سياسة

“العمق” تنشر أقوى ما جاء في مذكرات “أحاديث فيما جرى” لليوسفي

بكثير من الترقب، ينتظر المغاربة صدور مذكرات الزعيم الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي المعنونة بـ”أحاديث فيما جرى”، وهي عبارة عن إجابات عن أسئلة رفيق اليوسفي وصديقه مبارك بودرقة أو “عباس” حسب تسميته في الحركة الاتحادية.. وتأتي هذه المذكرات الموزعة على ثلاثة أجزاء بعد صيام عن الكلام لأزيد من 15 سنة، وهي الفترة التي ابتعد فيها اليوسفي عن الأضواء، بعد إعفائه من منصب الوزير الأول سنة 2002، وتعيين إدريس جطو وزيرا أولا بدلا له.

ويعرج اليوسفي في الجزء الأول من مذكراته، على العديد من المحطات في حياته بدءا من طفولته وشبابه، وبعد ذلك بمساره النضالي في الحركة الوطنية وجيش التحرير، ويتوقف على محطات هامة من تاريخ المغرب السياسي، بدءا بتأسيس الخلايا الأولى للعمل الوطني و نفي الملك الراحل محمد الخامس، وبعدها محطات الاستقلال واختفاء المهدي بنبركة في أكتوبر من سنة 1965، ومرحلة التناوب التوافقي وعلاقته بالملك الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس، واعتزاله العمل السياسي.

ويتضمن الجزءان الثاني والثالث، من مذكرات “أحاديث فيما جرى” كتابان توثيقيان يتضمنان الخطابات التي ألقاها اليوسفي في مناسبات مختلفة عندما كان زعيما لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ثم وزيرا أول في الفترة ما بين 1998 و2002، إضافة إلى الحوارات التي أجراها مع الصحف والإذاعات والقنوات الوطنية والدولية.

بوح بعد تردد

لم يكن بوح الزعيم الاتحادي عبدالرحمان اليوسفي وسرده لسيرته الذاتية، بالأمر الهين، فقد تطلب الأمر من رفيقه في النضال والمنفى امبارك بودرقة، سنوات ليقنعه بذلك، حيث يقول في تقديمه للمذكرات: “كثيرا ما حاولت إقناعه بتدوين سيرته، خصوصا أدواره ومواقفه في الحركة الوطنية، وفي المقاومة وجيش التحرير وفي ما شهدته بلادنا من أحداث جسام بعد استقلالها. وكان يقابل إلحاحي بصمت أو بابتسامته العريضة التي لا تفارقه، والحاملة لكل المعاني والتأويلات التي يمكن أن تتبادر إلى الذهن”.

ويضيف بودرقة أنه “عندما كثر إلحاحي على ضرورة الكتابة والتدوين على الأقل ولو دون نشر في الوقت الراهن، أَسَرَّ إلي بأن العديد من أصدقائه ومن الصحافيين عرضوا عليه هذا المشروع، لكنه بقي مصرا على تقديره للأمور، هكذا”، مشيرا أنه خاطبه ذات مرة : «لقد قررت أن أذكرك، كلما ألقيت عليك تحية السلام، بضرورة التدوين»، فأجابني: « وأنا على استعداد لأن أقول لك، وعليكم السلام».

المؤامرة
وتحدث اليوسفي، عن الفترة التي أعلنت فيها وزارة الداخلية عن إجراء الانتخابات البلدية والقروية بتاريخ 2 يوليوز 1963، وعن حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات في أعقاب ذلك على مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والتي امتدت لتشمل قيادات في حزب الاستقلال والحزب الشيوعي المغربي الذي كان ممنوعا تماما.

ويقول الزعيم الاتحادي، أن حملة الاعتقالات بلغت أوجها خلال الانتخابات التشريعية، والتي دفعت بقيادة الاتحاد إلى فتح نقاش حول الاستمرار في المشاركة في الانتخابات أو الانسحاب منها، ودعت الامانة العامة للحزب إلى عقد اجتماع للجنة المركزية يوم 16 يوليوز 1963 بمقر الحزب بالدار البيضاء للبث في القرار النهائي، ليضيف اليوسفي، “وفجأة قامت قوات الأمن بتطويق مقر الاجتماع وتم اعتقال مناضلي الحزب بأمر من وزير الداخلية السيد أحمد الحمياني، الذي عوض السيد رضا كديرة في يونيو 1963، وتحت إشراف مدير الأمن الكولونيل محمد أوفقير، بحجة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”.

وتابع اليوسفي في مذكراته، أنهم من حسن حظهم أن صحافيان كانا يتابعان أطوار النقاش داخل اللجنة المركزية وهما أندري أزولاي (المستشار الحالي للملك” وصحافي أمريكي آخر اسمه “دجون كيلي”، ليشير أن أزولاي هو الأخر تم اعتقاله، وعبد الرحيم بوعبيد، مضيفا أنه “رافق هذه الاعتقالات مختلف أشكال التعذيب خاصة بمركز المعاريف ومعتقل درب مولاي الشريف بمدينة الدارالبيضاء، ودار المقري بمدينة الرباط، حيث ذاق الضحايا مختلف أشكال التنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي”.

وكشف أنه “تم تقديم حوالي 100 مناضل أمام المحكمة الجنائية بالرباط، بتهمة المس بالأمن الداخلي والخارجي، ومحاولة اغتيال ولي العهد والتآمر على سلامة الدولة، حيث تم تجهيز التهم وتلفيقها، بطريقة مبتذلة ضد كل ناشط سياسي عَبَّرَ عن رأي مخالف”، مضيفا أنه “في منتصف غشت 1963، تم تقديم المتهمين في قضية ما عرف ب «المؤامرة» إلى النيابة العامة، حيث تم إيداع الجميع بالسجن المركزي بالقنيطرة”.

المهدي بن بركة

ويعرض اليوسفي تفاصيل تعرفه على الزعيم الاتحادي المهدي بن بركة، حيث تصادف ذلك مع عودته لإتمام دراسته بثانوية مولا يوسف، والتحضير لنيل الباكلوريا، وآنذاك كان بنبركة أحد الأطر الشابة في الحركة الوطنية وأستاذا للرياضيات بثانوية “غورو” وبالمدرسة المولوية التي كان فيها الأمير مولاي الحسن وأصدقاؤه من تلاميذه.

وتأثر اليوسفي بنشاط وحركية بنبركة الذي كان يعمل بحسب ما جاء في مذكرات “أحاديث فيما جرى”، على “ضم العديد من هذه الأطر ويشجعهم على الانخراط في العمل السياسي الوطني، ونشر أفكار الحداثة لدى هؤلاء. مثلما كان يحثهم على النضال من أجل التحرر والانعتاق.. كنت في سنة 1943، من ضمن الشباب الذين استدعاهم المهدي بنبركة، إلى بيت والدته الموجود بحي «الكزا» بالرباط (حي الجزاء)، ليعرض علينا أفكاره وخططه السياسية”.

وانتقل اليوسفي للحديث عن قضية اختطاف واغتيال الزعيم اليساري المهدي بن بركة في باريس، حيث كشف عن تورط أطراف دولية في ارتكاب الجريمة، منها عناصر من الموساد الإسرائيلي والاستخبارات الأميركية.، مشيرا أنه في الوقت الذي فتح فيه الملك الحسن الثاني نافذة الحوار مع ممثلي الحركة الوطنية وأرسل ابن عمه مولاي علي لإقناع المهدي بن بركة بالعودة إلى المغرب للمساهمة في مشروع بناء المغرب الجديد في أبريل 1965 كان وزير الداخلية آنذاك الجنرال أوفقير يعقد لقاءات سرية للتخطيط لاختطاف واغتيال بن بركة بالتنسيق مع من سماهم عصابة من القتلة وبعض المطلوبين لدى العدالة الفرنسية.

وكشف اليوسفي أن الملك الحسن الثاني “أرسل ابن عمه مولاي علي لإقناع المهدي بن بركة بالعودة إلى المغرب، وهو يستغرب لماذا لم يعد لحد الآن. هنا تدخلت، وأخبرت صاحب الجلالة بأن لديه بعض الالتزامات الملحة تتعلق بالتحضير لمؤتمر شعوب القارات الثلاثة. وأضفت «لكن، إذا رأى جلالتكم الاستعجال بدخوله إلى المغرب، فإني على استعداد أن أسافر لأعود به في أقرب الآجال». فرد جلالة الملك «لقد فات الأوان”.

وتابع قائلا: “لو تمكن كل من الأمير الحسن وعلال الفاسي والمهدي بن بركة ومحمد البصري من بناء جسور التواصل في ما بينهم، والتفكير المشترك في تصور بناء مغرب ما بعد الاستقلال، لتمكن المغاربة من تفادي عديد المنعرجات التي أخرت مسيرتنا، ولعشنا مغربا آخر غير الذي نعيشه”.

الطرد من فرنسا

اعتبر اليوسفي أن العمل الذي قام به داخل كواليس الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت حماية الجامعة العربية ورعاية رئيسها عبد الرحمان عزام باشا، عملا لم تنظر إليه السلطات الفرنسية بعين الرضا، لافتا إلى أنه “عندما كنت ذات يوم أتمشى في شارع غير بعيد عن جامعة السربون، فإذا بشرطية تقف أمامي وتصرخ بأعلى صوتها: «هذا هو اليوسفي»، وما هي إلا لحظة حتى كنت مطوقا بفرقة من رجال الشرطة، وقادوني إلى أحد المراكز الموجودة بشارع «السان ميشيل”.

ويضيف قائلا: “عند استنطاقي من طرف ضابط الشرطة القضائية، واجهني، بكوني مبحوثا عنه منذ مدة طويلة، وأنهم بحثوا عني منذ شهور للعثور علي ولكن دون جدوى. أخبرت الضابط أنني يوميا أمارس حياتي بشكل علني، وأتنقل بين المكتبات وفي الشارع العام كأيها الناس، فأجابني: «السيد اليوسفي، إن ما صرحت به حاليا هو أحسن وسيلة للتهرب من أية مراقبة، لأن كونك توجد في الشارع العام، وليس لديك عنوان قار تعود اليه على الأقل في الليل، فكيف يمكن لنا التعرف عليك”.

واتخذ قرار الطرد آنذاك في حق اليوسفي، وتم وضعه في إقامة جبريى بأحد الفنادق، ريثما يصدر القرار النهائي بالطرد، لكن، يقول الزعيم الاتحادي “بعد أيام تدخلت العديد من الشخصيات الفرنسية لدى الدوائر السياسية، فتم تحويل قرار الطرد من فرنسا إلى قرار النفي من مدينة باريس إلى مدينة «بواتيي» Poitier وسط فرنسا”.

الطربوش و”المارينز” الأمريكي

قصة تخلي عبد الرحمان اليوسفي عن اللباس التقليدي، أي الجلباب والطربوش، إلى أن ارتداه بعد أن عين وزيرا أولا سنة 1998، بدأت منذ 1944، “عندما كنت على متن الدراجة الهوائية في إحدى الرحلات اليومية، التي أقوم بها في مدينة الدار البيضاء بين درب السلطان والصخور السوداء (روش نوار)، مرت بقربي سيارة عسكرية (جيب) على متنها جنود من البحرية الأمريكية (المارينز)، وفي غفلة مني، وفي رمشة عين، انتزع أحدهم الطربوش من فوق رأسي وانطلقوا مقهقهين. وعندما حاولت شراء طربوش آخر، وجدت أن ثمنه يعادل الراتب الشهري الذي كنت أتقاضاه كمعلم. وبما أنني لم أتعود ولم يكن سائدا آنذاك ارتداء الجلباب بدون طربوش قررت التخلي عنهما معا”.

وقال اليوسفي إنه هذه الحادثة ظلت بذهنه دون أن يطالها النسيان “لدرجة أنه عندما استقبلت كاتب الدولة الأمريكي في الدفاع السيد ويليام كوهن، بصفتي وزيراً أَولاً، وبعد انتهاء المحادثات الرسمية، دخلنا في دردشة عامة، فتذكرت حادثة الطربوش وروَيْتُ القصة للوزير الأمريكي وأضفت مازحا: «وبما أنك وزير للدفاع والمسؤول الأول عن الجيش الأمريكي، فإنك مدين لي بالطربوش الذي انتزعه مني أحد جنودكم المارينز منذ 1944». ورد على بدعابة قائلا: «أعترف لكم باسم الجيش الأمريكي بهذا الدين وسنعمل على تسديده». وبالفعل بعد مضي أسابيع، توصلت بقبعة أميرال للجيش الأمريكي، كانت جميلة، لكنها لم تعوض لي بهاء والقيمة المعنوية لذلك الطربوش المفقود”.

التناوب كما فهمناه وقبلناه

وقال اليوسفي في مذكراته، إن ادريس جطو الذي كان في 1998 وزيرا للمالية، قد أخبره أن الملك الراحل الحسن الثاني “اضطر لإلغاء مسلسل التناوب الذي أطلق سنة 1994، لإيمانه بأن التناوب الحقيقي لا يمكن أن يكون إلا مع من كانوا في المعارضة طيلة العقود الماضية، وبالضبط مع شخص عبد الرحمان اليوسفي”.

وأضاف، أن الحسن الثاني، استقبله بالقصر الملكي بالرباط، يوم الأربعاء 4 فبراير 1998 وعينه وزيرا أولا، وأكد له قائلا: «إنني أقدر فيك كفاءتك وإخلاصك، وأعرف جيدا، منذ الاستقلال أنك لا تركض وراء المناصب بل تنفر منها باستمرار. ولكننا مقبلون جميعا على مرحلة تتطلب بذل الكثير من الجهد والعطاء من أجل الدفع ببلادنا إلى الأمام، حتى نكون مستعدين لولوج القرن الواحد والعشرين”.

وأشار إلى أن الملك طلبه منه “آخذ الوقت الكافي لتشكيل الحكومة وعبر لي عن استعداده للقاء معي كلما دعت الضرورة إلى ذلك. وقبل وداعه ونحن واقفان في مكتبه، اقترح علي جلالته أن نلتزم معا أمام القرآن الكريم الموجود على مكتبه، «على أن نعمل معا لمصلحة البلاد وأن نقدم الدعم لبعضنا البعض»، وتلا هذه العبارات ورددتها بعده، وكان هذا القسم بمثابة عهد التزمنا به لخدمة البلاد والعباد، بكل تفان وإخلاص. (…) هكذا، فالتناوب كما فهمناه وقبلنا تحمل المسؤولية الحكومية في إطاره ومن أجل إنجازه هو التناوب بين وضعيتين، وضعية الأربعين سنة السابقة له، ووضعية بديلة يتم بناؤها بدعم من الملك ودعم من الشعب ومساندة برلمانية كافية، وضعية دولة الحق والقانون والمؤسسات، في إطار ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية مبنية على أساس التوازن في الحكم والقرار”.

لهذا قبلت بالبصري وزيرا في الحكومة

كشف عبد الرحمان اليوسفي الوزير الأول وقائد تجربة التناوب التوافقي سنة 1998، والقيادي في الاتحاد الاشتراكي، الذي اعتزل السياسة منذ 2003، عن السبب الذي جعله يقبل بإدريس البصري وزيرا للداخلية في حكومته.

وأشار اليوسفي أنه فضل أن يكون البصري وزيرا للداخلية في حكومته على أن يلتحق بالديوان الملكي، مضيفا بقوله “كان إدريس البصري يهيمن على ما أطلق عليه “أم الوزارات” أي وزارة الداخلية، التي كانت لها اليد الطولى في تزوير الانتخابات وفي صنع أحزاب إدارية قبل أي استحقاق لتحتل المراتب الأولى فيه. كان قدرنا في المعارضة، هو مقاومة هذا الأسلوب والتصدي له”.

وأكد اليوسفي، أنه فضل أن يكون البصري ضمن الطاقم الحكومي، “بدل أن يلتحق بالديوان الملكي، ويصبح إذاك في موقع لن يتردد في استغلاله من أجل وضع عراقيل من شأنها تعقيد طرق الاتصال بجلالة الملك، وبالتالي عرقلة النشاط الحكومي”، مضيفا أن ذلك “يمنحنا فرصا أكثر لمواجهة أي محاولة من شأنها التأثير على البرنامج الحكومي. وهذا ما حصل فعلا، بحيث لم يعد يقوم بنفس الدور الأساسي والرئيسي الذي كان يعتقد أنه الوحيد القادر على إنجازه”.

وتابع قائلا: “ورغم التعليمات التي أصدرت إليه من طرف جلالة الملك الحسن الثاني رحمه لله، بعد تعييني وزيرا أول، بواجب الدعم من أجل إنجاح هذه التجربة، إلا أنه وكما يقال، الطبع يغلب التطبع”.

ابحثوا لكم عن وزير أول غيري

مناسبة هذا الكلام، بحسب ما جاء في مذكرات اليوسفي، هو التحضير للانتخابات التشريعية والمحلية لسنة 2002، وهي آخر ولاية لحكومة التناوب التوافقي التي ترأسها، حيث كانت آنذاك كل الأحزاب متشبثة بما فيه الاتحاد الاشتراكي بالترشيح الفردي، غير أن عبد الرحمان اليوسفي كان له رأي أخر حيث أصر على أن يكون الترشيح باللائحة، ومرده إلى ذلك هو الحد من التزوير وشراء الذمم وتعبيد الطريق للمرأة للدخول لقبة البرلمان بواسطة لائحة وطنية.

وجاء في مذكرات “أحاديث فيما جرى”، أن ادريس جطو كلف بنقل خلاصات استشاراته مع الأحزاب وتشبثهم بالاقتراع الفردي إلى عبد الرحمان اليوسفي بحكم أنه كان وزيرا أولا، فكان رد هذا الأخير على جطو “السي ادريس، قل لهم أن يبحثوا عن وزير أول آخر”. ومع توالي اللقاءات حول الموضوع نفسه، لم يعد يناديه بالسي ادريس، وأصبح يخاطبه، بصفته الرسمية، بالقول، “السيد وزير الداخلية، ابحثوا لكم عن وزير أول غيري”.

اعتزال السياسة

اختار عبد الرحمان اليوسفي، اعتزال العمل السياسي، بعد أن جرت الانتخابات التشريعية يوم 27 شتنبر 2002، وهي أولى الانتخابات في عهد الملك محمد السادس، التي أشرفت عليها حكومة التناوب التوافقي، وحصل حزب الاتحاد الاشتراكي أنذاك على المرتبة الأولى بخمسون مقعدا، وحصل التحالف الحكومي الذي قاد تجربة التناوب التوافقي على أغلبية مريحة من المقاعد.

وبمجرد الإعلان عن هذه النتائج، يقول اليوسفي “التقيت صاحب الجلالة الملك مـحمد السادس، وكان حاضرا أيضا في هذا اللقاء مستشاره المرحوم عبد العزيز مزيان بلفقيه، وعرضت على صاحب الجلالة تقديم استقالتي من الوزارة الأولى، حتى يتمكن من تعيين الوزير الأول الذي سيتولى تدبير المرحلة القادمة، لأن جلالته يعلم رغبتي في إعفاء من الاستمرار في تحمل هذه المسؤولية.غير أن جلالته فضل عدم تقديم الاستقالة حاليا”.

وأشار أنه “يوم الأربعاء 9 أكتوبر 2002، ترأس صاحب الجلالة مـحمد السادس مجلسا وزاريا بمدينة مراكش، وكان آخر مجلس وزاري لحكومة التناوب التوافقي، وبعد ذلك المجلس استقبلني جلالته، وأثنى على المجهودات التي بذلتها خلال الفترة الزمنية التي قضيتها على رأس الوزارة الاولى، سواء في عهد والده المرحوم الملك الحسن الثاني، أو خلال العهد الجديد، بالرغم من الحالة الصحية التي لم تحل دون إنجاز العديد من المشاريع الكبرى التي شهدها المغرب خلال هذه الفترة”.

وقرر آنذاك الملك محمد السادس، تعيين ادريس جطو على رأس الوزارة الأولى، حيث يقول اليوسفي في هذا الصدد، “عبرت له أن الدستور الحالي (1996) يمنحه حق تعيين من يشاء كوزير أول، ولكن المنهجية الديمقراطية تقضي بتعيين الوزير الأول، من الحزب الذي احتل المرتبة الأولى في عدد المقاعد البرلمانية، كما أسفرت عنها الانتخابات التشريعية الأخيرة وهو حزب الاتحاد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *