رمضانيات

“صحافة الأمس”: محاكمة مراكش الكبرى.. متابعة العشرات تزامنا مع “انقلاب الصخيرات”

“صحافة الأمس”.. إطلالة قصيرة خلال أيام رمضان على مغرب الأمس بعيون صحافيين كانوا يرزحون تحت رقابة الاستعمار الفرنسي والإسباني أو تحت رقابة المخزن، ويشتغلون بوسائل بسيطة. ونفض للغبار في كل مرة عن خبر من مجلة أو جريدة صدرت قبل عقود من الزمن.

توبع العشرات من أعضاء حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عام 1971 بمحكمة الجنايات بمراكش، بتهم “بالمس بأمن الدولة الداخلي” و”محاولة قلب النظام”، فجاءت الأحكام قاسية في حق 193 شخصا، وذلك بفعل حدوث محاولة انقلاب الصخيرات في يوليوز 1971 أثناء المحاكمة.

بالرجوع إلى مجلة “أنفاس” التي كان يديرها عبد اللطيف اللعبي، نجدها تعرضت في العددين الثالث والرابع (عدد مشترك) الصادر في غشت 1971، لوقائع المحاكمة وانتقدت نظام الحسن الثاني، مفسرة لجوءه للمحاكمة بوقوفه “موقف دفاع” من نضالات الطبقة الكادحة، منتقدة ظروف الاعتقال والمحاكمة.

المحاكمة التي جرت أطوارها بمحكمة مراكش، جاءت بعد سنوات زاخرة بأحداث سياسية كبرى، احتدم فيها الصراع بين نظام الملك الراحل الحسن الثاني، والمعارضة، المتمثلة أساسا في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبي.

ففي سنة 1962 تم التصويت على الدستور الذي جاء به الحسن الثاني وعارضه الاتحاد الوطني، بعد ذلك بسنة واحدة أي في 1963 نظم المغرب أول استحقاقات تشريعية، عام 1964 قدمت المعارضة ملتمس رقابة لإسقاط حكومة أحمد أبا حنيني، قبل أن تتفجر الأحداث في مارس 1965 في مظاهرات الدار البيضاء التي تصدى لها الجيش ما تسبب في سقوط قتلى واعتقال العديد من المتظاهرين، بعدها بأشهر يلجأ الحسن الثاني لحل البرلمان وإعلان حالة الاستثناء التي دامت خمس سنوات.

كانت المحاكمة هي الحدث البارز في عام 1971، إذ آزر المتهمين 52 محاميا من هيئات الرباط والدار البيضاء ومراكش، وبين هؤلاء المحامين كل من عبد الرحيم بوعبيد ومحمد بوستة، والنقيب عبد الرحمان بنعمرو، وعبد الرحيم بن بركة الذي وثق أطوار المحاكمة في كتاب أصدره عام 2014 بعنوان “محاكمة مراكش الكبرى”.

وكشفت “أنفاس”، أنه “ألقي القبض على أغلب المتهمين قبل أزيد من سنة، وخلال هذه المدة الطويلة، فقد الاتصال تماما بينهم وبين عائلاتهم. ولعل السبب الرئيسي في ذلك، كما تبين من تدخلات المتهمين الذين توالو إلى حد الآن في قفص الاتهام. أنهم كانوا يتناولون من التعذيب أضرابه الأبشع على يد جلادي الشرطة”.

وربطت المجلة بين المحاكمة وبين الاستعمار الإسباني قائلة إن “إلقاء القبض على بعض الماثلين حاليا أمام محكمة مراكش قد تم بواسطة سلطات أجنبية، ألا وهي السلطات الاسبانية”.

وتابعت “إنها عملية للاستعمار فيها يد، وإذا قدمت السلطات الإسبانية على تسليم بونعيلات وأصحابه للبوليس المغربي رغم انعدام اتفاقية بين البلدين في شأن تسليم المتهمين فإن ما يفسر خدمة كهذه مو استعداد السلطات المغربية لتأدية خدمات مقابلة لإسبانيا”.

المحاكمة انتهت بإصدار 11 حكما بالإعدام، و400 سنة سجنا نافذا على المتهمين، كما أن الأحكام تفاقمت بفعل تزامن المحاكمة مع محاولة انقلاب 1971، وهو ما أكده النقيب عبد الرحمان بنعمرو، في كلمة خلال تقديم كتاب “محاكمة مراكش الكبرى” عام 2014.

وقال بنعمرو إن المحاكمة توقفت إثر وقوع محاولة انقلاب الصخيرات في يوليوز 1971، موضحا أنه كان لمحاولة الانقلاب أثر على نتائج الأحكام، كما أن المعتقلين بسجن بولمهارز بمراكش كادوا يتعرضون لعملية تصفية بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *