وجهة نظر

فوائد فيروس “كورونا” لعلكم تذكرون

رغم آلامه ومتاعبه ومصاعبه، أفادنا فيروس “كورونا كوفيد 19″ كثيرا، وأماط اللثام عن خبايا وخفايا، فصحح مسارا وحسم خلافا وأعاد هيكلة وأخرج قدرات ومواهب، وأعاد الروح المفتقدة وبعث أمل القيام والنهوض من جديد.

الفيروس الذي اختار (أو ربما اختير له) ووهان الصينة لإعلان نشأته وولادته، والإبانة عن قدراته وإمكاناته، بقدر ما كان وصوله إلينا نذير شؤم، كان حامل فأل وفوائد، أجملها شكلا إعادة هيكلته لـ”طوندونس” المغربي، وقلب سلم أولويات اختياراتنا “اليوتوبية”، فحيينا حتى رأينا الجد يعلو فوق التفاهة، والخبر يسبق “روتيني اليومي”، وعشنا حملات تبليغ ضد حسابات “اللامعنى” وقنوات “الأمية”.

ومن أجل فوائد الفيروس المجهول الهوية انتصاره لمعركة الهوية، وإثباته أن السلامة في اعتماد اللغات الوطنية، وربما تكون المرة الأولى التي تنحصر فيها الفرنسية أمام الاعتماد شبه الكلي على اللغة العربية، مع تسجيل شيء التقصير في التواصل بالأمازيغية رغم كونها لغة تواصل مع شريحة هامة من المغاربة ورغم وجود فئة في مناطق معزولة فقد لاتفهم سوى الأمازيغية وهي فئة حاجتتا إلى المعلومة الصحية كبيرة خصوصا في هذه الظرفية العصيبة.

الأكثر من ذلك، استطاع الفيروس السريع الانتشار إعادة تشكيل جسور التواصل بين المؤسسات الرسمية وبين عموم الشعب، وتسبب في إصدار البلاغ تلو البلاغ، وخلق حالة ترقب لدى المغاربة لكل جديد ستعلنه من الحكومة، كما حفز بعض القطاعات في إنشاء منصات تواصلية جديدة وإن كانت غير جميلة المظهر، وأعلى من شأن المعلومة الصحيحة في زمن الإشاعة و”جيب يا فم وقول”، كما أنه استطاع توحيد الأمة وإجماع كلمتها على الدعوة إل لزوم البيوت وغسل اليدين ودرء العناق القبل.

اللعين الملعون سبب الوباء فالجائحة، أخرج في ليلة وضحاها منصات تعليمية إلكترونية، وكون طاقما قادرا على مواكبتها وتقديم الدروس من خلالها، وحقق لنا حلم “التدريس عن بعد” الذي بشر به وزراء سابقون اعتبروا أنه الحل الأنجع للقضاء على الاكتظاظ وهدر الزمن الدراسي، فكسبنا تحدي سنوات طويلة في يومين اثنين.

“كورونا” بقدرتها الرهيبة استطاعت في ظرف وجيز أن “تفلتر” رواد مواقع التواصل الاجتماعي ممن يطلق عليهم وصف “المؤثرين” وميزت بين الغث عن السمين، وفرقت الصالح عن الطالح، بل وجعلت لصاحب المضمون والقدرة على التأطير والتأثير منفذا للظهور في الإعلام العمومي وموطئ قدم في المشهد السمعي البصري.

ال”كوفيد” المفيد، كان وسيلة خير للمغاربة ليعيدوا تقييم اختياراتهم الفنية، ويمحصوا طينة قدواتهم الفنية، من المساهم مع الوطن؟ من المضحي بماله لأجل البلد؟ من القادر على إنتاج وإبداع ما يناسب اللحظة؟ من اختار البهرجة والهرج دون ما إبداع ودون ما تضحية ولا إنفاق؟!

ختاما، صالح الفيروس لا أبقاه الله ولا أطال عمره فينا، بين المؤسسات والمواطنين، وأظهر الحاجة الماسة للتواصل الدائم والمباشر، كما كشف عيوبا في سياساتنا التواصلية، وربما حفز على تصحيحها وعلى الحفاظ على كل المكتسبات والأخذ بالدروس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *