رمضانيات

“صحافة الأمس” (6): “سموم الصهيونية”.. جريدة تهاجم يهود المغرب بسبب الهجرة إلى أرض فلسطين

“صحافة الأمس”.. إطلالة قصيرة خلال أيام رمضان على مغرب الأمس بعيون صحافيين كانوا يرزحون تحت رقابة الاستعمار الفرنسي أو تحت رقابة المخزن، ويشتغلون بوسائل بسيطة. ونفض للغبار في كل مرة على خبر من مجلة أو جريدة صدرت قبل عقود من الزمن.

حظي تهجير اليهود المغاربة نحو أرض فلسطين من قبل المنظمات الصهيونية، عام 1947، بزخم كبير، وذلك بفعل تأثير تنامي العاطفة القومية اليهودية بسبب إبادة النظام النازي ليهود أوروبا في محرقة الهولوكوست من جهة، والدافع العاطفي بقرب إعلان قيام “دولة إسرائيل” من جهة أخرى.

في يناير من عام 1945 قدمت منظمة “HIAS” ليهود المغرب عدد من تصاريح الهجرة، وعن طريقها تمكن عشرة من الشباب اليهودي المغربي من الهجرة إلى فلسطين في شتنبر 1945، “وعند وصولهم لفلسطين انضموا للتأهيل المهني والاجتماعي”، حسب ما ورد في كتاب يهود المغرب.. تاريخهم وعلاقتهم بالحركة الصهيونية” لأحمد الشحات هيكل.

ويضيف الكتاب ذاته أن جهود إعادة هيكلة الفرع الصهيوني بالمغرب بدأ “عبر محاولة تنظيم مؤتمر بالدار البيضاء في 18 مايو 1945 إلا أن ادارة الحماية الفرنسية رفضت، ثم تكررت المحاولة في 1946 وتمت الموافقة ونظم مؤتمر بالبيضاء في يونيو 1946 وحضره 50 وفدا من مجموع فروع المغرب”.

“حرص الاتحاد الصهيوني في المغرب على افتتاح فصول لتدريس اللغة العبرية (…) ولم يتلق التلاميذ دروسا في اللغة العبرية فحسب وإنما تلقوا أيضا محاضرات عن تاريخ الاستيطان والفكرة الصهيونية”، يضيف المصدر ذاته.

الحركة الصهيونية

في هذا السياق هاجمت جريدة “الشباب المغربي” في عددها الأول الصادر في يونيو عام 1947 اليهود، قائلة “نعم إننا لا نجهل أن أغلب يهود المغرب يناصرون هذه الحركة الجهنمية (الصهيونية) مناصرة فعالة فهم لهذه الغاية يبذلون كل غال ورخيص ويجودون بكل ما يملكون لتحقيق ذلك الحلم فتراهم يتسابقون إلى إقامة الحفلات وتنظيم الاجتماعات حيث لا يضنون بهذه المناسبات بكثير اكتتابهم وإعاناتهم تلك الاكتتابات المتجمعة ترسل فورا غلى يهود فلسطين”.

وتابعت الجريدة أن في المغرب “عصابات” تعمل لصالح الحركة الصهيونية “جهارا وتجمع المال وتلهب الصدور ضد العرب، وليس لليهودي بالمغرب عاطفة على هذه البلاد التي آوته وعززته وحمته وهم في الحقيقة يقاوموننا سرا بتحويل الثروة المغربية إلى جيوبهم دون أن نشعر بهذا الخطر الذي يهدد كيان وطننا المغربي”.

وفي هذا السياق يشير كتاب ” كتاب يهود المغرب.. تاريخهم وعلاقتهم بالحركة الصهيونية” بالقول، إن ” توجهات الحركة الصهيونية نحو يهود المغرب اختلفت عن توجهاتها نحو يهود شرق أوروبا، فالهدف الرئيس للحركة الصهيونية من انخراط يهود المغرب في النشاط الصهيوني يتمثل في الحصول على المساهمات المالية لدعم نشاط الحركة الصهيونية في أوروبا من جانب والحصول على التأييد المعنوي والمشاركة في المؤتمرات الصهيونية حتى ولو بصورة مهمشة من جانب آخر، وذلك لإضفاء الصبغة الشرعية على الحركة الصهيونية وأنها جاءت لتحقيق الخلاص لكل صهود العالم”.

