ينصرم من عمرنا؟ أم أنه فعلا ينبغي أن نحتفل أو على الأقل نترك الناس يحتفلون كما يحلوا لهم لعلهم يسكرون ويفرحون ساعة، ومن العيب أن ننكد عليهم فرحة بقدوم سنة يتمنونها أفضل من التي مرت !

سأحترم قناعات الناس وجنونهم، وسأنشغل بالبحث في جسد السنة عن رأسها، أما العيد؟
فإذا كان عيد المسيحيين فأنا مسلم، وإن كان عيد الأغنياء فأنا فقير وثمن قنينة خمر أولى به أسرة فقيرة من الشعب، وإن كان عيدا غربيا أو شماليا فأنا جنوبي.
لا علم لي إن كان الغربيون يحتفلون بأعيادنا، ويشترون أكباش العيد أو يخرجون زكاة الفطر مثلا.
قل يا أيها المحتفلون لكم عيدكم ولي عيد. أصدقائي متعكم الله بالصحة والعافية ورزقكم سعادة الدارين. وانشدوا معي قول الشاعر:
فمن لي بعام لا يشابه غيره
أرى فيه أظفار البغاة تقلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • لحسن برحو
    منذ 6 سنوات

    مشاء الله مقال رائع و في محله