مجتمع

“ظاهرة الاستعطاف” .. هل تساهم القوانين في الهدر المدرسي ؟

مع بداية كل موسم دراسي، يجد آباء وأولياء أمور بعض التلاميذ أنفسهم في حاجة لتقديم طلبات استعطاف، والوقوف ساعات طوال أمام المؤسسات التعليمية، بحثا عن حلول لتمكين أبنائهم من متابعة الدراسة، بعد قرار الفصل الذي تتخذه المجالس المعنية بالمؤسسات لعدة أسباب، أهمها تجاوز عدد سنوات التكرار المسموح بها داخل كل سلك تعليمي.

ولا تخلو هذه العملية من انتقادات واسعة توجه لمتخذي قرار الطرد في حق متعلمين ومتعلمات، واتهامهم بالمساهمة في تفاقم ظاهرة الهدر المدرسي، والتي كانت موضوع عدة مذكرات رسمية تدعوا إلى محاربتها بكافة الطرق، في حين يرد رؤساء المؤسسات والمتدخلين المباشرين في اتخاذ قرارات الفصل، بكون عملية إرجاع المتعلمين المفصولين تخضع لعدة معايير، أهمها مراعاة البنية التربوية للمؤسسة وطاقتها الاستيعابية.

الهدر المدرسي

محمد أبحير، أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ببني ملال، اعتبر في تصريح لجريدة “العمق”، أن الاستعطاف آلية من الآليات التربوية التي تمكن المتعلم من الحصول على فرصة ثانية من أجل متابعة الدراسة من جديد، لهذا فإن إحاطة هذا الإجراء بمجموعة من الضوابط القانونية له ما يبرره لعدة أسباب منها مايتعلق بأصحاب السلوك السيء مثلا، حسب قوله.

وأوضح أبحير أن “رفض طلبات المعنيين بالأمر يعني ضمنيا تنامي ظاهرة الهدر المدرسي، بل الأدهى من ذلك تناسي التأثيرات النفسية والاجتماعية لعدم قبول طلباتهم”، داعيا إلى تشكيل لجن مختصة في المصاحبة النفسية والاجتماعية من أجل تتبع مثل هذه الحالات حتى لا تقع في المحظور.

وأشار المتحدث في تصريحه للجريدة، إلى إن موضوع طلبات الاستعطاف بالمؤسسات التعليمية “يسائلنا جميعا عن وظائف المدرسة، إذ يتبين بكل جلاء افتقار المدرسة المغربية للبعدين الاجتماعي والنفسي”، وفق تعبيره.

قرارت مجحفة

من جانبه، اعتبر الناشط الحقوقي عبد الصمد محضار، أن “التعليم حق من حقوق الانسان، والمدخل الأساس والضروري لضمان باقي الحقوق وإعمالها، وأيضا وسيلة لمحاربة الفقر والتهميش والتطرف وبناء دولة قائمة على قيم حقوق الانسان المتعارف عليها، كما يعد التعليم الجيد القائم على الحقوق مساهما في تملك المعارف والعلوم للأفراد والمجتمعات من أجل المساهمة الفاعلة في التنمية الشاملة”.

ولفت المتحدث إلى أن التزامات المغرب الدولية من خلال توقيعه على العديد من المواثيق التي تحفظ وتصون الحق في التعليم، خصوصا المادة 13 و14 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان التي تحث على إلزامية ومجانية الحق في التعليم، تفرض على الجهات المعنية إعادة النظر في موضوع فصل المتعلمين والمتعلمات من المؤسسات التعليمية.

وانطلاقا مما سبق، يضيف محضار في حديث لـ”العمق”، فإن بعض القرارات الصادرة عن بعض المؤسسات التعليمية تعتبر مجحفة في حق طالبي العودة إلى مقاعد الدراسة، والتي تأتي عكس ما كان ينتظره التلاميذ والآباء، حيث ترفض قبول التلميذ مما يجعل المؤسسة تساهم في تنامي ظاهرة الهدر المدرسي التي استنزفت محاربتها أموالا طائلة من خزينة الدولة، وفق تعبيره.

حرمان المتعلمين

بدوره، عبر نور الدين السبع، رئيس جمعية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالثانوية التأهيلية بدمنات، عن عدم رضاه من “حرمان المتعلمين من فرصة استثنائية لمتابعة دراستهم، خصوصا أولئك الذين يشهد لهم الجميع بحسن السلوك”، منبها إلى أن الحرمان من الدراسة يمكن أن يولد مجموعة من المنحرفين سيكون من الصعب احتواءهم في المستقبل.

وأوضح السبع، أن “طلبات الاستعطاف مناسبة جيدة وفرصة نادرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ليستمر المتعلمون في متابعة دراستهم، ومن غير المنطقي أن نحرم التلاميذ الذين لهم رغبة قوية تدفعهم لاستئناف الدراسة بنفسية طموحة وحب جديد، من حقهم في التعليم”، وفق ما أورده المتحدث.

وأشار في تصريح لـ”العمق”، أن بعض المؤسسات التعليمية تقرر إعادة بعض المفصولين شريطة تغيير المؤسسة، وهو قرار بالطرد بشكل آخر، حيث يصعب إيجاد مؤسسة أخرى تقبل بتلميذ مطرود لسبب من الأسباب، وباستحالة إيجاد ثانوية أخرى بنفس المنطقة، خاصة في المناطق القروية التي يصعب إيجاد مؤسسة واحدة فكيف بمؤسسة ثانية وثالثة، على حد تعبيره.

بين المطرقة والسندان

وفي هذا السياق، صرح مدير مؤسسة تعليمية بدمنات، أن الإدارة ومعها المجالس التي تتخذ قرارات الفصل تجد نفسها بين مطرقة الاستعطافات الكثيرة وسندان المعايير التي وضعت لقبول المتقدمين بهذه الطلبات، وأهمها الطاقة الاستيعابية للمؤسسة.

واعتبر المسؤول التربوي في حديث لجريدة “العمق”، أنه من المستحيل إضافة متعلمين آخرين إلى أقسام فاق عدد التلاميذ بها 40 تلميذا، حسب قوله.

وأشار إلى أن الإدارة تعمل وفق الإمكانات المتاحة من عدد الأساتذة والحجرات الدراسية لقبول طلبات الاستعطاف، عن طريق تشكيل لجنة خاصة بالموضوع، واعتماد مجموعة من المعايير تتمثل في ما هو مدرسي وتربوي واجتماعي وصحي، مع مراعاة البنية التربوية للمؤسسة وطاقتها الاستيعابية بكل مستوى تعليمي.

اترك رداً على غير معروف إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 6 سنوات

    بالله عليكم من ثبت أنه استنفذ السنوات المخصصة لتمدرس سليم، نستثني الذي كانت له ظروف يجب الوقوف عندها أو له رغبة أكيد.،، ة يثبتها أساتذته بتعاون مع الإدارة التربوية، ثم أتى إلی المؤسسة التي ثبت أنه كثير الغياب والشوشرةويفوت علی أصدقائه فرص التحصيل السليم...أخجل أن يقول أناس التربية والتعليم أن هذا هدر مدرسي بل إعادته يجب تسميتها تقويض وبلقنة مدرسية. سيقول أصحاب تعبير:الهدر المدرسي؛ لدينا أمثلة لتلاميذ مرجعين حققوا نجاحا في البكالوريا. طيب بغض النظر علی كيفية نجاح هذا المثال، اعطوني نسبتهم؟ وماذا فعل بهذه الشهادة. اعرف تلاميذ ارجعوا فقط في الجذع المشترك مرتين. هل ترون أيها المربون أن المدرسة يجب ان تستوعب هؤلاء مهما كان الثمن. إرجاع تلميذين أو ثلاثة في قسم واحد يمكن ان يكون سببا في تطبيث همم نصف قسـم"حوتة كتخنز شواري"اتقو الله أيها المربون الاكادميون في مدرستكم العمومية منها تخرجتم ومنها تخرجت نخب كثيرة. أما أن تعبرو بنفس تعبير من افسدوا المدرسة العمومية، محاباة لهم أو لحاجات في نفوسكم، بالهدر المدرسي والحق في التعليم فليس لكم إلا ما غنمتموه في تقربكم الرخيص والتربية بريئة منكم