ودعت “الشباب المغربي” إلى مقاطعة اليهود المغاربة قائلة “إلى متى نظل غافلين ولا نسارع إيقاف كل عدوان وتلافي اعتداءاتهم المتعددة المتلاحقة ألسنا أحق بمقاطعة اليهود وكل ما يصل إلى يدنا من بضائعهم تضامنا مع إخواننا العرب وتأييدا لمقررات جامعة الدول العربية ما دام هؤلاء يعملون للصهيونية ولحساباتها”.

واسترسل كاتب المقال “ولا نغالي في القول إذا قلنا إن ذلك الفقر المعدم أو ذلك التاجر البسيط لا يتأخر أبدا بوضع نصيبه في الصندوق المخصص لهذه الغاية. وكثيرا منهم يدعون أن ربع تلك المبالغ يخصص للمعوزين والحقيقة التي لا مراء فيها أن ثلثي تلك المبالغ تخصص وترسل إلى يهود فلسطين والثلث الباقي يوضع في صنادق جمعياتهم وهيآتهم الخيرية”.

وتساءل المصدر ذاته “وإلى متى نظل واقفين موقفا سلبيا جامدا بوجه هذا الخطر؟” وأضاف “تحاك المؤامرات السرية ضد وطن وهو وطننا وبلاد عربية وهي بلادا وفيها مقدساتنا وإخواننا”.

“تقابل الرضى بالجحود”

وقالت الجريدة إن اليهود قابلوا العطف والكرم المغربي الجحود، “وما زال المغرب والمغاربة أوفياء لهم يحامون عنهم ويصونون حقوقهم ويشدون أزر هذه الأقلية كلما ألمت بهم نائبة الزمان وطغى عليهم الجسور والطغيان. والظاهر أن هذه الشفقة أو هذا الحدب غير غير موضوع في محله فلم نجن من وراء كل هذا نفعا ولا عاد على المغاربة على الأقل بشيء من الاعتراف بالجميل وماهم مطوقون به من حسن الصنيع بل راينا من هذه الطائفة اليهودية كل تمرد وعصيان ومكر وعقوق”.

وتابع المصدر ذاته “هذه الجالية تقابل هذا الرضى وهذا الود بالجحود والنكران وتعرض عن كل المساعي وتتملص من كل هذه المحاولات النبيلة المقصد بكل ما يثر عن اليهود من خداع ومراوغة ولؤم وربا.

وانتقدت الجريدة ما وصفته باحتكار اليهود للتجارة، قائلة “ما من حركة اقتصادية في البلاد إلا وتجدها محتكرة من اليهود ضاربين الخناق على التجار المغاربة مستندين على تعضيدهم ومناصرتهم لها. وبالرغم من هذا الاحتكار والمنافسة التي يدركها المغاربة ولا شك، تجد المغربي واأسفاه ما فتئ يقبل على بضاعتهم ولا يعرض عنها”.

وواصلت “الشباب المغربي” دعوتها للمغاربة لمقاطعة التجارة والأنشطة اليهودية، “من المؤسف جدا انه لا نرى بعض المغاربة يقصدون الخياطين اليهود وصاحب الخلي والسبائك والمجوهرات والحلاق والإسكافي ومن أكبر صائغ إلى أوضعه مهنة تجد جل زبائنه مغاربة”.

“لذلك فهؤلاء اليهود يكاد يكونون بعيدين عن المغربية والمغاربة لخلوهم من الإنصاف بمميزات قومية كالاعتزاز بالوطن المغربي ولغة البلاد الرسمية وابتعادهم عن كل ما يمث إلى المغاربة بصلة ما”، تضيف الجريدة.

وتخاطب الجريدة القارئ المغربي آنذاك، “إزاء هذا النفور يتحتم علينا أن نهملهم ولا نعود نعتمد على أي معاونة وتضامن، فالانكماش عنهم وعدم الاحتكاك بم ومقاطعتهم أفيد لنا وآمن. أجل، إن المغربي كيرا ما تنازل عن حقه (…) ولكن أنى لليهودي هذا الوعي القومي وهذا الشعور الوطني حتى يدرك مغزاه”.

وواصلت “الشباب المغربي” رسمها لصورة اليهودي المغربي “من المعلوم أن اليهود في العالم أجمع (يستعملون” في جمع المال بكل وسائل الاحتيال والأهواء. فاليهودي عادم الشخصية لا يعرف إلا الثروة فهو بحق بارع ماهر في حلبة هذا المضمار فالمال هو وطنه وكرامته. وهو جبان بطبيعته فلم نسمع قط عن اليهود أنهم حاربوا في ساحة فهم أعجز وأشل من حمل عصا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *