منتدى العمق

لا تنمية حقيقية بدون إشراك فعلي للشباب في مراكز القرار

إن مرحلة الشباب هي أخصب مراحل العمر وهي مرحلة العطاء وهم الثروة الثمينة التي لا تعوض وهم تاج وعز الأوطان بصلاحهم تنهض البلدان والشباب في أي مجتمع من المجتمعات عنصر حيوي في جميع ميادين العمل الإنساني والاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي وهم المحرك الرئيس الفعال لأي إصلاح أو تغيير في المجتمعات ودوماً يشكلون الرقم الأصعب في أي ثورة إصلاحية وأداة فعالة مهمة من أدوات التطور الحضاري للمجتمع وهم همزة الوصل بين الماضي والمستقبل وهم الحاضر الذي يصنع المستقبل.

عندما نتابع الاحصائيات نجد أن نسبة الشباب في أغلب البلدان تتجاوز 50% وبعضها تتجاوز 60% إلا أن مشاركتهم في صنع القرار ضئيلة جدًا وقد تكاد تكون منعدمة في بعض البلدان.

“مَن ْيرُيد المسْتَقْبلْ وَيخَطِطْ لهُ لا بُدَّ أَن يضَعْ الجِيل اَلجَدِيد في أَعلى أولَوِياتِهِ”

يرجع انكفاء الشباب المغربي عن المشاركة السياسية إلى أعطاب بنيوية في المجال السياسي انطلاقا من إرث ثقيل للماضي كانت فيه الممارسة السياسية مرادفا للاعتقال والقمع. ومع أن هنالك مجهودات جبارة بذلت لطي صفحات الانتهاكات الحقوقية عبر مصالحة وطنية وجبر للضرر، إلا أن صورة العمل السياسي مازالت تعاني من أثر الفترات السابقة.

ويعاني الحقل السياسي المغربي من ظاهرة تناسل الأحزاب المصاحبة لتماثل إيديولوجي في المرجعيات والبرامج السياسية وذلك ناجم عن صراعات داخلية متعددة حول الارتقاء في المناصب والترشيحات الانتخابية مع وجود فساد نخبوي كبير، يعيق التواصل مع المجتمع، ويضعف العرض السياسي المقدم للمواطنين. كما أن الأحزاب في المغرب تعاني من شيخوخة مهولة للقيادات ونكوصا واضحا في الديمقراطية الداخلية.

وترتبط هذه الخصائص بجذور الأحزاب التي كانت صنواً للزوايا الدينية والقبائل العشائرية ويصبح بذلك رئيس الحزب شيخاً ومريداً يتفرد باتخاذ القرارات ويبحث عن طاعة الأعضاء بدل التوافق والتشاركية في تدبير الحزب الأمر الذي يجعل مؤسسات الحزب عاجزة عن الوصل والفصل في شؤونه وتحتاج إلى هيكلة شاملة تحفظ التوزيع المتوازن للسلطات.

ومن الأمور الوثيقة الارتباط بمشكلة إنكفاء الشباب المغربي عن المشاركة السياسية الفجوةالجيلية في الأحزاب نقص ثقافة الإشــراك الإيجابي. فعلى سبيل المثال ذكر لي بعض شباب حزب…..) أن حزبهم يتشاور معهم أحيانا قبل اتخاذ قرار لكنهم ذكروا أن تلك المشاورات تكون غالبا على شكل استطلاع آراء ونادرا ما تجري في سياق جلسات الحوار والتباحث. ورغم أن استطلاع الآراء وسيلة مفيدة جدا لإرشاد عملية صنع القرار لكن الإشراك الإيجابي يجب أن يتضمن تبادل ثنائيا للمعلومات، فالشباب يتطورون في كل مرة يشاركون فيها بنشاط ويسهمون في تحسين الـقـرارات المتخذة.

لو أطلعنا على دور المنظمات الدولية في أهتمامها بالطاقات الشبابية وأخذ دورها الحقيقي في المجتمع لرأينا بأنها تنادي بذلك في كل المحافل الدولية، يقول كوفي عنان الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة عن الشباب ((المجتمع الذي يقطع نفسه عن الشباب يقطع نفسه عما يمده بالحياة، ويكون مكتوب عليه أن ينزف حتى الموت)).

عموماً فالشباب هم ثروة الشعوب الحقيقية فهم الحاضر والمستقبل، هم الأمل والطموح لكل تقدم وتنمية أكانت سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية أم ثقافية ولذلك يجب صون كرامتهم بإعادة الاعتبار لدورهم في المجتمع ومشاركتهم في الحياة السياسية والعامة.

ختاما سأقول كما يقول الكل .. لا يمكن أن نترك مستقبل المغرب مرتهنًا لمزاجية ساسته ولرعونة قراراتهم، التي أضاعت على هذا البلد فرصًا عديدة لبناء دولة القانون والمؤسسات بدل دولة الأشخاص ..ولكن كيف ؟ وماهي الأدوات ..؟ الله غالب !!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *