وجهة نظر

هل يحق لجطو أن يشتكي؟

تكاثرت مكونات البنيات الرقابية بالمغرب خلال العقود الأربعة الأخيرة، تأسست المفتشية العامة للإدارة الترابية وتحولت اللجنة الوطنية للحسابات إلى مجلس أعلى بفروع جهوية وتأسست المفتشيات الوزارية وتراجع الوقع الرقابي للمفتشية العامة للمالية التي أسست في عهد حكومة عبد الله إبراهيم.

لماذا اشتكى إدريس جطو الريس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أمام لجنة برلمانية لا تمتلك الأدوات ولا الموارد لكي تلعب دورها بالجدية المطلوبة؟ الحقيقة أن كل مؤسسات الرقابة تظل سجينة آليات رقابية كالافتحاص وما يسمى بتقييم السياسات العمومية وهي في الغالب تقف عند ملاحظات شكلية يصعب على قاضي الجنايات أن يكيفها كأفعال ذات طابع جرمي.

وللإخبار فقط يجب التذكير أن كل الأجهزة الرقابية لا تتمكن من الذهاب بعيدا في البحث عن جميع المعطيات التي تمكنها من ضبط المخالفات التي تهم عمق عمليات الصرف العمومي وذلك بالاطلاع مثلا على التحويلات المالية التي تقوم بها المقاولات المنفذة للمشاريع العمومية.

كما أنها غير قادرة على الإطلاع على ما يطرأ من تطور في حجم ثروات الأمرين بالصرف. كما أن الوسائل الموضوعة رهن إشارتها لا تمكنها من تقييم حقيقي لمستوى وجودة تنفيذ المشاريع وتكلفتها الحقيقية.

قبل عقدين كانت المفتشية العامة في أوج عطائها حيث اشتغلت على ملفات همت مؤسسات مالية و شركات عمومية ووزارات ووقفت علي خروقات وصلت إلى المحاكم وصدرت في بعضها أحكام سالبة للحرية.

والآن أصبحت هذه المفتشية كمثيلاتها تنتج تقارير تهتم في غالبها بالملاحظات الشكلية ويتم إنتاجها في أوقات قياسية بالمقارنة مع الشهور الطويلة التي تستغرقه مهام المجلس  الأعلى للحسابات. المشكلة هي أن مؤسسات الرقابة تظل سجينة مراقبة احترام المساطر والقوانين دون التركيز عن الجودة والنتيجة والتكلفة.

لا يمكن الوصول إلى نتيجة ملموسة لمحاربة التبذير و سوء التخطيط  و محاربة الرشوة وسوء التقييم و اغتناء البعض إذا لم تفتح المعلومة حيثما وجدت أمام هيئات الرقابة ومكنتها من الإطلاع على الخروقات شكلا ومضمونا. لدينا آلاف التقارير التي تملأ الرفوف والتي لا يرى فيها المواطن إلا مضيعة للوقت.

من أين لك هذا؟ لماذا لم تحقق عمليات الصرف العمومي أهدافها؟ هذه هي الأسئلة التي يمكن من خلالها تقييم الفعل الرقابي بما في ذلك تقارير المجلس الأعلى للحسابات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *