وجهة نظر

مقارنة مبسطة بين مهنة العدل و مهنة “النوتيرnotaire “

بداية أحرص على التسمية الأصلية “النوتير” لأنها أصل المهنة لفظا واصطلاحا وتخصصا كما سيتبين لاحقا من خلال السياق التاريخي والظهير المنظم للمهنة من 1925 ولثمان عقود خلت، والمستوحى من قانون فرنسي.
وعليه فعبارة “موثق” بالنسبة لمهنة ” النوتير” مقحمة إقحاما تعسفيا في نسيج لغوي وهوية دلالية مغايرة، ومنزوعة من جذورها وأصولها. ثم أصبح فرع يتطاول على أصل.
من تطاول على من؟؟ومن انتحل صفة من؟؟ إذا نظرنا إلى السياق التاريخي، فإن مهنة العدول سابقة الوجود العملي والقانوني عن مهنة “النوتير”.وإذا رجعنا إلى دلالات “وثق يوثق موثقا ” فإننا سنقف من خلال معاجم اللغة العربية على وفرة المعاني، منها: ثَبتَ وقَوى وأَحْكَم. وعليه فالعدل في اختصاصه الذي ينظمه قانون 16.03 أكثر تجسيدا لفعل “وثق”، وأنه المستحق بجدارة لتسمية موثق.
فالإشهاد كحجة إثباتية على مضامين العقود والرسوم، يضاف إلى باقي البيانات الشكلية وخطاب السيد القاضي والإعلام بأدائها ومراقبتها، مما يزيد الوثيقة تثبيتا وإحكاما ويقوي حجيتها، ويجزم بقطعية ورودها عن المتعاقدين.
أما إذا انطلقنا من السياق التاريخي والإطار المرجعي،أو قل الهوية المعرفية فإن مهنة notariat استحدثت (بموجب ظهير ماي 1925 المستوحى من نظام التوثيق الفرنسي ل 16 مارس 1803أو ما يعرف بقانون 25 فانتوز وعمر هذا الظهير ثمانية عقود).مقال: مؤسسة التوثيق العصري في القانون المغربي / جابرالناصري موقع MarocDroit
وإذا بحثنافي قواميس الفرنسية مادامت رحما للمهنة نجد تعريفا:
le notaire reçoit ou rédige les actes et confère l’authenticité;
وبالمادة 35 من القانون 32.09 المنظم للمهنة والمنفذ بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.179 (22نوفمبر2011)” يتلقى الموثق ـ ما لم ينص قانون بخلاف ذلك ـ العقود التي يفترض القانون إعطائها الصبغة الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة العمومية أو التي يرغب الأطراف في إضفاء هذا الطابع عليها ويقوم بإثبات تاريخها …”
ومن خلال التعريف والمادة القانونية، فإن “النوتاريةnotariat ” تنتج محررات رسمية ثابتة التاريخ، أو يمكن القول:كتابة عمومية مقننة ومنظمة، ولا ترقى إلى قوة وحجية التوثيق العدلي.وأن تسمية مهنة “النوتير” ب”التوثيق العصري ” غير موفقة، فقد أطلق اللفظ في القانون دون محتواه، وصفة العصرنة، أَفْقًدَتْهُ إياها المدة التي رزح فيها تحت قانون 25فانتوز(1925 +8عقود.إلى حدود2011، ولا زال قانونها الحالي يحمل موروثات في خلاياه الجدعية …)
وعليه يتبين أن حجة حالة التنافي وإشهار الفصل 381 من القانون الجنائي ضد العدول، إشهار لسلاح النص القانوني في غير موضعه، كما أن القول بأن لا يحق للعدل المطالبة بتلقي الودائع، مجانب للصواب. والغرابة أن يحرم العدل من تلقيها طيلة هذه المدة؟؟
وإذا كان تماثل إرادتي المتعاقدين هي المحدد لمنطوق التعاقد المضفي لنوع الصبغة الرسمية على الوثيقة، فكذلك تلقي الودائع، بل إن تلقي الودائع إجراء تكميلي، وتمكين “النوتير” منه يندرج في إطار إجراء تدبيري خاص لا يقيد العموم، كما نظمته المادة 33 من القانون 32.09 والنص التنظيمي المحدث بموجبها المحدد لكيفية تسيير الحساب بصندوق الإيداع والتدبير.
وختاما :
أتمنى أن يجمع شتات التوثيق، بتوحيده وجعله اختصاصا مفردا لجهة مهنية واحدة، لرفع تضارب الحجية للأدلة الاثباتية، ورفع منسوب الجودة وسرعة الإنجاز بدل أن يقسم دمه بين القبائل.
لقد كتبت هذه “االمقالة ” ليس من عباءة عدل ولا صاحب له بالجنب، لكن مساهمة في التنوير وإبداء وجهة النظر.

(*) رئيس سابق للرابطة الوطنية للنساخ القضائيين بالمغرب وعضو سابق بالهيئة الوطنية لإصلاح منظومة العدالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد افيلال
    منذ 3 سنوات

    مقال موفق ينير الرأي العام ويوضح حقيقة السادة العدول اللذين يعتبرون أصل التوثيق المغربي اما النوتير فقد أتى به المستعمر الفرنسي بعد رفض السادة العدول تفوييت عقارات المغاربة لفالدة المستعمر الفرنسي