أدب وفنون، رمضانيات

كتاب “نظام التفاهة”: صنع في الصين.. منتجات غزت العالم بأسعار بخسة والمتورطون كثر (19)

في عمق الأزمة الإنسانية التي نكابدها، تشتد الحاجة إلى أنيس يسافر بنا بعيدا، لمعرفة كيف يمضي العالم اليوم، وكيف تمتزج السياسة بالاقتصاد والإعلام، لتولد مضامين، تعمل على تشكيل وتسيير كافة جوانب عيشنا المجتمعي. لهذا اختارت جريدة “العمق” قراءة في كتاب “نظام التفاهة”، عبر حلقات يومية طيلة الشهر الفضيل، تلخص المضمون، وتحافظ على عمق المعنى. 

قراءة ممتعة…

الحلقة التاسعة عشر: 

قال  آلان دونو صاحب كتاب “نظام التفاهة” وأستاذ الفلسفة والعلوم السياسية بجامة كيبيك في كندا، إن الأقلية في شمال أمريكا قامت بِحَثِّ الصين على تحويل مشهدها الصناعي إلى منطقة حرة واسعة، حتى يتم إنتاج السلع الاستهلاكية للعالم بأسعار مخفضة، والآن تريد خلق منطقة تجارية تفضيلية، أي منطقة خاصة في الدولة، تُعفى فيها الشركات من الامتثال لقوانين الضريبة، والعمل، والمعايير البيئية، والنظم الجمركية وسواها من قوانين ذات علاقة بأطر العمل التجارية أو المالية، وذلك من أجل إرضاء توقعات شركات الأعمال الصينيين.

وأضاف، بأن شركة min ying holding وهي الشركة الصينية الرائدة في مجالات البنوك والكهرباء والتأمين والعقار وذات الأصول التي تساوي قيمتها بليون دولار، سوف تقوم بتطوير مركز تجارة دولية، في أمريكا الشمالية لدعم وصول الأعداد الضخمة من رواد الأعمال الصينيين، لأجل التقليص من أعداد الوسطاء المحليين بين “المصانع الآسيوية الاستغلالية، والمستهلكين الغربيين، والنزول بهذه الأعداد إلى الحد الأدنى”.

وأوضح صاحب “نظام التفاهة”، في السياق ذاته، بأنه في كيبيك، تعمل شركة min ying holding مشاركة مع شركة صينية متمركزة في منطقة ميرابيل، وهي منطقة تجارية حرة سلفا، أنشأتها حكومة كيبيك بهدف دعم اقتصاد متطور، مشيرا “إلا أن الأمر في حقيقته يتعلق بمبادرة ذات هيكل قديم قائم من الإعفاء الضريبي للشركات التي تستقر هناك، لا سيما المتخصصة في مجال الملاحة الجوية”.

وأكد، أنه في منطقة ميرابيل التجارية الدولية، يتم الإعفاء من ضريبة الدخل، وإلغاء ضريبة رأس المال، ولا يُطلب المساهمة في صندوق الخدمات الصحية المناطقية، فضلا على منح العديد من المزايا الضريبية الأخرى والدعم المالي.

وأعرب ألان، عن سخافة المشروع اقتصاديا، حتى وفق شروط الاديولوجيا للسوق الحرة، قائلا “لقد حقق الصناعيون شمال الأمريكيون المشروع المجنون سياسيا، المتمثل في تدمير البنية الأساسية التصنيعية للقارة، وذلك حتى يعيدوا توطينه في الصين بالدرجة الأولى، تاركين لشعوبهم وظائف في مجال الخدمات فقط، والآن، فإن هذا المركز التجاري الضخم سوف يذهب حتى بهذه الفئة الأخيرة من الوظائف”.

وزاد آلان، بأن ناشط كيبيك السياسي الذي دعم المشروع في بداياته، وضح في صحيفة journal de montréal الصادرة في 27 نوفمبر 2013، أنه بفضل هذا المركز التجاري، فإن “ألف شركة صينية سوف توطن مراكزها في كيبيك، مُقصية الوسطاء بذلك، مما يعني تجار كيبيك ومورديها، وسوف يتم التصنيع كاملا في الصين، أما التوزيع سيقومون به مواطنون صينيون من نقطة البداية وحتى أمريكا الشمالية، وأن لهذا المشروع أثر فوري على الأسعار التي سيفرضها المنافسون المحليون على بضائعهم”.

وأشار المتحدث نفسه، إلى مركز مماثل في شنغهاي، كنموذج للمشروع باعتباره جنة للمستهلكين، “يتضمن أكثر من 62 ألف كًشك تقدم أكثر من 400 ألف منتج، تُؤثر أسعارها المخفضة على أسعار البيع في السوق، أي أنه ليس فقط أن التجار المحليين لن يعودوا هم الموزعين الحصريين للمنتجات، بل إن من يحاولون تحدي هذه المنافسة سوف يكون عليهم أن يعانوا آثار هذا الإغراق dumping، وقد يضطرون مثلا لبيع أداة للمطبخ مصنعة من قبل أطفال في الصين، بقيمة 50 سنتا بدلا من دولار، إذا كان هذا هو السعر الذي يُحدده التجار الجدد.

الجميع متورط !

وأكد آلان، أن الناشط السياسي الذي دافع عن المشروع، أصلا في مدينة كيبيك، وهو عضو البرلمان السابق، الذي قام بنقل مهامه حول الموضوع للوزير الكندي الليبرالي السابق مارتن كوشون، حيث يدير الأخير هذا الملف رسميا الآن، مشيرا “ويبدو أن رئيس الوزراء الكندي السابق جان كريتيان متورط أيضا، بعبارة أخرى، في هذه المسألة ثلاثة من المسؤولين المنتخبين السابقين الذين ربما يكونوا قد باعوا المعلومات التي حصلوا عليها أثناء ممارستهم لمهامهم السياسية إلى أطراف خاصة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *