مجتمع

تقرير الخارجية الأمريكية بعيون مغربية.. “متوازن” يطرب “هوى” الحقوقيين

كشف تقرير الخارجية الأمريكية حول “وضعية حقوق الإنسان برسم سنة 2017” عن الواقع الحقوقي بالمغرب سواء في جانبه المشرق أو في جانبه المظلم، ففي الوقت الذي أشاد فيه بجهود المغرب في مجال مناهضة التعذيب ومصادقته على القوانين ذات الصلة، كشف عن وجود “تقارير تتحدث عن انتهاكات من قبل قوات الأمن لم يتم فتح تحقيق فيها، مما ساهم في انتشار مفهوم الإفلات من العقاب، في ظل غياب آليات فعالة للتحقيق والمعاقبة على الفساد”.

وفي الوقت الذي نوه فيه التقرير بمصادقة المغرب على القوانين المتعلق بمحاربة الفساد، لفت فيه إلى أن الحكومة لا تنفذ بشكل عام القانون، موضحا أن “المسؤولين يمارسون ممارسات فاسدة دون عقاب، مع انتشار للفساد على نطاق واسع بين الشرطة”. وبعد حديثه عن الجهود التي تمارسها المملكة للحد من الاكتظاظ داخل السجون، سجل “عدم استيفائها في بعض الأحيان للمعايير الدولية”.

ورجع التقرير بعد إشادته بقوانين الصحافة والنشر، ليكشف “عن تعرض صحافيين للمضايقة والتشهير، عبر إطلاق شائعات تمس بسمعتهم وكذا حياتهم الشخصية، من قبل السلطات، إضافة إلى طرد بعض الصحافيين الأجانب، ومقاضاة أشخاص عبروا عن انتقادهم لبعض المواقف”.

ويلاحظ بالتالي أن التقرير حاول أن يتلمس طريقا بين ذكر المكتساب المتحققة على الأرض وبين رصد الخروقات التي تحول دون الانتقال إلى مصاف الدول المحترمة تمام لحقوق الإنسان، وقد أطرب التقرير الحقوقيين الذين تلقفوه ووصفوه بالمتزن الذي يكشف انفصام القوانين عن الأفعال المرتكبة.

لا أحد يكذب على المغرب

وفي تقييمه للتقرير، أكد الحقوقي عبد الإله بنعبد السلام منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان أن تقرير الخارجية الأمريكية حول “وضعية حقوق الإنسان بالمغرب” برسم سنة 2017، يتقاطع مع ما تقوله الهيئات الحقوقية المغربية فيما يتعلق باستمرار التعذيب، واستهداف حريات الصحافة والتعبير، وحق ممارسة التجمهر، وحق تأسيس الجمعيات، وخنق الحريات الفردية والجماعية.

وقال الفاعل الحقوقي في تصريح لجريدة “العمق” إن الدولة على الدوام تتعامل مع التقارير الدولية والوطنية بالقول إن المغرب مستهدف، وزاد “لا أحد يكذب على المغرب بل المغرب هو من يكذب على نفسه”، موضحا أن تقرير الخارجية الأمريكية انطلق من الواقع، مضيفا أن الجمعيات لا يمكن لها أن تكذب في ما يخص منع أنشطتها، وإعاقة حصولها على التصاريح القانونية، واستهداف حرية الصحافة وغير ذلك.

وطالب الناشط الحقوقي الدولة بمراجعة سياساتها، قائلا “يجب على الدولة أن تراجع سياساتها وأن تراجع التزاماتها التي تعهدت بها أمام المنتظم الدولي وذلك بإعمال الاتفاقيات وتطبيق المعاهدات، مؤكدا على استمرار التعذيب في المغرب وعلى وجود سياسة ممنهجة ضد الصحافيين والمحامين، مستشهدا بما وقع لبنشمسي، والجامعي، والمرابط، والمهداوي، علاوة على شروط اعتقال توفيق بوعشرين، ومتابعة المحامي البوشتاوي.

على المغرب إجراء نقد موضوعي

من جانبه، استغرب المحلل الاستراتيجي موساوي العجلاوي من طريقة تعامل المغرب مع صدور تقارير الخارجية الأمريكية حول “وضعية حقوق الإنسان بالمغرب”، ورأى أن المغرب يتفاعل وينفعل دائما كلما أصدرت الخارجية الأمريكية هذا التقرير، قائلا “سؤالي إلى أي حد يمكن أن نتأثر بالتقارير؟” موضحا أن المغرب أخذ مساره منذ1991 وعليه أن يعززه.

وقال العجلاوي الخبير السياسي، في تصريح لجريدة “العمق”، “يجب على المغرب قراءة واقعه وإجراء نقد وتقييم موضوعيين”، موضحا أن هناك أهدافا تحققت في مجال حقوق الإنسان، وزاد “ما أثارني في تقرير الخارجية الأمريكية هو اعترافه بممارسة الحريات والحقوق في الصحراء، وهو ما جاء ضد تقرير غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء.

وأوضح المحلل السياسي أن ما يثار في التقارير حول الحريات الجنسية غير مطروحة في المغرب وليست على رأس أولويات المغاربة ونخبتهم، مشيرا إلى وجود حقوق وحريات ذات أولوية من قبيل الحق في المعلومات والحقوق السياسية والاقتصادية وغيرها.

التقرير “متوازن” والتعذيب مستمر

من جهته، وصف عبد الإله الخضري رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، التقرير بـ”المتوازن”، قائلا “موقفنا في المركز هو أن هذا التقرير هو الأول من نوعه الذي أصدرته الخارجية الأمريكية ويوصف بـالمتوازن من حيث الحديث عن المكتسبات والخروقات، على اعتبار أنه أثار بعض مبادرات احترام حقوق منظومة حقوق الإنسان وتعاطي المغرب مع احتجاجات انفصالي الداخل مقابل تشديد التعاطي مع احتجاجات (الريف وجرادة وزاكورة وغيرها).

وأكد الفاعل الحقوقي في تصريح لجريدة “العمق” أن التقرير الخارجية الأمريكية لم يعتمد على معطيات سطحية، قائلا “قد لمسنا أنه لامس الواقع بعين المتتبع عن كثب لذلك يمكن وصمه بـ”طابع التوازنية”، وزاد “تقريرنا الذي نحن بصدد المصادقة عليه فيه نقط تلاقي مع تقرير الخارجية الأمريكية، مؤكدا على وقوع التعذيب في المغرب واستمرار ظاهرة الإفلات من العقاب، مستدلا بوجود حالات تعرضت للتعذيب.

وقال الخضري إن أهم ما جاء في التقرير أنه أكد على ما كنا نؤكد عليه من وجود الإفلات من العقاب المرتبط بسلوكيات بعض المشرفين على إنفاذ القانون سواء الأمن أو السجون، مطالبا بضرورة توسيع دائرة اختصاص المجلس الوطني لحقوق الإنسان حتى يكون لتقاريره طابع التنفيذ الإجباري، مشيرا إلى أن جل تقارير المجلس التي تقرر بالتعذيب لم يتم الاعتراف بها، موضحا أن التقرير أشاد بعمل المجلس الوطني ومجالسه الجهوية خصوصا مجلس السمارة في قضية التحقيق في تعذيب مجموعة من أشخاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *