وجهة نظر

ردا على الأستاذ جبرون في مسألة الإرث

اسمحوا لي ادلي بدلوي في هذا الموضوع الهام

استاذي جبرون

مع كامل التقدير و الاحترام الذي اكنه لشخصكم الكريم. و مع احترامي لاراء من يخالفني اعتقد انكم جانبتم الصواب للاسباب التالية:

السياق
هذه الدعوة ليست بريئة تماما. و نحن نلا نحاسب النوايا و انما الوقائع تثبت ان من دعوا اليها ليسوا جميعا على كلمة سواء في فتح باب الاجتهاد. و لا تحركهم بالضرورة الدواعي العلمية التي تحرككم. بل تبخيس الدين بالكلية و محاولة حصره على هامش المجتمع ديدنهم. بطبيعة الحال يغيرون التكتيكات حسب قوة الفكر المواجه. و وجودكم في صفهم اساسي لتزويد اتجاههم بالراي العلمي المبرر لمطالبهم التي تتعدى ما ترمو اليه. و هنا اتساءل اذا ما كنت ستواجه علميا المرحلة المقبلة التي يستعدون لها؟.

ثانيا
مسالة التعليل مسالة قديمة خصوصا النقاش حول اذا ما كانت العبادات معللة ام لا. و لستم اول من قال بتعليلها .بل ان الوصف المنضبط رفض البعض بالقول به نظريا لكنهم عللوا العبادات عملا و واقعا. و انا اتفق معك اننا ينبغي ان نبحث عن العلل لنجعلها موجهة للتشريع لكن لا ينبغي ان نغير العلة الشرعية بالعلة الواقعية. اي جعل الواقع حاكما على التشريع . و انما الصواب ان نصلح الواقع بمقاصد الشارع لا العكس.

ان بداية قياس الذات الى واقع الاخر في مرحلة ضعف الامة لا ينبغي ان تجعلنا منبطحين لكل قيم الحداثة بدعوى مسايرة الواقع و مواكبته. و الا فان الحداثة نفسها جدل و تغيير مستمر. و فلسفات ما بعد الحداثة تبرز ان السيولة سمتها و ان لا اصول ثابتة تستند اليها بعد ان تنكرت لاصولها المؤسسة.فالحداثة التي تريد منا سيادتك ان نجعلها معيارا لا تعترف بالمعايير. و مايعتبر اليوم قيمة قد يصير الى النقيض بعد فترة من الزمن. فهل سنغير التشريع مرة اخرى لنواكب تطور الزمن؟

استاذي الجليل
لكم يسوؤني ان تخلطوا بين المساواة و بين العدل في تحليلكم. لكم يسوؤني ذلك لا في المساواة ظلما للمرأة قبل ظلم الرجل. انتظر منكم ان اردتم السير بالمساواة الى حدها اللازم ان تطالبوا بدفع المراة مهرا للرجل و ان تعطى الحضانة للزوج عند الطلاق. و ان تدفع المراة للرجل كما يدفع عند الطلاق. المساواة تعني ان تلزم المرأة بالانفاق على الرجل و الابناء كما يلزم. و ان لم تستطع يمارس عليها الاكراه البدني كما يمارس على الرجل. المساواة تعني ان لا تستفيد المراة من رخصة الولادة و ان تكلف بالحراسة الليلية كما الرجل في الاعمال الشاقة. و ان يفرض عليها التجنيد الاجباري وان تتحمل المشاق الجسدية كمايتحمل.المساواة تعني رفض الكوطا المعطاة للنساء في البرلمان وفي بعض الوظائف ….
اعتقد ان ما تحتاجه المرأة هو العدل لا المساواة

ثالثا
مسالة التعصيب
هناك ظلم قد يصيب الفتيات عند عدم وجود الاخ الذكر خصوصا و ان الوارثقديكون عما او ابن اخ او عم لايعيرهم اهتماما. ثم يظهر بعد وفاة الهالك ليزاحمهم في الارث.

بسط المسالة بهذه الطريقة يجعل الدعوى تلقى تعاطفا . و هذا طبيعي.و لكن هل المشكلة في الدين ام في اتباعه؟
لقدتعلنا ان نميز بين النصوص المؤسسة و التداول التاريخي. فكيف تطلب من يا استاذ ان نحاكم النص الى التاريخ؟كيف تطلب ظن ان نغير الدين بسبب اخطاء اتباعه؟

كفالة اليتيم و صلة الرحم والنخوة و الرجولة التي يربيها الاسلام في العصبة هي الضامن لغياب الاحساس بالظلم. فهل يكون الحل في اعادة ايجاد هذه البيئة الشرعية التي تبرر التعصيب ام في الغاء ما ثبت بالنص القطعي لا الظني كما تدعون؟
ان اعظم تشريع اذا ازلت ما يحتف به من ظروف تسنده يحقق عكس مقاصده. لكن التشريع الالهي المتسم بالثبات هو الباقي و الظروف هي المتحولة. فالعمل ينبغي ان ينصب على اصلاح الواقع بالاسلام لان فساده ناشئ عن ابتعاد الواقع عن الدين لا العكس.

لقد اقترح المرحوم علال الفاسي و فريق من العلماء معه قوانين جيدة بعد الاستقلال مدونة الاسرة و التجارة و القانون الجنائي بما يتفق مع الاصول العامة للشريعة الاسلامية. فتم اعتماد مدونة الاسرة واهمال المدونات الاخرى . و الحق ان السير براسين تشريعيين ظنفصلين خلق حالة ظن التيه و الصراع التشريعي منذ الاستقلال الى اليوم.و نخن اليوم نعيش فصلا من فصول هذه المغالبة الحضارية التي تنتصرون اليوم لشق منها.

ان توحيد التشريعات بما يتوافق مع الشريعة هو المفيل بتجاوز العديد من النقا ئص التي تظهر عند التطبيق. لماذا لا نفكر في سن قوانين تلزم العاصب بالانفاق على اليتامى او بشكل ظن اشكال العناية و التواصل لقاء الاستفادة من الارث؟ او سن قوانين تلزم العاصب بمراعاة مصلخة البنات عند اقتسام التركة. كمراعاة حقهن في السكن اذا كانت التركة تتضمن السكن. و سن قوانين توجب الانفاق على العاصب حتى في حالة عظم وجود تركة تقتسم؟

اما اللجوء الى الالغاء فاعلان عن عجز العقل لا عن اجتهاده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *